قبل سنوات طفت على الساحة الأردنية ظاهرة بيع الرواتب التقاعدية، من قبل بعض المواطنين الآخرين؛ بهدف الحصول على سيولة، وعبر سماسرة نشطوا في هذا الميدان بقوة، لتتشكل ملامح سوق سوداء، وصفتها سلطات الأردن بأنها غير قانونية ومقامرة غير محسوبة النتائج.
تقلصت الظاهرة كثيراً منذ جائحة كورونا؛ لكنها عادت لتطل برأسها مجدداً كواحدة من أبرز تجليات المعاناة المالية والاقتصادية للمواطن الأردني، وضعف المداخيل وثباتها مقابل ارتفاع يطاول كل شيء تقريباً.
وفي هذا المجال كتب خبير التأمينات والحماية الاجتماعيةالإعلامي والحقوقي/ موسى الصبيحي – تواصل معي متقاعد ضمان من القطاع العام كان قد أُنهيت خدماته قبل عامين من إحدى الوزارات دون طلبه بسبب إكماله شروط استحقاق راتب التقاعد المبكر على عمر (47) سنة، وحصل على راتب تقاعد مبكر مقداره (510) دنانير، ويسألني هل يجوز قانوناً أن أبيع راتبي التقاعدي.؟!
سألته لماذا وكيف وبكم ستبيعه.؟
وأجاب بأن ظروفه المادية صعبة وأسهبَ في شرحها، وأنه تم إنهاء خدماته قسراً في سن مبكرة فانخفض دخله كثيراً وحصل على راتب تقاعد مخفّض كونه مبكراً، وأن لديه التزامات أسريّة وأبناء وبنات على مقاعد الدراسة الجامعية، وقال بأنه يفكر في بيعه بمبلغ يتراوح ما بين (15 – 20) ألف دينار، وأنّ هناك مَنْ يساومه على شرائه، وبأنه سيحرر كمبيالات للمشتري بقيمة الراتب الشهري لمدة عشرين عاماً..!!!
أجبته بغلظة بأن هذا التصرف غير قانوني وغير شرعي أيضاً، وحاولت إقناعه بأن الراتب الشهري المخصص له هو حقه وحق أسرته، وأن المبلغ الذي سيحصل عليه مقابل بيعه لعشرين عاماً سيذهب في غضون مدة قصيرة جداً، فكيف سيتدبّر أموره بعد ذلك، ناهيك عن أن هذا المبلغ زهيد، وأنه لا يعادل سدس مقدار الرواتب التقاعدية التي سيحصل عليها خلال عشرين سنة.. كما أبلغته أن أي اتفاق يمكن أن يتم بينه وبين المُشتري “المُفترَض” هو اتفاق غير معترف به لا من قبل مؤسسة الضمان الاجتماعي ولا من قِبل أي جهة رسمية، وأنه نوع من المقامرة والمغامرة غير محمودة العواقب للطرفين “البائع والمشتري” بالتأكيد.!
حذّرته وحذّرته وحذّرته من مغبّة الإقدام على هذا السلوك وبأنه سيندم كثيراً لو فعل، وآمل أن يكون قد اقتنع من كلامي وأخذ بنصيحتي..
فحذارِ حذارِ من مثل هذه الممارسات التي لا يُبرّرها أي سبب أو ظرف بيعاً أو شراءً.!