تراجع إنتاج المحاصيل الحقلية في محافظة الكرك هذا العام بشكل كبير، مقارنة بمعدل الإنتاج السنوي لمحصولي القمح والشعير، الذي يبلغ زهاء 6 آلاف طن، ما ألحق بالمزارعين خسائر كبيرة حسب ما يؤكد العديد منهم.
وتقدر مساحة الأراضي التي تزرع سنويا في المحافظة بمحاصيل حقلية بـ210 آلاف دونم، يزرع منها 90 ألفا بمحصول القمح و120 ألفا بالشعير.
وبلغت كميات الإنتاج من المحاصيل الحقلية من القمح والشعير التي استلمها مركز استلام الحبوب لإقليم الجنوب التابع لوزارة الصناعة والتجارة حوالي 1731 طنا فقط من مختلف أصناف القمح والشعير، من بينها كميات من المحافظات الجنوبية في الطفيلة ومعان.
ويقدر مزارعون خسائر قطاع زراعة المحاصيل الحقلية هذا العام بسبب الجفاف بحوالي 10 ملايين دينار، هي كلفة الزراعة للموسم الحالي، فيما تزداد آثار الخسارة إذا ما أخذ بعين الاعتبار أن غالبية المزارعين يعتمدون اعتمادا مباشرا على الزراعة كمصدر دخل رئيس، إضافة إلى اعتماد تربية المواشي في المحافظة وبعدد مواش يصل إلى حوالي 450 ألف رأس بشكل كبير على زراعة المحاصيل الحقلية لتوفير الأعلاف.
ويعزو مزارعون تراجع المحصول للعام الرابع على التوالي إلى تراجع كميات الهطول المطري بشكل كبير، والتي لم تزد الشتاء الماضي عن 165 ملم في أغلب مناطق المحافظة، ما ساهم في جعل المحاصيل الحقلية تتضرر كثيرا من حيث الكمية والنوعية، خصوصا في محصول القمح، الذي يحتاج لكميات من الأمطار تزيد على 250 ملم، ناهيك عن عدم إنبات غالبية محصول الشعير الذي يزرع في المناطق الشرقية من المحافظة والتي لا تزيد معدلات الهطول المطري فيها سنويا على 180 ملم في أحسن الأحوال.
ويعد الموسم الحالي استمرارا لمواسم سابقة سادها الجفاف، وألحق ضررا بزراعة المحاصيل الحقلية، حيث شهدت محافظة الكرك في موسم العام قبل الماضي وللمرة الأولى، عدم افتتاح مركز استلام المحاصيل الحقلية في المحافظة، في حين شكل موسم العام 2020 أفضل المواسم الزراعية بالنسبة للمحاصيل الحقلية، حيث بلغت كميات الأمطار التي هطلت على المحافظة زهاء 350 ملم، ما أدى إلى زيادة كبيرة في إنتاج القمح والشعير، وبلغت كميات استلام مركز المحاصيل الحقلية بالكرك وقتها حوالي 14 ألف طن من القمح والشعير وهي كميات قياسية.
ورغم مطالبتهم المستمرة بدعم زراعة المحاصيل الحقلية وإعلان حالة الجفاف في المحافظات الجنوبية التي لم تشهد أي تساقط جيد للأمطار، فإن استجابة الأجهزة الرسمية للمزارعين بقيت كما جرت العادة، بأن قرار إعلان الجفاف هو قرار مجلس وزراء وليس من صلاحيات أي وزير أو جهة رسمية أخرى، في وقت تستمر فيه الدعوات إلى الاهتمام بزراعة المحاصيل الحقلية من القمح والشعير للمواسم المقبلة حرصا على توفير احتياجات المملكة من هاتين المادتين بسبب أزمة الحبوب العالمية.
وأكد مزارعون أن معظم الحقول التي نبت فيها الزرع تم بيعها كـمراع، بعد أن عجزت عن الاستمرار تحت ظروف الجفاف.
ووفق المزارع علي الضمور من بلدة الغوير شرقي المحافظة، “فإن زراعة المحاصيل الحقلية وعلى مدى أربعة مواسم، تعرضت لضربات قاسية وتسببت بخسائر مالية كبيرة للمزارعين، ربما لن يتمكنوا معها من الاستمرار مستقبلاً في زراعة الأراضي”.
