أعاد حادث مروري وقع الخميس الماضي، وأسفر عن وفاة 3 أشخاص وتعرض رابع لإصابة بالغة، المطالب بتأهيل طريق البترول في محافظة إربد، إلى الواجهة مجددا، في الوقت الذي تم الإعلان فيه عن النية لتنفيذ وقفة احتجاجية على الطريق يوم السبت المقبل.
وتحول شارع البترول الذي يربط خمسة ألوية في محافظة إربد، إلى كابوس يومي يؤرق السائقين ويحصد أرواح عشرات المواطنين سنويا، وسط عجز الجهات المعنية عن إيجاد حلول لهذا الشارع الحيوي الذي يشهد بشكل مستمر حوادث سير خطيرة.
وتتقاذف الجهات المعنية (الأشغال العامة، الإدارة المحلية، والطاقة) الصلاحية حول مسؤولية الطريق، وسط استمرار وقوع الحوادث، وكان آخرها قبل أيام حادث تصادم أدى إلى وفاة ثلاثة أشخاص وإصابة آخر بإصابة بالغة.
ويبلغ طول الطريق حوالي 15 كيلومترا بعرض 10 أمتار، ويمتد من مثلث دير السعنة إلى مثلث جحفية، وهو طريق يربط العديد من الألوية والمحافظات مع بعضها بعضا، وأصبح طريقا رئيسا إلى مدينة إربد ومحافظات الشمال (جرش، عجلون، والمفرق) والعاصمة عمان.
كما يسلك الطريق يوميا آلاف المركبات القادمة من ألوية الكورة، الطيبة، الأغوار الشمالية، والمزار الشمالي، نظرًا لاختصاره عشرات الكيلومترات مقارنة بالطرق الأخرى.
وحسب تصريح سابق لوزير الأشغال العامة والإسكان المهندس ماهر أبو السمن، فإن مسؤولية الطريق متداخلة مع بلديات عدة، وأجزاء منه تقع داخل حدود بلديات الطيبة، المزار الشمالي، بني عبيد، وغرب إربد، وهي مشتركة أيضا مع وزارة الطاقة، فيما قالت وزارة الطاقة إن الطريق تم استملاكه لصالح رئاسة الوزراء منذ عام 1932 بهدف إنشاء أنبوب النفط “خط التابلاين”، وتم السماح لوزارة الطاقة بتاريخ الخامس من شباط (فبراير) من العام 2018 بتنفيذ خط الغاز ضمن مساره، وإن مسؤولية وزارة الطاقة تنحصر فقط في حماية مسار خط الغاز الذي يمر جزء منه ضمن طريق البترول بإربد.
إلى ذلك، قرر مواطنون وذوو المتوفين تنفيذ وقفة سلمية تعبيرية يوم السبت المقبل على طريق البترول مثلث بيت يافا (مدخل الكسارات)، احتجاجا على ما سموه “التقصير الحكومي تجاه رداءة وخطورة الطريق البترول راح ضحيته مئات الأشخاص والإصابات البليغة منذ إنشائه”.
وستشمل الوقفة توزيع “بروشورات” توعوية لسالكي الطريق، وصورا لضحايا وحوادث الطريق، ولافتات تحذيرية يرفعها المنظمون.
ويقول مواطنون، إن “بقاء الطريق على حاله، يعد استهتارا بالأرواح والممتلكات، وهو أمر لا يجب أن تقبله الجهات الرسمية التي يجب أن تنسق فيما بينها لاتخاذ الخطوات والإجراءات اللازمة”.
وأضافوا، أن “الخوف والقلق بات يسيطر على العائلات التي يسلك أبناؤها الطريق لكثرة ما يشهده من حوادث سير”، مشددين في الوقت ذاته على أن “هناك مسؤولية تقع أيضا على السائقين الذين يجب أن يتجنبوا السرعات العالية، وأن يلتزموا كذلك بقواعد المرور”.
ووفق عضو بلدية الطيبة الجديدة محمود الهياجنة، فإن “عشرات الوقفات تم تنفيذها خلال السنوات الماضية للفت انتباه المسؤولين إلى خطورة الطريق، لكن لا حياة لمن تنادي، وتقوم الجهات المعنية بعد وقوع حادث باتخاذ إجراءات خجولة لا تغني ولا تسمن من جوع”.
وأشار الهياجنة، إلى أن “الشارع الذي يمتد من مثلث جحفية (الجعابير) باتجاه مثلث دير السعنة، بطول ما يقارب 15 كيلومترا، بحاجة إلى إعادة تأهيل كاملة وتوسعته وفصله بجزيرة وسطية وإنارته”.
وأكد، أن “الحلول الترقيعية التي تتزامن مع كل حادث سير باتت لا تجدي نفعا في ظل استمرار وقوع الحوادث بشكل شبه يومي وحصد أرواح المواطنين، ناهيك عن الإصابات والأضرار المادية بالمركبات”.
