بقلم: المهندسة عروب العبادي
سيبقى خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، أمس في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك بدورتها التاسعة والسبعين، المهيب عالقًا في أذهان الجميع؛ لما كان فيه من صلابة وقوة في حمل ضمير الأمة، وقضيتها وفند كل ما يتعرض له الأهل في الضفة الغربية وغزة جراء العدوان الغاشم.
المتابع للخطاب يوم أمس والذي استمر لأكثر من ١٥ دقيقة، فند فيها جلالته كل ما يعاني منه الأهل في فلسطين، والذي اختتم بمطلب لجلالة الملك الراحل الحسين بن طلال، بذات مطلب جلالة الملك اليوم، ألا وهو السلام.
خطاب الملك وجهوده الجبارة التي بذلها وما زال يبذلها من بدء العدوان على قطاع غزة، لوقف اطلاق النار وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية للقطاع، تأكيد على أهمية القضية الفلسطينية في وجدان الملك.
لغة الجسد، خلال الخطاب تتحدث عن مدى الصلابة والقوة والوضوح في الطرح، في مضمون لا يختلف عليه اثنين ان فلسطين هي قضية الاردن والملك الاولى.
ولكل من يقرأ المشهد فقد كان التوقيت الحساس والدقيق الذي جاء فيه هذا الخطاب ، والتاكيد على موقف الأردن الثابت تجاه حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة، ورفضه للعدوان الذي ينفذه الاحتلال على قطاع غزة، في إشارة من جلالته إلى نبذ سياسة الاحتلال الذي لا يعترف بأية اعراف، والتمدد على حساب الشعب الفلسطيني الشقيق.
والامر الذي ليس بالجديد هو تاكيد الملك على أن الأردن لن يكون وطناً بديلاً للفلسطينين على حساب الاردن ، ولن يقبل بالتهجير القسري للفلسطينيين أيًّا كانت طريقته ، وهو ما يشير إلى عدم السماح بوأد القضية الفلسطينية في دليل جازم على ان الصوت الاردني هو الصوت الحر الذي يصدح دائما بالقضية الفلسطينية .
إضافة إلى ذلك، تطرق جلالته في خطابه إلى اتفاقيات السلام التي لم يحترمها الكيان الإسرائيلي الغاشم، بدليل مواصلة تمادي الاحتلال وآخرها التصعيد الخطير في لبنان، في إشارة واضحة من جلالته إلى ضرورة إعادة النظر بتلك الاتفاقيات ما لم يلتزم الكيان الإسرائيلي في وقف عدوانه الهمجي على غزة والضفة الغربية ولبنان.
ولا شك أن جلالة الملك من خلال هذا الخطاب وفي دقائق قد وضع العالم كله أمام مشهد الوضع الراهن في الشرق الأوسط، وقد وضع العالم أجمع أمام حقائق تستحق اختبار الضمير وتنفيذ القانون الدولي لمنع مواصلة الاحتلال ارتكاب جرائم الإبادة التي مارسها طيلة عام في قطاع غزة وتستمر وتتمدد الان لتزيد من تازيم الوضع في المنطقة.
وختم جلالته خطابه قائلاً “لقد كان والدي رجلاً ، قاتل من أجل السلام إلى آخر رمق ، ومثل والدي تماما فإنني أرفض أن أترك لأبنائي أو لأبنائكم مستقبلا يحكمه الاستسلام” ، فهذا ديدن الهاشميين، ونحن شعبكم الوفي من بعدكم سيدي نستمد العزيمة منكم ونمضي على خطاكم ، فسِر يا مولاي وعين الله ترعاكم، حمى الله الاردن وفلسطين وسائر بلاد العرب والمسلمين.