باتت غالبية المطاعم السياحية في مدينة العقبة، مهددة بالاغلاق الجزئي على أقل تقدير، بعد أن اقتربت من مرحلة الاستنزاف نتيجة الركود المستمر الذي يشهده الموسم السياحي الحالي الذي غابت عنه السياحة الخارجية بعد أن ألغت المكاتب السياحية حجوزات الرحلات على إثر الأوضاع الأمنية غير المستقرة بالمنطقة.
وتعتمد هذه المطاعم بنسبة كبيرة على السياحة الخارجية، وبنسبة قليلة على السياحة الداخلية التي تأثرت هي الأخرى بالأوضاع وتشهد تراجعا غير مسبوق.
ويبلغ عدد المطاعم السياحية المصنفة من قبل سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة نحو 70 مطعما سياحيا، يقدر عدد العمالة المحلية والأجنبية فيها
بـ 750 عاملا، تشكل نسبة العمالة الاجنبية %5.8 ، فيما يبلغ عدد المشتغلين في جميع المنشآت والأنشطة السياحية المختلفة في العقبة ما يقارب 4000 عامل، 2525 عاملا فقط في القطاع الفندقي، حسب إحصائية العام الماضي 2023 الصادرة عن وزارة السياحة وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.
الجهات الرسمية والسياحية وفي خطوة لتدارك الأمور والحد من أثر تراجع الإقبال على المنشآت السياحية بما فيها الفنادق والمطاعم والنقل السياحي الترفيهي، كانت بدأت بالعمل من خلال برامج لتعويض الخسائر التي تتكبدها تلك المنشآت، ومنها برنامج موسم العقبة للتخفيضات الذي استهدف السياحة المحلية بالتعاون مع غرفة تجارة العقبة، بالإضافة إلى استمرار برنامج أردننا جنة، غير أن تلك البرامج لم تنعكس على المطاعم السياحية بسبب تغير النمط الاستهلاكي للسائح المحلي الذي يعاني أصلا من ضعف قدرته الشرائية.
من جانبهم، يبين أصحاب مطاعم سياحية أن تلك البرامج لم تنعكس كثيرا على منشآتهم، مؤكدين أن نسبة أقل من 30 % فقط من السياح المحليين، يقبلون على المطاعم السياحية، ويبقى الاعتماد الأساسي والكبير على حجوزات القروبات السياحية من الدول الأوروبية المختلفة والتي ألغيت جميعها بسبب التوترات في المنطقة، ما أدى إلى تراجع كبير في الإقبال على المطاعم السياحية.
وبين أصحاب مطاعم أن معظم منشآتهم مهددة بالإغلاق نتيجة تراكم الخسائر التي لحقت بهم بعد الحرب على غزة والبعض الآخر توقف مؤقتا عن العمل، لافتين إلى أن بعض المطاعم أجبرت على تسريح عدد من عمالتها لعدم قدرة أصحابها على دفع رواتب العاملين.
وأشاروا إلى أن الكلف التشغيلية كبيرة على القطاع في ظل استمرار تراجع الإقبال، وعلى رأسها رسوم تجديد الرخص، إضافة إلى الرواتب والأجور وأثمان فواتير الطاقة والماء، فضلا عن كلف الضمان الاجتماعي ومدخلات الإنتاج، مطالبين الجهات المعنية بأهمية تخفيض الرسوم والضرائب كنوع من أنواع الدعم للقطاع السياحي بشكل عام والمطاعم بشكل خاص لحين تجاوز هذه الأزمة.
وأشار صاحب مطعم سياحي علاء خوري إلى أن منشآته باتت مهددة بالإغلاق أو التوقف المؤقت نتيجة تراجع الإقبال الكبير، مؤكدا أنه وقبل الحرب كان قد زاد من حجم العمالة عنده، بناء على مؤشرات بأن الموسم سيكون من أقوى المواسم، وهو ما تؤكده الحجوزات المرتفعة، إلا أن الأحداث في المنطقة أجبرت أسواق السياحة العالمية على إلغاء كامل الحجوزات لدى المنشآت السياحية والتي تعتمد عليها المنشآت بنسبة 80 – 90 %.
ودعا الجهات المعنية الى ضرورة التدخل والوقوف إلى جانب القطاع ودعمه من خلال تأجيل القروض البنكية بدون فوائد وتقديم تسهيلات إلى القطاع، إضافة إلى مشاركة الضمان الاجتماعي للمنشآت السياحية التي تضررت جراء هذا الاعتداء على غزة وكافة الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبين عامل في أحد المطاعم السياحية المصنفة، محمد الدباس، أنه اضطر لتقديم إجازة بدون راتب بسبب حالة الركود التي يعاني منها القطاع وغياب شبه كلي للنشاط السياحي.
وقال إنه “يجلس الآن في المنزل بدون عمل، كما باقي أصدقائه، الذين إما فقدوا عملهم نتيجة تراجع الإقبال على المطاعم والمنشآت السياحية المختلفة في العقبة، أو تقدموا بإجازات مفتوحة عن العمل لحين أن تستعيد السياحة عافيتها”.
وأكد مدير مطعم سياحي أحمد جلال أن جميع المطاعم في المملكة تعاني تراجع الإقبال لكن أكثرها في المحافظات خاصة في العقبة، والتي تعتمد على السياح من أسواق السياحة العالمية، مشيراً إلى أن مطعمه تراجع نشاطه بنسبة 80 %، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بسبب الأحداث التي أدت إلى الغاء كافة الحجوزات السياحية، داعيا الحكومة للوقوف الى جانب القطاع، خاصة المنشآت المتضررة نتيجة الأحداث كما فعلت إبان جائحة كورونا.
وتشير البيانات الصادرة عن البنك المركزي إلى تحقيق الدخل السياحي خلال العام الماضي 2023، ارتفاعا بنسبة 27.4 % لتبلغ قيمته 7.4 مليار دولار، مدفوعا بارتفاع عدد السياح الذي وصل إلى 6.353 مليون وبنسبة نمو بلغت 25.8 %.
وكان وزير السياحة والآثار مكرم القيسي، قد أكد خلال لقاء إعلامي استضافه منتدى التواصل الحكومي، بتنظيم وزارة الاتصال الحكومي أن الأزمة التي يمر بها الأردن والتداعيات السلبية على الاقتصاد الكلي وعلى قطاعات كثيرة منها قطاع السياحة، جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم على أهلنا في غزة وفلسطين المحتلة، ليست الأولى التي يتعرض لها الأردن خلال العقود الماضية.