كما لفت الهياجنة، إلى أن “الجهات المعنية قامت قبل سنوات بعمل مطبات على طريق البترول للحد من حوادث السير بعد أن تعرض أحد الأطفال للدهس، وقبلها تم توسيع جزء من الشارع الذي تزداد فيه حوادث السير، لكن دون فائدة، واستمرت الحوادث”، مؤكدا، أن “الحل يكمن في إغلاق الطريق نهائيا بشكل مؤقت أمام حركة السير، والبدء فورا بإعادة تأهيله بمواصفات فنية عالية للحد من حوادث السير، ذلك أن الطريق تحول إلى كابوس يومي يؤرق سائقي المركبات، والحاجة أصبحت ماسّة لمعالجة البؤر الخطرة والنقاط العمياء على الطريق بأسرع وقت ممكن”.
من جهته، قال المدير التنفيذي في بلدية المزار الشمالي المهندس إياد الجراح، إن “البلدية طالبت أكثر من مرة بمعالجة مشكلة طريق البترول للحد من حوادث السير اليومية، بالإضافة إلى ضرورة إيجاد إشارة ضوئية على تقاطع مثلث جحفية نظرا لتزايد أعداد المركبات”.
وأشار الجراح، إلى أن “طريق البترول يخدم خمسة ألوية ويعتبر المنفذ الرئيس للسائقين وصولا إلى طريق إربد-عمان، ويسلكه يوميًا آلاف المركبات، ما يتطلب إعادة تأهيله بالكامل وتوسعته وفصله بجزيرة وسطية وتركيب كاميرات للحد من السرعات العالية”.
وقال الناطق الإعلامي في وزارة الأشغال عمر محارمة، إن دراسة توسعة الطريق، تتضمن توصيتين لتوسعة الطريق الأولى عاجلة وسريعة ويمكن تنفيذها بدون استملاك أو إعادة ترسيم للطريق وتشمل توسعة السعة الحالية للطريق البالغة 10 أمتار، وخصوصا في مناطق المنحنيات وتكلفتها 300 ألف دينار، فيما التوصية الأخرى تحتاج إلى وقت وإعادة ترسيم وتتضمن خيار توسعة الطريق بمسربين وجزيرة وسطية ضمن مسافة 7.6 كيلومتر، وهي المنطقة الحرجة من الطريق وخارج حدود البلديات بتكلفة 1.2 مليون دينار.
وأشار المحارمة إلى أن الوزارة تعمل خلال الفترة القريبة على توفير المخصصات اللازمة لتنفيذ التوصيات الواردة في الدراسة حسب الإمكانات المتاحة، علما أن طريق البترول مستملك لصالح وزارة الطاقة والثروة المعدنية وهناك تداخل في الصلاحيات على الطريق بين بلديات الطيبة والمزار الشمالي وبني عبيد وغرب إربد.
ولفت المحارمة، إلى أن حل المشكلة ليس سهلا وسيكون هناك حاجة لاستملاكات على جانبي الطريق وفض التداخل لتحديد الجهات المسؤولة عنه بدقة، مؤكدا جاهزية وزارة الأشغال للتعاون مع البلديات المعنية لعمل كل ما يلزم وتقديم الخدمة الفنية والهندسية اللازمة.
وقال، إن الوزارة ومن باب خدمة المواطنين، عملت في فترات مختلفة على صيانة الطريق وتعزيز عناصر السلامة المرورية عليه، كان آخرها قبل نحو أسبوعين، حيث تم تخطيط الطريق وتعزيزه بعواكس ولوحات إرشادية وتنبيهية، مؤكدا ضرورة التزام السائقين بقواعد القيادة الآمنة ضمن السرعات المقررة، حيث تشير الإحصاءات المرورية أن الغالبية العظمى من الحوادث ناتجة عن السرعة الزائدة والتجاوز الخاطئ واستخدام الهاتف أثناء القيادة.
يشار إلى أن هذا الطريق بمحاذاة خط “التابلاين” القديم، الذي كان ينقل النفط من البصرة في العراق إلى ميناء حيفا قبل احتلال الكيان الصهيوني للأراضي الفلسطينية.
وأوصت لجنة فنية من المعهد المروري والسير، التي رفعت توصياتها إلى وزير الداخلية مازن الفراية ووزير الأشغال العامة والإسكان، بوضع كاميرات مراقبة لتحديد السرعة على الطريق، وتعزيزه بالشواخص المرورية لتحديد السرعة، ووضع مطب إسفلتي قبل التقاطع للمسرب القادم من الطريق، ووضع علامات أرضية “خط طولي منتصف الطريق” لتفعيل الاتجاهات، واستمرار إغلاق الفتحة الموجودة في الجزيرة الوسطية على طريق سموع/ دير السعنة، بالإضافة إلى إنارة الطريق.
وقالت وزارة الأشغال، إنه تم البدء بتنفيذ التوصيات الواردة، حسب ما تم الاتفاق عليه في التقرير المشترك مع مندوب المعهد المروري، حيث تم الإيعاز لتركيب كاميرا مراقبة سرعة، وتعزيز عناصر السلامة المرورية من طلاء وشواخص تحديد السرعة وشواخص تحذيرية، وتنفيذ المطبات النموذجية وحسب المواقع المحددة في تقرير الكشف.احمد التميمي