تعمل إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، على وضع خطة لنقل كميات كبيرة من المساعدات إلى غزة عبر البحر، لكن من غير الواضح، كيف سيتم ذلك في ظل تأكيد البنتاغون عدم وجود خطط لنشر قوات أميركية على الأرض في القطاع.
وهناك عدة خيارات تقنية للقيام بذلك، رغم أن البنتاغون لم يعط أي إشارة حول طريقة مشاركته في العملية برمتها، ورغم أن تفاصيل العملية لم تتضح بعد.
ممر بحري.. أو ميناء مؤقت
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، الاثنين، إن الولايات المتحدة تعمل على إدخال المساعدات إلى غزة عبر أكبر عدد ممكن من القنوات للتخفيف من الكارثة الإنسانية هناك، واصفا الوضع بأنه “لا يطاق”.
وأضاف ميلر أن واشنطن متفائلة بأن طريقا بحريا جديدا لتوصيل المساعدات إلى غزة يمكن أن يكمل الجهود الحالية لإيصال المساعدات إلى القطاع، مشيرا إلى أن هذا الطريق “لا يزال في مرحلة التطوير”.
لكن من غير الواضح كيف ستدخل المساعدات دون وجود عسكري أميركي لتسهيل ذلك، بما في ذلك إنشاء ميناء مؤقت، خصوصا وأن المتحدث باسم البنتاغون، باتريك رايدر، قلل من شأن مثل هذا الاحتمال عندما سئل، الثلاثاء، عما إذا كانت هناك حاجة لقوات أميركية لتأمين ميناء أو أي موقع آخر لتوزيع المساعدات على الأرض.
وقال رايدر خلال مؤتمر صحفي “في الوقت الحالي لا توجد خطط لنشر قوات أميركية على الأرض في غزة”.
عن طريق السفن؟
وشهدت الأيام الأخيرة زيادة في الجهود الأميركية لتقديم المساعدات إلى غزة، حيث قتل عدد كبير من المدنين منذ بداية العمليات العسكرية الإسرائيلية في أكتوبر الماضي.
وبدأت الولايات المتحدة إسقاط المساعدات باستخدام الطائرات العسكرية، وتدرس حاليا إمكانية توفير الغذاء والإمدادات عبر البحر.
وبالرغم من أن السفن قادرة على حمل كميات أكبر من المساعدات من الطائرات أو الشاحنات، إلا أن التسليم عبر البحر يتطلب تخطيطا ودعما لوجستيا، بما في ذلك البنية التحتية على الشواطئ ودعم من الحلفاء والشركاء لعملية.
ومن غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل ستدعم عملية نقل المساعدات عبر البحر، حيث تعبر عن قلقها من إمكانية تعرض المساعدات للاعتراض من قبل حركة حماس، وتشير إلى خطر استخدامها لأغراض عسكرية.
عبّارة؟
تشمل الخيارات المطروحة أيضا، إرسال إحدى السفن الحربية التابعة للبحرية الأميركية لنقل المساعدات، وهو خيار يتطلب تخطيطا دقيقا وتنسيقا معقدا، لا سيما في ما يتعلق بتأمين الشاطئ وتوزيع المساعدات.
وهناك خيارات أخرى غير عسكرية، مثل استئجار سفينة مدنية، أو حتى عبارة متعاقد عليها، كما قال مسؤول في وزارة الدفاع، وفق ما نقلت عنه مجلة “بوليتيكو”.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية، وفق “بوليتيكو” إن الولايات المتحدة تعمل مع قبرص وشركاء آخرين بشأن قائمة كاملة من الخيارات لإنشاء ممر بحري.
وبحسب المصدر ذاته، سافر رئيس أركان مجلس الأمن القومي، كورتيس ريد، إلى قبرص في يناير لفحص بنيتها التحتية لتحميل وإرسال المساعدات إلى غزة.
وقال المسؤول في الصدد “ستكشف كل السبل، وكل القنوات، لإيصال المساعدات إلى غزة، أعتقد أن ذلك يدل على مدى خطورة الوضع هناك”.
دور إسرائيل
من غير المحتمل أن يتم تنفيذ أي عملية مساعدة عبر البحر دون وجود دعم لوجستي وأمني من جانب إسرائيل، خصوصا أنه من غير المرجح أن تشارك القوات الأميركية مباشرة في هذه العملية.
