استنكرت دول عربية وجهات أجنبية المجزرة الإسرائيلية الجديدة إثر قصف خيام نازحين في رفح جنوبي قطاع غزة تسبب أمس الأحد في سقوط 35 شهيدا -بينهم نساء وأطفال- وإصابة العشرات.
واستهدفت الغارات مخيما للنازحين بالقرب من مستودعات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) قرب منطقة تل السلطان، مما أدى إلى انتشار الحرائق في مساحات واسعة.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مجزرة بشن غارات على مناطق سبق له أن أجبر النازحين في رفح على التوجه إليها على أساس أنها مناطق آمنة.
وعبّرت دولة قطر عن إدانتها بأشد العبارات القصف الإسرائيلي، وعدّته انتهاكا خطيرا للقوانين الدولية من شأنه أن يضاعف الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع المحاصر.
وشددت وزارة الخارجية القطرية في بيان اليوم الاثنين على ضرورة التزام السلطات الإسرائيلية بقرار محكمة العدل الدولية الداعي لوقف الهجمات العسكرية على رفح، ودعت المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل للحيلولة دون ارتكاب جريمة إبادة جماعية، وتوفير الحماية التامة للمدنيين، ومنع قوات الاحتلال من تنفيذ مخططاتها الرامية لإجبارهم على النزوح القسري من المدينة التي أصبحت ملاذا أخيرا لمئات الآلاف من النازحين داخل قطاع غزة.
وأعربت الوزارة عن قلق دولة قطر من أن يعقّد القصف جهود الوساطة الجارية، ويعيق التوصل إلى اتفاق لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين، مما يفاقم آثار هذه الحرب وانعكاساتها على الأمن الإقليمي والدولي.
بدورها، وصفت الخارجية المصرية ما جرى في رفح أمس الأحد بأنه “حادث مأساوي”، وطالبت مجلس الأمن الدولي بالتدخل لضمان إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والعمليات بمدينة رفح.
واعتبرت الوزارة في بيان أن القصف الإسرائيلي يعد “انتهاكا جديدا وسافرا لأحكام القانون الدولي الإنساني وبنود اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب”.
وشددت على أن المجزرة تعد “إمعانا في مواصلة استهداف المدنيين العزّل والسياسة الممنهجة الرامية لتوسيع رقعة القتل والدمار في قطاع غزة لجعله غير قابل للحياة”.
ونبهت إلى “حتمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته القانونية والإنسانية تجاه توفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين، ومنع تعريضهم لمخاطر تهدد حياتهم”.
من جانبها، طالبت الخارجية الكويتية بـ”تدخل فوري وحازم من المجتمع الدولي” لإلزام قوات الاحتلال الإسرائيلي بالانصياع “لكافة قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها قرار محكمة العدل الدولية الواضح والصريح بضرورة وقف استهداف مدينة رفح، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني”.
ودعا الأردن إلى محاسبة المسؤولين عن الهجوم الإسرائيلي الجديد، وذكر بيان لوزارة الخارجية وشؤون المغتربين أن الهجوم الإسرائيلي “تحد صارخ لقرارات محكمة العدل الدولية وانتهاك جسيم للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني”.
وأكدت الوزارة أن هذه الممارسات تمثل “انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتتنافى مع كافة القيم الإنسانية والأخلاقية، وتمثل جرائم حرب على المجتمع الدولي بأكمله التصدي لها ومحاسبة المسؤولين عنها”.
ودعت إلى “تأمين الحماية للمدنيين العزّل في غزة ولمنظمات الإغاثة وموظفيها، خاصة الأونروا التي تقوم بدور إنساني كبير” في تقديم المساعدات الإنسانية والخدمات للفلسطينيين.
البرلمان العربي
ومن القاهرة، استنكر البرلمان العربي “المجزرة البشعة التي قام بها كيان الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين في مخيمات النازحين برفح”، مؤكدا أن “كيان الاحتلال تجاوز كل القوانين والأعراف والقرارات الدولية والشرعية التي تدعو إلى وقف فوري للعدوان ووقف الهجوم العسكري على مدينة رفح، في تحد سافر وانتهاك صارخ لكل القرارات”.
وأكد البرلمان العربي -في بيان نشره اليوم- أن “عدم محاسبة كيان الاحتلال على جرائمه والمجازر التي يرتكبها بحق أبناء الشعب الفلسطيني وعدم اتخاذ أي إجراءات رادعة ضده يجعلانه يمعن في القتل والتدمير”.
وأشار إلى أن “مواقف الدول الداعمة لكيان الاحتلال -وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية- هي السبب الرئيسي لاستمراره في ارتكاب مزيد من الجرائم والمجازر، بما فيها مجزرة رفح والتي راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، بينهم أطفال ونساء”.
وكانت الرئاسة الفلسطينية قد وصفت استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي خيام النازحين في رفح بأنه “مجزرة فاقت كل الحدود”، وطلبت تدخلا عاجلا لإيقاف هذه الجرائم التي تستهدف الشعب الفلسطيني.
واعتبر الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن ارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلي تلك المجرزة “تحد لجميع قرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها قرار محكمة العدل الدولية الواضح والصريح بضرورة إيقاف استهداف مدينة رفح وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني”.
فرض عقوبات
من جانبها، اعتبرت وكالة الأونروا أن الصور المروعة من مجزرة رفح وسقوط عدد كبير من الضحايا -بينهم أطفال ونساء بين القتلى- دليل على أن غزة “جحيم على الأرض”.
وأكدت مقررة الأمم المتحدة المعنية في فلسطين فرانشيسكا ألبانيز أن قصف إسرائيل مخيم النازحين في رفح “تحد صارخ للقانون والنظام الدوليين”، ودعت إلى فرض عقوبات على إسرائيل لإنهاء “الإبادة الجماعية”.
وقالت ألبانيز في منشور عبر منصة “إكس” إن “الإبادة الجماعية في غزة لن تنتهي بسهولة دون ضغوط خارجية”، مضيفة “يجب على إسرائيل أن تواجه العقوبات والعدالة وتعليق الاتفاقيات والتجارة والشراكة والاستثمارات، فضلا عن تعليق مشاركتها في المنتديات الدولية”.
ومنذ 6 مايو/أيار الجاري تشن إسرائيل هجوما بريا على رفح أجبر ما لا يقل عن 810 آلاف فلسطيني على النزوح من رفح التي كان يوجد فيها نحو 1.5 مليون شخص، بينهم نحو 1.4 مليون نازح من مناطق أخرى في القطاع.
وخلّف العدوان الإسرائيلي على غزة المستمر منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أكثر من 116 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.