في محاولة منه لإشعال المنطقة، صادق رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لوزيره المتطرف ايتمار بن غفير على تنظيم حملة اقتحامات حاشدة للمستوطنين لاستباحة ساحات المسجد الأقصى المبارك، في انتهاك صارخ وخرق قانوني ودولي للوضع القائم في “الأقصى” ومدينة القدس المحتلة.
ويسعى نتنياهو بذلك لخدمة أجندته الخاصة لإطالة أمد عمره السياسي، ما أمكنه ذلك، لكونه يدرك جيداً ماذا ينتظره في حال تنحيه أو إقالته والانقلاب عليه أو تفكك ائتلافه الحاكم، فالمحاكمة والسجن مصيره المحتوم.
وقد أعطى “نتنياهو” موافقته للمتطرف “بن غفير” لاقتحام المسجد الأقصى، كما حدث أول من أمس، مما شجع الجماعات المتطرفة، بخاصة ما يسمى “جماعات الهيكل”، المزعوم، بدعوة أنصارها المستوطنين للحشد وتنفيذ اقتحامات واسعة “للأقصى”، تحت حماية قوات الاحتلال، بهدف فرض السيادة عليه وتهويده بالكامل.
ويجد المتطرفون في حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة والمشهد الإقليمي المضطرب فرصة سانحة لتنفيذ مخططهم التهويدي بالسيطرة الكاملة على المسجد الأقصى، واستباحة باحاته بأداء الصلاة الجماعية فيه، تمهيداً لتقسيمه وتهويده وتجسيد “حلم” بناء “الهيكل” المزعوم مكانه.
من جانبه، أكد الرئيس محمود عباس أن القدس خط أحمر ولن يتم التفريط فيها أو التخلي عنها أبداً، مهما كانت التضحيات، مؤكداً أن الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة جغرافية واحدة للدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة، حسب الشرعية الدولية، وبدون تجسيد الدولة الفلسطينية، لن تنعم المنطقة بالأمن والاستقرار.
وقال الرئيس عباس، في خطاب له أمس أمام البرلمان التركي، إن جميع المؤامرات والمحاولات لتغيير الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات في القدس المحتلة، كما حدث مؤخراً باقتحام المتطرف “بن غفير” وأعضاء من “كنيست” الاحتلال، لن تفلح أبداً.
بدوره، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن استمرار الاحتلال في ارتكاب المجازر اليومية في قطاع غزة، والاعتداءات في الضفة الغربية، سيؤدي إلى انفجار المنطقة المشتعلة أصلا، وتتحمل مسؤوليته الإدارة الأميركية، التي توفر كل أشكال الدعم لاستمرار العدوان.
وأضاف أبو ردينة، في تصريح له أمس، أن الإدارة الأميركية تعي جيداً أن حكومة الاحتلال تسعى إلى إشعال المنطقة برمتها، من أجل ضمان بقائها السياسي، عبر الاستمرار في سياسة حرب الإبادة والقتل والتدمير والتجويع، ولكن لا تتحرك لإجبار الاحتلال على التوقف عن هذه الاستفزازات، كما حدث في المسجد الأقصى المبارك من استفزازات خطيرة في حال استمرت ستشعل المنطقة جميعها.
وأشار أبو ردينة إلى أن على أميركا أن تدرك أنه يجب وقف الاحتلال فوراً عن أفعاله، وإجباره على وقف عدوانه وسياساته التدميرية، إذا ما أرادت فعلاً تجنيب المنطقة ويلات الحروب التي سيدفع العالم بأسره ثمنها، وليس المنطقة فقط.
وأكد أن سياسة المجازر اليومية والقتل والتدمير والاعتقالات والاستيطان، والاعتداء على الأماكن الدينية المقدسة الإسلامية والمسيحية، لن تجلب للاحتلال الأمن والاستقرار، بينما الطريق الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار هو الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وتطبيق قرارات الشرعية الدولية.
وشدد على أن ما يقبله الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية هو السبيل الوحيد الممكن تطبيقه لحل القضية الفلسطينية، وليس مشاريع عبثية أو تصفوية لن ينجح أحد في فرضها على الشعب والقيادة الفلسطينية.
بدورها، دعت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية إلى تحرك دولي جدي لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، والضغط باتجاه تنفيذ القرارات الخاصة بحل الدولتين، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على أراضيها.
وحذرت من خطورة التوسع الاستعماري ومخططات الاحتلال لتقطيع أوصال المناطق الفلسطينية وتكريس عزلها وفصلها عن بعض، في مسعى لإنهاء تكريس سيادة الدولة الفلسطينية على أراضيها، خصوصا إجراءات عزل مدينة القدس عن محيطها الفلسطيني من جميع الجهات، وما تتعرض له مسافر يطا والأغوار من جرائم تطهير عرقي متواصلة، وطرد وترحيل وقمع للتجمعات البدوية.
وأشارت إلى أن حكومة الاحتلال قامت “بشرعنة” أكثر من 20 بؤرة استعمارية عشوائية، إلى جانب بؤر أخرى قيد الإجراءات، مما يعني الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأرض الفلسطينية لتخصيصها للبناء الاستعماري في البؤر والمستعمرات الجديدة، وكعمق لتمديدها في المستقبل وتوسيعها.
وأكدت “الخارجية الفلسطينية”، أنها ستواصل عبر بعثاتها الدبلوماسية جهودها الكثيفة لكشف ممارسات حكومة الاحتلال، وتواصلها مع المؤسسات الدولية ومختلف دول العالم، لحماية الحق الفلسطيني وتطبيق قرارات الشرعية الدولية.