وبين الضمور، “أن المزارعين لم يجنوا شيئا من زراعة المحاصيل الحقلية خصوصا المناطق الشرقية التي هي بحاجة إلى كميات جيدة من الأمطار لنمو المزروعات”، مؤكداً “أن المزارعين يطالبون بضرورة إعلان حالة الجفاف وتضرر المزارعين من نقص الأمطار، وتكبدهم خسائر مالية كبيرة، نتيجة زراعة المحاصيل الحقلية، والتي تشجعهم الحكومة كل موسم على زراعتها”.
أما المزارع أحمد القطاونة من المزار الجنوبي، فتطرق من جهته إلى “أن قطاعا واسعا وكبيرا من السكان بالمحافظة، وهم الذين يعتمدون بشكل كبير على الزراعة وتربية المواشي، قد تضرروا كثيرا بسبب تراجع الإنتاج والذي تسببت به ندرة الأمطار الموسم الماضي”، لافتا إلى “أن زراعة الحبوب وتربية المواشي بينهما ارتباط وثيق لأن غالبية مزارعي المحاصيل الحقلية هم في الأصل مربو مواش بالكرك”.
واعتبر القطاونة، “أن دعم المزارعين هو الأكثر أهمية في حال تعرضهم لآثار بيئية أو مناخية وهو ما يحدث الآن من ندرة الأمطار وتضرر الزراعات البعلية للمحاصيل الحقلية”.
من جهته، يطالب رئيس جمعية مربي الماشية زعل الكواليت، بتعويض مزارعي المحاصيل الحقلية على اعتبار أنهم يتعرضون ومنذ عدة مواسم لأضرار وخسائر كبيرة بسبب الجفاف الناتج عن ندرة الأمطار، مؤكدا “أن هناك صناديق عديدة وفيها مبالغ مالية كبيرة، خصوصاً صندوق تعويضات البيئة للبادية، ومن الممكن أن تسهم في دعم مربي الماشية ومزارعي المحاصيل الحقلية”.
ووفق مدير صناعة وتجارة الكرك رامي الطراونة، فإن مركز استلام المحاصيل الحقلية للقمح والشعير لإقليم الجنوب في بلدة الربة أغلق رسميا بداية الشهر الحالي، وكان تم من خلاله استلام المحاصيل الحقلية من المزارعين بمحافظات الجنوب.
وأشار الطراونة إلى استلام زهاء 1731 طنا من مختلف المحاصيل الحقلية، وهي كميات قليلة مقارنة بالسنوات الماضية، مشيرا إلى تراجع الهطول المطري وأثره على مستويات الإنتاج للمحاصيل الحقلية.
وبين أن المركز استلم زهاء 1165 طنا من الشعير البلدي بسعر 370 دينارا للطن، واستلم 443 طنا من القمح البلدي بسعر 420 دينارا للطن، واستلم 101 طن من الشعير الأكثار بسعر 420 دينارا للطن، واستلم 22 طنا من قمح الأكثار بسعر 500 دينار للطن.
وأشار الطراونة، إلى أن عملية استلام المحاصيل الحقلية من القمح والشعير من المزارعين تتم من قبل لجنة فنية مختصة تضم في عضويتها ممثلين عن مديريات صناعة وتجارة وزراعة المحافظة والمركز الوطني للبحوث الزراعية والمؤسسة التعاونية الأردنية ممثلة بمديرية تعاون الكرك، حرصا على استلام أفضل أنواع الحبوب.
وتمر عملية الموافقة على شراء المحصول بمراحل عدة وفق الطراونة، تبدأ من التأكد من حصول المزارع على شهادة إنتاج مصدقة حسب الأصول من مديرية الزراعة في المنطقة التي يوجد فيها، ومن ثم إجراء عملية فحص أولية للمحصول المورد للتأكد من خلوه من الحشرات والشوائب، وبعد اجتياز المحصول لهذه المرحلة يتم وزن الكمية وفرزها من قبل اللجنة وأخذ عينات منها، وحتى توريدها نهائياً ولاحقاً يتم تسليم المزارعين استحقاقهم من أثمان الحبوب.
كما أشار إلى أن زهاء 240 مزارعا قاموا بتسليم إنتاجهم من المحاصيل الحقلية من القمح والشعير لمركز الاستلام وفقا للإجراءات الرسمية.