أعرب المغني الفرنسي فيليب كاترين عن أسفه، واعتذر للعالم المسيحي بعد أن أدى الدور الرئيسي في العرض المسرحي الذي انتقده الرأي العام لإساءته إلى المسيحية في حفل افتتاح أولمبياد باريس، في حين قارنت أصوات مسلمة بين المسارعة الفرنسية إلى الاعتذار فيما يخص المسيحيين، مقابل رفض ذلك إذا تعلق الأمر بالمسلمين.
وأوضح كاترين -في لقائه مع قناة” سي إن إن”- أن أغنية “نو” التي أداها وتعني “عاري” قدمت رسالة بسيطة، على حد وصفه.
وفي حين حاول المغني الفرنسي تبرير الأغنية بقوله “لو كنا عراة، فهل ستكون هناك حروب؟ ربما الجواب لا، لأنه لا يمكنك إخفاء الأسلحة عندما تكون عراة”، إلا أنه استدرك بالقول “إذا صدم (الأداء) بعض الناس، فأنا آسف جدا لأن ذلك لم يكن القصد بلا شك”.
وأشار إلى أنه نشأ مسيحيا ويعتقد أن التسامح له مكانة مهمة في هذا الدين.
وزعم أن العرض الافتتاحي المثير للجدل لا علاقة له بـ”العشاء الأخير”، وقال إنه يأمل أن يسامحه المجتمع المسيحي على ذلك ويفهم أن هذا كان سوء فهم.
وفي وقت سابق، قالت المتحدثة باسم أولمبياد باريس آن ديكا “بالتأكيد لم تكن هناك أي نية على الإطلاق لإظهار عدم الاحترام لأي طائفة دينية، وإذا شعر الناس بأي إساءة، فنحن نأسف لذلك حقا”.
انتقادات حادة
وفي حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية التي استضافتها باريس، الجمعة، أثار عرض “ملكة السحب” (رجل يرتدي ملابس نسائية ويضع مساحيق التجميل) ردود فعل من السلطات الدينية والرأي العام على أساس أنه يصور لوحة العشاء الأخير وعدم احترام المعتقد الديني.
ولوحة العشاء الأخير للفنان الإيطالي ليونارد دافينشي تحظى بمكانة في الديانة المسيحية لأنها تصور ما يعتقده البعض بالمسيح عيسى (عليه السلام) وحوارييه.
وتعرض هذا العرض وغيره من فقرات الحفل لانتقادات حادة، حيث اعتبر البعض أنها كانت تتضمن ترويجا للشذوذ.
ومكان من يُوصف بـ”السيد المسيح” في لوحة العشاء الأخير، ظهر رجل عار قال نقاد إنه يمثل ديونيسوس، وهو إله الخمر والاحتفالات الماجنة في الأساطير الإغريقية القديمة، الذي عرف أيضا بمواكبه واحتفالاته وطقوسه الوثنية المتحررة من القيم الأخلاقية.
وفي هذا الصدد، نشر حساب الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية على منصة إكس بيانا للأساقفة الفرنسيين جاء فيه: “للأسف، احتوى هذا الحفل على مشاهد تسخر من المسيحية، ونحن نقابل هذا الوضع بحزن عميق”.
ووجه البيان الشكر لأبناء الديانات الأخرى على إعرابهم عن تضامنهم مع المسيحيين في مواجهة هذا الوضع.
خواء أخلاقي
من جانبه شن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان السبت، هجوما لاذعا جديدا انتقد فيه “ضعف الغرب وتفككه” وهو ما تجلى برأيه في حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس.
ورأى الزعيم المحافظ أن الحفل الذي أقيم الجمعة على نهر السين، وهدف إلى إظهار التنوع في فرنسا، تجسيد “للخواء” الأخلاقي في الغرب، وأضاف أوربان “إنهم يتخلون تدريجا عن الروابط الروحية والفكرية مع الخالق والوطن والأسرة، مما أدى إلى تدهور القيم الأخلاقية العامة في المجتمع، كما رأيتم إذا شاهدتم حفل افتتاح الأولمبياد”.
وأعلن أوربان أن “القيم الغربية، التي طالما اعتبرت عالمية، أصبحت غير مقبولة ومرفوضة بشكل متزايد من قبل العديد من دول العالم”، مثل الصين والهند وتركيا والدول العربية.
وفي سياق متصل، ندد راعي كنيسة الروم الكاثوليك في رام الله عبد الله يوليو، السبت، باستخدام فرنسا الشواذ في حفل افتتاح الأولمبياد، معتبرا ما حدث “خطير جدا”.
وقال يوليو في تصريحات لوكالة الأناضول: “لا يجوز تمثيل السيد المسيح بهذه الطريقة التي فيها انتهاك للقدوس والمقدسات، وأي استغلال واحتقار بالنسبة لي هو عملية مقصودة لتشويه المفهوم الديني ومحاربة الأديان وليس الدين المسيحي فقط”.
وتابع أن “الموضوع خطير جدا، استخدام المثليين وغير المثليين عملية خطيرة لإفراغ الدين من محتواه ضمن عملية مدروسة وممنهجة من قوى مخفية في العالم عابرة للحدود تستهدف القضاء على الدين”.
غضب إسلامي
من جانبه، أدان الأزهر الشريف مشاهد الإساءة للمسيح -عليه السلام- في حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية بباريس، محذرا من خطورة استغلال المناسبات العالمية لتطبيع الإساءة للدِّين وترويج الشذوذ والتحول الجنسي.
وقال الأزهر -في بيان- إن تلك المشاهد “تصور المسيح -عليه السلام- في صورة مُسيئة لشخصه الكريم، ولمقام النبوة الرفيع، وبأسلوب همجي طائش، لا يحترم مشاعر المؤمنين بالأديان وبالأخلاق والقيم الإنسانية الرفيعة”.
وأكد الأزهر رفضه الدائم لكل محاولات المساس بأي نبي من أنبياء الله.
ومع الاعتذار للمسيحيين، قارنت أصوات مسلمة بين رد الفعل الفرنسي في هذا الموقف والمسارعة إلى الاعتذار في مقابل التمسك بما تعتبره فرنسا “حرية رأي” إذا تعلق الأمر بالإساءة للمسلمين أو مقدساتهم، كما حدث في أزمة الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأشار البعض إلى ما اعتبروه تحيّزا وتناقضا فرنسيا فجّا ضد المسلمين. وكتب عبد الله الجديع أن اعتذار في فرنسا “يطرح السؤال الجاد لمَ لم تعتذر باريس عن الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، وحينها كانت المسألة بنظرهم حرية تعبير استدعت دفاع الرئيس الفرنسي عن تلك الحرية، حتى لو كانت تمس مشاعر المسلمين في العالم؟”.
أما حسين الغاوي فكتب على منصة إكس: “عدة شركات أميركية تلغي التعاقد الإعلاني مع أولمبياد باريس بسبب الترويج للمثلية والسخرية من المسيح في افتتاح الأولمبياد، وفرنسا تعتذر للمسيحيين.. عند الغرب الإساءة للذات الإلهية والقرآن الكريم حرية تعبير!”.