فيما أجمع خبراء في قطاع العقار على أن ارتفاع الكلف يؤدي إلى ثبات أسعار الشقق “ضمن نطاق مرتفع”، أكدوا أن هنالك مجموعة من الحلول المتاحة للتقليص من هذا الارتفاع.
وبين الخبراء أن تضخم أسعار الأراضي وارتفاع أثمان الحديد والإسمنت وأجور العاملين بشكل عام، إضافة إلى تعقيد إجراءات الترخيص وإذن الاشغال وغيرها، من شأنه أن يطيل دورة رأس المال، وذلك يعني زيادة فترة استرداده أو تحصيل الأرباح، بحسب الغد.
ودعا الخبراء، أمانة عمان الكبرى والبلديات، الى إدخال أراض جديدة داخل التنظيم وإيصال الخدمات إليها، في خطوة تهدف إلى تخفيف ضغط الطلب عن مناطق معينة، ما من شأنه أن يخفض أسعار الأراضي التي تشكل زهاء 60 % من كلف العقار النهائي. كما لفتوا إلى أهمية فتح باب استيراد مادتي الحديد والاسمنت، ما سيؤدي حتما الى انخفاض أسعارهما، وهما أساسيتان في البناء.
وطالبوا بإعادة النظر في ضريبة المبيعات المفروضة على القطاع عموما وعلى مدخلات الإنتاج تحديدا.
وشددوا أيضا على أهمية إعادة النظر بالتشريعات الناظمة للقطاع والسماح ببناء طابق خامس وتسريع إجراءات الترخيص وأذونات الإشغال، وغيرها من إجراءات في مؤسسات أمانة عمان الكبرى وسلطة المياه وشركة الكهرباء والبلديات.
الناطق الاعلامي باسم جمعية حماية المستهلك د.حسين العموش، أكد أن أسعار الشقق الجديدة مرتفعة بسبب ارتفاع الكلف على المستثمرين وبسبب ارتفاع كلف القروض. ويرى العموش أن موضوع السكن في الأردن من الحاجات الأساسية، ومرتبطة بالأمن الاجتماعي والاقتصادي، ومن واجب الدولة توفير السكن للمواطنين، داعيا الحكومة الى حلول خارج الصندوق للتقليل من كلف الإسكان.
وأشار الى مذكرة سابقة قدمتها الجمعية للحكومة، تطالب فيها بإعفاء جميع الشقق لأول مرة، ومهما كانت مساحتها، من رسوم دائرة الأراضي والمساحة.
واقترح العموش عددا من الحلول التي تسهم في التقليل من كلف الشقق وتساعد المواطنين على شراء شقق أو بناء مساكن، مؤكدا أن أي مبلغ تخفف فيه الحكومة على المواطن سيذهب الى تنشيط دورة السوق.
ومن المقترحات، حسب العموش؛ تخفيض ضريبة الدخل على البنوك مقابل تقديم قروض بفوائد متدنية لغايات شراء شقق للسكن، وتوزيع قطع أراض مجانية للمواطنين في أطراف المدن، شريطة بناء سكن عليها خلال مدة محددة، ما يخفف من الازدحامات داخل المدن ويخفف الضغط عليها ويساعد على إحداث تنية مستدامة.
ودعا الحكومة الى تشجيع إقامة الجمعيات الإسكانية وإعفائها من الرسوم، ووضع سقف سعري للمواد الأساسية للبناء.
عضو مجلس إدارة غرفة تجارة الأردن ممثل قطاع الإنشاءات ومواد البناء م.إبراهيم النوايسة، أكد أن سبب ارتفاع الأسعار يعود إلى الكلف المرتفعة في ظل مبيعات قليلة ومصاريف مرتفعة.
وأشار النوايسة إلى أن أثمان الأراضي، التي تشكل نحو 60 % من كلفة الإسكان، مرتفعة، ولا تشهد أي انخفاض وغير مبررة، فضلا عن ارتفاع الكلف الإدارية والرسوم، داعيا أمانة عمان والبلديات الى إدخال مناطق جديدة للتنظيم وإيصال الخدمات اليها، لتوفير قطع أراض بأسعار معقولة، ما يؤدي الى انخفاض كلفة الإسكان، وبالتالي انخفاض أسعار الشقق الجديدة.
وبين أن أسعار الإسمنت والحديد، على الرغم من استقرارها، إلا أنها مرتفعة، في ظل حصر المنافسة في المنتج الأردني وعدم فتح باب الاستيراد لهاتين المادتين الأساسيتين في البناء.
وتطرق النوايسة الى إجراءات الترخيص وأذونات الاشغال والكهرباء والمياه التي تطيل دورة استرداد رأس المال، على الرغم من أن أثرها على الأسعار ثانوي.
