
نحن نساء القرية… فلا تثريب عليكم !!
في الموروث الشعبي يُحكى أن جنود الاحتلال دخلوا قرية خالية من رجالها .. اقتحموا البيوت .. اعتدوا على النساء .. استسلمت معظمهن تحت الخوف .. وحدها امرأة واحدة رفضت أن تُهان .. أمسكت فأساً وقتلت الجندي الذي حاول اغتصابها .. خرجت النساء إلى الساحة منكّسات الرؤوس بينما خرجت هي مرفوعة الرأس .. وعندما أخبرت البقية عَمّا فعلت اجتمعن عليها وقتلنها حتى لا يفضح شرفها عارهن .
اليوم هذه الحكاية ليست مجرد قصة قديمة إنها نحن .. نحن الأمة التي ترى فلسطين تُغتصب منذ عقود .. ترى القدس تُدنّس .. ترى الأطفال يُقتلون .. والبيوت تُهدم .. وتكتفي بالبيانات وموائد المفاوضات .
والأدهى حين يخرج من بيننا مَنْ يقاوم .. مَنْ يرفع رأسه عاليًا .. نتآمر عليه .. نحاصره .. نجرّمه .. بل ونسلّمه لأعدائنا .. تمامًا كما قتلت نساء القرية تلك المرأة الشريفة .. نقتل مقاومينا سياسيًا وإعلاميًا وأمنيًا وتفاوضياً فقط لأن شجاعتهم تفضح عجزنا وتُحرج صمتنا .
اليوم ظَهرت الحكاية .. وبانَ ما كانَ مستورًا .. بعض العواصم العربية تصافح قاتليها .. تفتح له أبوابها .. وتغطي خياناتها بشعارات ” ليسَ بالإمكان أفضل مما كان ” أي سلام هذا ؟ والدم لا يزال ينزف والاحتلال يتمدد والمستوطنات تبتلع الأرض .. أي رجولة بقيت لأمة تبيع مقدساتها في سوق السياسة بثمن بخس ؟ .
نحن نساء القرية .. نخاف أن تعود الرجولة إلى الساحة .. لأن البطولة ستكشف جبننا .. والشرفُ سيفضح عارنا .. نخشى المقاوم لأنه يضع أمامنا مرآة الحقيقة .. لذلك نحاصره .. نُسكت صوته .. ونفرح لسقوطه كي تظلّ رؤوسنا مرفوعة .
لكننا ننسى شيئًا .. أنّ تلك المرأة ماتت مرفوعة الرأس .. ولا زالت الذاكرة تحفظ لها بطولتها وحفاظها على الشرف الذي نتدثر بهِ الآن .. أمّا باقيَ النسوة فلا زِلنَ يُنجبنَ لنا أولاد الحرام .. .
المحامي فضيل العبادي