لذلك، ستحتاج الولايات المتحدة إلى الاعتماد على إسرائيل لإنشاء منطقة أمنية، للحماية من أي هجمات من قبل حماس، ولمنع المدنيين اليائسين من مهاجمة زوارق الإنزال.
وسيحتاج الطاقم أيضا إلى تنسيق توزيع البضائع مع منظمات الإغاثة، التي يتمتع بعضها بعلاقات هشة مع إسرائيل.
والوضع الأمني المعقد في غزة يضع هذه التحديات أمام أي محاولة لتقديم المساعدات، وقد يتطلب الأمر تنسيقا دوليا واسع النطاق لتحقيق النجاح في هذا الصدد.
وقال رايدر بالخصوص، وفق صحيفة “ذا هيل” إن الولايات المتحدة تدرس إقامة ممر بحري لإيصال المساعدات إلى غزة عبر البحر “بالتنسيق مع الوكالات الأميركية والشركاء الدوليين”.
وتابع أن البنتاغون يقوم “بمراجعة نشطة لخيارات الممر البحري للمساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك الخيارات التجارية والتعاقدية المحتملة”.
ولم يتحدث رايدر عن الخيارات التي تتم مراجعتها لكنه كشف أن الجيش الأميركي “سيقوم فقط بدور داعم” في تقديم المساعدات، وهو جهد ترأسه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وقال: “إذا شاركنا، فسيكون ذلك في شكل قدرات فريدة لوزارة الدفاع.. سنواصل العمل مع الوكالات المشتركة بشأن الشكل الذي قد يبدو عليه الأمر في المستقبل”.
وأجرت الولايات المتحدة، بمساعدة الأردن، عمليتي إسقاط جوي لإيصال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة، واحدة السبت والأخرى في وقت سابق من الثلاثاء، لكن هذه الطريقة تعتبر مكلفة وغير فعالة.
وأسقطت طائرات أميركية من طراز C-130 أكثر من 36800 وجبة طعام أميركية وأردنية مكافئة في شمال غزة في أحدث جهد، وفقا لبيان صادر عن القيادة المركزية الأميركية.
ولم تكلف البحرية الأميركية بعد بإنشاء طريق بحري لتوصيل المساعدات إلى غزة، على الرغم من أن هناك “الكثير من الخيارات” إذا تم قبول الطلب.
تعقيدات تقنية
مجموعة “يو.أس.أس.باتان” البرمائية، التي أرسلها البنتاغون بالقرب من إسرائيل في أعقاب هجمات حماس في 7 أكتوبر، موجودة في البحر الأبيض المتوسط.
لكن هذه الوحدة هي الآن في طريق العودة إلى الولايات المتحدة وليس لديها أي خطط للذهاب إلى غزة، وفقا لأحد مسؤولي وزارة الدفاع، تحدث لـ”بوليتيكو”، التي أكدت في المقابل أن البنتاغون قد يختار الاحتفاظ بها في المنطقة لدعم العملية المرتقبة.
ومثل هذه العملية معقدة، من الناحيتين اللوجستية والسياسية.
ويرسل الجيش عادة مساحين لرسم خريطة لواجهة الشاطئ مسبقا لتحديد عوامل مثل عمق المياه ونوع مرافق الميناء الموجودة.
كما يتطلب أيضا البنية التحتية والأشخاص الموجودين على الشاطئ لتفريغ حمولة سفينة الإنزال، والتنسيق مع الطاقم وتوزيع البضائع، فضلا عن حماية السفينة، وكل هذه العوامل التقنية غير متوفرة الآن.
“الأمر ليس مثل الأفلام”، يؤكد مسؤول في البنتاغون تحدث لـ”بوليتيكو” قبل أن يضيف “تحتاج لمنهجية حتى تكون عمليتك ناجحة”.
وعادةً ما يتم تنفيذ هذه العمليات من قبل أفراد الجيش – لكن إدارة بايدن كانت واضحة منذ بداية الحرب في أنها لا تريد وجود قوات أميركية في غزة.
من جانبه، قال نائب الأدميرال المتقاعد، جون ميلر، القائد السابق للقوات البحرية الأميركية في الشرق الأوسط، إنه لا يعتقد أن الجيش الأميركي سينفذ مثل هذه العملية في غزة دون إرسال قوات أميركية (على الأرض).