ويرى أن ضريبة الدخل على إيرادات القطاع وارتفاع ضريبة المبيعات على مدخلات الإنتاج، ينعكسان سلبا على الكلفة، وبالتالي على أسعار البيع.
المدير التنفيذي لموقع “عقاري جو” محمد عبد الخالق، يشير إلى أن هامش الربح لدى المستثمرين انخفض نحو 10 %، وهو هامش قليل إذا تم الأخذ بعين الاعتبار ارتفاع الكلف، وأن الاستثمار في بناء الإسكان يحتاج وقتا للبيع وتحقيق العائد.
وقال عبد الخالق “ارتفاع سعر العقار يعود لأسباب عدة، منها ارتفاع سعر الأرض وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج إثر جائحة كورونا، ما رفع أسعار الشقق بنسبة تزيد على 15 %، فضلا عن أن تعديل قانون الأراضي والمساحة رفع الرسوم 3-6 %، والعبء الضريبي والرسوم المرتفعة على الاستثمار في العقار”.
وانخفض الإقبال على الشقق الجديدة مقابل ارتفاعه على الشقق المستعملة، إثر زيادة العرض عليها بسبب عجز المقترضين عن سداد أقساط البنوك بسبب رفع سعر الفائدة، ما أدى الى انخفاض أسعار الشقق المستعملة، وفق عبد الخالق.
من جهته، أكد النائب السابق لرئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان م.منير أبو عسل، أن انخفاض حركة تداولات سوق العقار كان نتيجة تراكمات، مثل ارتفاع كلف الاقتراض وحالة الترقب، في ظل توقعات بانخفاض أسعار القروض في آذار (مارس) المقبل، معتبرا أن حالة الترقب تصيب السوق بالجمود.
ويرى أبو عسل أن ارتفاع أسعار الشقق سببه ارتفاع مدخلات الإنتاج، بداية من ارتفاع أسعار الأراضي التي تشكل ما نسبته 60 % من كلفة بناء الإسكان، لا سيما الاسمنت والحديد، ما يؤثر على الإقبال على شراء الشقق في ظل تدني القدرة الشرائية للمواطنين.
واعتبرا أبو عسل، أن هناك غيابا لمنظومة عمل للحد من ارتفاع أسعار العقار تتجه لخفض العبء الضريبي وإعادة النظر في التشريعات أو إدخال أراض جديدة الى التنظيم لتخفيض أسعار الأراضي أو السماح ببناء طابق خامس يقلل من كلفة الإسكان.
وقال “المستثمرون يقومون بدور الحكومة في تأمين السكن للمواطن”، مؤكدا أن القطاع الذي يدفع 25 % ضريبة دخل يحتاج الى حوافز ضريبية وتقديم تسهيلات بنكية وتخفيض الفوائد على القروض لشراء الشقق الصغيرة.
من جانبه، دعا الرئيس السابق لجمعية المستثمرين في قطاع الإسكان فواز الحسن، الى إعادة النظر في العبء الضريبي والتشريعات المرتبطة بالقطاع، فضلا عن الإجراءات والسماح ببناء طابق خامس.
وأشار الحسن الى دراسة أعدتها مجموعة طلال أبو غزالة لصالح الجمعية، بينت أن 36 % من كلفة البناء تعود كضرائب ورسوم لخزينة الدولة، مقدرا أن عوائد دائرة الأراضي والمساحة من الرسوم تصل الى نحو 200 مليون دينار.
وقال “القطاع الخاص يحمل عبء توفير السكن عن الدولة والذي هو من واجبات الحكومة”، داعيا الى تخفيف العبء الضريبي وتعديل التشريعات لهذا القطاع المهم الذي يوفر أمن السكن، فضلا عن العوائد على الخزينة من الاستثمار بهذا القطاع الذي يدفع ما نسبته 25 % ضريبة دخل من عقد بيع أي شقة.
وأشار الحسن إلى أن معاملات الترخيص وأذونات الاشغال ومعاملات المياه والصرف الصحي والكهرباء تأخذ وقتا طويلا، فضلا عن أن شركة الكهرباء تشترط وجود محولات كهرباء في بعض الإسكانات في الطابق الأرضي.
ويرى أن القيمة التقديرية للأراضي مبالغ فيها، ما يزيد الكلفة على المستثمر، إذ إن سعر الأرض يشكل نحو 60 % من كلفة الإسكان.
ودعا الى السماح ببناء طابق خامس وإدخال أراض الى التنظيم وإيصال الخدمات لها، لتؤدي الى انخفاض أسعار الأراضي، وبالتالي تقليل الكلفة على المستثمر في قطاع الإسكان، وانخفاض أسعار الشقق، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج الرئيسية، مثل الإسمنت والحديد.