يزخر بنك البذور الوطني في المركز الوطني للبحوث الزراعية، بعينات بذرية يعود تاريخ أقدمها إلى عام 1927 إضافة إلى أكثر من 4000 عينه معشبية، 2000 منها تعتبر عينات معشبية تاريخية يعود عمر أقدمها إلى عام 1898 ميلادي.
ويأتي مشروع تطوير بنك البذور الوطني ضمن رؤية التحديث الاقتصادي، والخطة الوطنية للزراعة المستدامة والإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، باعتباره مشروعا وطنيا وامتدادا لبنك البذور الذي تأسس في المركز منذ عام 1993، وتجسيدا لدور وزارة الزراعة على المستويين المحلي والعالمي بما ينعكس على تطوير القطاع الزراعي بأسره.
وقال مدير عام المركز الدكتور نزار حداد لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن الأردن استدرك أهمية مواجهة مخاطر التحديات المناخية وازدياد سكان العالم بما ضاعف من استهلاك الأغذية عالميا، ولذلك جاء المركز منسجما مع خطة الحكومة التي تستند إلى الرؤية الملكية التي ستمكن الأردن من تفادي هذه الأزمات ومواجهة الحالات الطارئة غير المتوقعة، مشيرا إلى أن الجامعة الهاشمية خصصت 3 ملايين دينار لإنشاء مبنى جديد للبنك.
وأوضح الدكتور حداد، أن تأثير الأزمات الأخيرة التي عصفت بالعالم، نبهت الدول، ومن بينها الأردن التي أدركت أهمية الأمن الغذائي في المحافظة على استقرارها وأمنها، حيث نبه جلالة الملك إلى ذلك في حوار بورلوغ عام 2020 إذ كانت توصياته نبراسا وموجها للعمل العالمي والمحلي لمواجهة الأزمات وتأثيرها على الأمن الغذائي.
وسطر المركز إنجازات علمية بالتعاون مع الجامعة الهاشمية من خلال توسعة بنك البذور الوطني الذي يعد حاضنة للموروث النباتي وتجسيدا للعمل البحثي المشترك.
وأشار حداد إلى أن البنك يخدم أغراض التنمية الزراعية عبر حفظ الأنواع والأصناف النباتية القادرة على إيجاد منتج نباتي بمواصفات وجودة عالية ذات قيمة مضافة.
وأكد حداد، أن الأردن وبافتتاح هذه المركز دخل مرحلة جديدة في تاريخ البحث العلمي الزراعي والتي جاءت بتوجيهات ملكية سامية مع بداية جائحة كورونا، بالاجتماع الخاص المتعلق بالأمن الغذائي الأردني، إذ وجه جلالة الملك عبدالله الثاني المركز والجامعة الهاشمية للسير قدما في بناء هذا المشروع المشترك ليكون الأول من نوعه من حيث طبيعته العلمية وطريقة تمويله.
وأضاف، أن تصاميم المشروع جاءت بأعلى المعايير الهندسية للأبنية الخضراء وبمساحة إجمالية تقدر بـ 3170 مترا، و10 دونمات للخدمات المرافقة منها ما يستخدم لإكثار مدخلات البنك، لافتا إلى أن البنك سيزود بقاعات حديثة للتدريب ومختبرات وأجهزة مخبرية متطورة وغرف تبريد وتخزين طويل الأمد بواقع -20 درجة مئوية بدلا من 5 درجات مئوية والمعمول بها حاليا. وأشار حداد إلى دور رئيس المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا سمو الأمير الحسن بن طلال الجوهري بتكليف كوادر مديرية بحوث التنوع الحيوي في المركز الوطني بالتحقق من محتويات المعشب النباتي في بريطانيا، والاستفادة من خبراتهم ووضع مواصفات عالمية للبنك ليكون على أعلى المعايير والمواصفات العالمية لبنوك البذور . ويتمثل دور البنك في مساهمته في اختيار مختلف الأصناف الزراعية المناسبة، ولحماية مختلف مكونات التنوع الحيوي النباتي من الانقراض، فضلا عن تكريس البحث التطويري والتطبيقي لهذا البنك وحفظ أصول وراثية نباتية سيكون لها انعكاسا إيجابيا على تطوير القطاع الزراعي وتحقيق التنمية الزراعية. ويهدف المركز إلى إكثار السلالات المحلية والتوسع في زراعتها واستخدامها كمصدر جيني حيوي ومستدام لرفد الأمداد بالأصناف المقاومة والمنتجة، من أجل الصمود أطول فترة ممكنة وتجنب حدوث مجاعات ولمواجهة أي انقطاع بسلاسل التوريد لمدد طويلة بسبب جائحة وبائية أو ظرف طارىء خارجي في مكان ما وتقليل الاعتماد قدر الإمكان على البذور المستوردة “الهجينة” وذلك باستغلال الموارد المتأقلمة ضمن برامج التحسين الوراثي، لإنتاج أصناف أكثر ملاءمة للظروف المحلية، وبالتالي تقليل من نهج الإعتماد الدائم على المستورد. كما تتمتع السلالات المحلية الأصلية في الأردن وفي منطقة الهلال الخصيب عموما، وعبر جيناتها المتأقلمة طبيعيا، وتطورها الطبيعي أو بفعل الإنتخاب الإنساني الطبيعي من المزارع المحلي عبر قرون من الزمان، وتتميز بالمقاومة للآفات وتحملها للجفاف وشح المياه وبالتالي يجب المحافظة عليها تطويرها وإكثارها كاستجابة لتحديات نقص المياه والتغير المناخي وهو هدف استراتيجي آخر بالغ الأهمية. يذكر، أن دور المركز، يتمثل بالنهوض بالقطاع الزراعي على الصعيدين المحلي والدولي، ويعتبر مؤسسة بحثية زراعية نموذجية في التطور والتحديث ومواكبة التطورات العلمية ما جعله نموذجا ومنارة يحتذى به.