بقلم: د. حازم قشوع
بذات الاجواء التى شهدتها الولايات المتحدة من طاقة وحيوية تخيم على الانتخابات الأمريكية، أجواء المواطنة والتغيير التى تحمل معاني العزيمة و الاصرار بحلة جديدة تقوم على تقديم أول امرأة للمكتب البيضاوي بلون هندى جامايكي من طبقه متوسطه، كانت قد نجحت بالسابق عندما كانت أول امرأة عينت قاضي ومدعي عام في كاليفورنيا كما كانت أول نائب لرئيس الجمهورية، وتريد ان تدخل للمكتب البيضاوي كأول رئيس للولايات المتحدة تماما كما فعل اوباما عندما حقق هذا الإنجاز الاستثنائي بالعام 2008.
واستذكر فى حينها عندما وردتني الدعوة من رئيس المكتب السياسي في الحزب الديموقراطي مادلين اولبرايت لحضور المؤتمر كم كانت أجواء الحزب مفعمه بالحيويه وكانت المسابقة داخلية بين مشتدة بين هيلاري كلينتون وباراك أوباما وكان كلاهما يمثل حالة المواطنة لكن كاريزما أوباما في حينها كانت طاغية وكان التوجه تجاه ظاهرة أوباما التي أصبحت تشكل عنوان تحرك وحركة داخل أروقة الحزب.
لتعود وتأتي هذه الظاهره مع جو بايدن فيما بعد إلا أن العمر وكاريزما القيادة لم تسعفه وإن كان يحمل حكمه ودرايه شامله وواسعه وهو المحسوب على اقصى يمين الحزب وليس على اقصى يساره كالتى تشكلها ظاهره كامالا هاريس وهذا ما يجعل وجعل من الحزب الديموقراطي يتفوق على نفسه فى الترتيب والتنظيم وحسن الأداء بعد دخول فريق أوباما للحملة الانتخابية لتقدم هذه الفرقة نجاح مبهر بالتنظيم وحسن الاختيار كما في صياغة المحتوى وتقديم الرسالة.
خطاب المرشحه الرئاسيه هاريس جاء قوي ومباشر ولم يبتعد عن الموضوعات الساخنة، بل قام بمواجهتها كما يفعل القاضى المتمكن دائما يصدر قرارات بيد لا ترتجف حتى لو كانت صعبة فلقد بينت توجهاتها تجاه أوكرانيا ودعمها المطلق لحلف الناتو الذي يشكل الاردن مركزه الرئيس في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، كما أعلنت بشكل واضح وصريح ضرورة وقف القتال في غزة وبيان موقفها تجاه حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، هذا اضافة الى حق إسرائيل في الامن، وهذا هو ما يريده الجميع على ان يتم اعلان قبول فلسطين عضوا عاملا في الأمم المتحدة من على القرارات الأممية ذات الصلة كما جاء في قرار المكتب السياسي الذى أكد على ذلك و مازال يؤكد على مبدأ حل الدولتين.
خلاصة الأمر هاريس باتت تشكل ظاهرة هى والكابتن تيم والز الذى ابدع فى خطاب قبوله بطاقة الترشح بالأمس، لكن هاريس اليوم أظهرت قوة استثنائيه فى بيان الخطاب الذي جاب حول نشأتها كما بين شخصيتها واظهر دفاعها الشديد عن الطبقة المتوسطة من العمال وأصحاب المهن وايمانها العميق بضرورة توسيع مظلة التأمينات لتكون الطبقة المتوسطة حيوية قادرة لمنع الاحتكار من قبل أرباب العمل أو استفحال الشركات الكبرى فى المجتمع الأمريكي، وهو البرنامج الذي يحظى بقبول واسع ويشكل ظاهرة اقتصادية تماما كالتظاهرة الاجتماعية التي تطلقها هاريس في توسيع مظلة التأمينات بحصول كل مواطن أمريكي على سكن وهو البرنامج الذى جعلها تصبح متقدمة فى كل استطلاعات الرأي وبفارق وصل إلى ثلاث نقاط لأول مرة منذ دخولها قبل شهر في حلبة السباق الرئاسي.
وبعد إسدال الستارة عن مؤتمر الحزب الديموقراطي اليوم تكون كامالا هاريس ودونالد ترامب مرشحين رئاسيين، وهذا ما يعنى دخول الولايات المتحدة فى الغرفه الرمادية والتي تتوسع فيها التكهنات ويدخل فيها الجميع لاختيار الزعيم القادم للدولة الأكثر نفوذا فى العالم، وان كانت الكفة تميل لصالح هاريس لكن اصوات الترجيح مازالت متقاربة لأنها تدخل فيها حسابات كثيرة سياسية واستراتيجية بين معسكر السلاح الذي تتزعمه هاريس، ومعسكر المال الذي يتزعمه ترامب، كما بين معسكر المواطنة التي تتزعمه هاريس ومعسكر الوطنية الذي يقوم على العرقية لترامب، وفي النهايه فالأمر سيبقى مناط ببيت القرار صاحب الولاية التقريرية لبيان الأمر تماما كما يقوم الشعب الامريكي ببيان الحالة الإقرارية التى لا تقوم على الأصوات الشعبية فحسب بل على أصوات الولايات.
فهل تعود أمريكا للوراء أم أنها ستعيد رسم التاريخ بظاهرة “كامالا – أوباما”، هذا ما ستجيب عنه قادم الأيام التي ينتظر أن تحمل الكثير من المفاجئات بعدما حددت كامالا هاريس مواقفها من كل القضايا بطريقه واضحه وجليه، فهل ستدخل الولايات المتأرجحة بظلال خارجية كما فعلت روسيا فى السابق عندما تفوق ترامب على كلينتون بأصوات الولايات مع أن كلينتون كانت متفوقة بالأصوات الشعبيه، ام القاضية هاريس رمت بحجر فى حاضنه القياس لتصدر أمر البينة وتحسم المعركة من أول مناظرة مع بداية أيلول القادم، وهو أمر غير مستبعد عن ظاهرة كامالا هاريس.