د. حازم قشوع
بإرسال الولايات المتحدة فرق التخطيط والعمليات ومشاركة مئات الطائرات في الطلعات الجوية فى سماء لبنان، تكون الولايات المتحده قد دخلت الحرب بشكل عملياتي و استخباري، وتكون ساحات الجليل والجنوب اللبناني والضفة الغربية الى حدٍ ما اصبحت ساحات معارك كما قطاع غزة الذي أصبح منفكا عن الخاصرة المصرية ، وهذا ما جعل من نقاط الاشتباك فى توسع وساحات المعارك فى تمدد على جبهات متعددة وتنتظر فتح الجبهه السوريه التى تدخل فى معركة حاسمة ذاتيا بعنوان إدلب لتوحيد صفوفها تجاه معركة الجولان.
وهو المشهد العملياتي الذي يصور نقاط الاشتباك وبين حال المنطقة سياسيا وهى تدخل فى لحظات حاسمة وتقوم على مفترق طرق بائنة، فإما ان يتم اعادة ترسيم خرائط المنطقة كما تريد اسرائيل او ان نظام ضوابط وموازين سيكون مبين ومقر وهذا سينعكس على المشهد في المنطقة كما على المعركة القطبية الدائرة رحاها على شرق المتوسط كما على خط أوكرانيا وتستعد الصين وروسيا لها فى مناورات الشرق الأقصى الجارية.
اذن المنطقة تدخل فى حالة مفاصله فاصلة مؤيدة بحركة اقطاب داعمة تشتبك فيها اسرائيل مع اذرع روسيه من مركز إيران فى ظل محتوى عربي محايد، وهذا ما جعل من الولايات المتحدة ومعها دول المركز تقوم بتشكيل غطاء استراتيجي داعم من أجل تقطيع الروابط الواصلة في محور المقاومة فى المقام الأول، وحصر جيوبها ضمن جغرافية دولها فى المقام الثانى، وهى الدول التى مازلت هائمه بلا عناوين مستقرة فلا لبنان يمتلك قيادة سيطرة رئاسية ولا سوريا ايضا قادرة على بسط سيادتها الذاتية كما هو حال اليمن المنقسم داخليا وحالة العراق في المحصلة بوجود تيارات خارجة عن تشكيلات مركز الدولة وسيادتها، والحال ذاته ينطبق على إسرائيل التي تدخل هى الأخرى المعركة من أجل فرض سلطتها على فلسطين التاريخية وفرض هيبتها على المنطقة من خلال توسيع نفوذها بالقوة العسكرية.
الأمر الذى جعل المنطقة تقوم على منعطف حاد إما أن تَهضم فيها اسرائيل في نهاية المطاف قطاع غزة كما الضفه والجنوب اللبناني والجولان التي من يحكمها يحكم سوريا فى المقياس الاستراتيجي، أو تقوم تل أبيب بالوقوف عند حدودها وتذعن للقرارات الأممية وتقف عند خطوطها المبينة ويقر الجميع بنظام الضوابط والموازين التي تفرضه ساحات المعارك الدائرة، وهذا ما يجعل من المعركة الدائرة في محيط إسرائيل وربما فى ستكون لاحقا داخل اسرائيل تكون آخر الأوراق الأمريكية في المنطقة في معركة استعادة الأحادية القطبية بفرض هيمنة إسرائيل على المنطقة.
وحتى لا يدخل الجميع بحرب التفاصيل فى التحليل ويغرق فى المسائل الايديولوجية او الاثنية التي يبينها هذا المصدر أو ذاك لدواعي تسويق اجندات اقليمية عبر لغط إعلامي موجهه لدواعى مقروءة، فان المعارك الدائرة في المنطقة من المفترض أن تقرأ استراتيجيا وليس تكتيكيا فإما أن يتم توسيع جغرافية إسرائيل وتفرض نفوذها في المنطقة وهذا ما تدعمه بعض أنظمة المنطقة كما بات واضح اعلاميا ، او أن ترفض الحلول العسكرية من الجميع ويعود الجميع الى المربع السلمي وطاولة المفاوضات التي ستكون موجودة قبل “حرب التدمير” الحاصله أو بعدها لاسيما وان الكل يراد له الدخول فى منخل إعادة التوظيف ضمن مقياس مبين في نهاية المطاف، الأمر الذي استدعى تدمير كل القوى الجيوسياسية الاقتصاديه والعسكريه في المنطقة بما فى ذلك إسرائيل التي أصبحت فى المقياس العام منهكة على الرغم من عدم افصاحها عن الخسائر التي تعتبر من الواقع المعلوماتي فادحة بالرغم من الإنجاز الوحيد الذي حققته مسألة توحيد قواها المعارضة منها والحكومية في المعركة المصيرية الدائرة.
ولعل جملة المشهد هذه التي اشتعل أوجها مع فترة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها 79 جاءت وسط ظروف استثنائية دبلوماسية، كما هي أمنية كونها ستكون المحطة الدبلوماسية الأخيرة للرئيس بايدن فى مشواره الرئاسي، وهذا ما يعد متغير هام كما المتغير الذي تنعقد فيه لأول مرة بعضوية كاملة لفلسطين وغياب لنتنياهو ومناخات دبلوماسية ينتظر أن تحدث اختراق في مسألة الدولة الفلسطينية لفرض وجود فلسطين على الخارطة الأممية بما يسهم بقطع سياسة الأسرلة التى تنتهجها تل أبيب فى ضم قطاع غزة كما القدس والضفة.
هذا إضافة لمسألة جوهرية أخرى يقوم على نسج خطوطها الملك عبدالله من أجل عودة الهدوء للمنطقة عبر نزع فتيل الأزمة في جيوبها اثر لقائه الهام مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من اجل حفظ أمن الأردن والحفاظ على أمن المنطقة والتأكيد على أهمية عدم توسيع مناخات الحرب الإقليمية الدائرة، في محاولة من الملك عبدالله لجعل الورقه الاخيره ورقة سلمية بيضاء يكتب عليها فى اول السطر دولة فلسطينية مستقلة وفي طياتها من أجل سيادة قوة القانون ورفض قانون القوة وتختم ببيان عودة النظام العربي الى مسرح الاحداث لأحداث درجة التوازن المطلوب عبر مضمون مختلف الشكل والجوهر يسهم في إرساء درجة التوازن المنشودة لجعل مركز الحضارة الإنسانية امنا ومستقرا ليكون خير ضامن للسلام الإقليمي كما للأمن الدولي حتى لا تبقى الاوراق متباينة وجمل الوصل مقطوعه.