بقلم: د. حازم قشوع
احتفل نتنياهو ومن حوله بالفوز “الوهمي” الذى حققه دونالد ترامب في جولة المناظرة الأولية بالانتخابات الرئاسية الامريكية، بعدما راحت وسائل الإعلام تسقط أمطار الاخبار معلنة انتهاء عهد بايدن ووصول ترامب الى سدة الرئاسة وكأن المعركه الانتخابيه انتهت حتى أخذ يستعد ترامب لأداء القسم، بينما ذهبت مدن عربية لتشيد الابراج باسم الايقونه ترامب وراحت مدن أخرى تقييم منتجعات سياحية باسم العلامة الفارقة لترامب كونه عنوان النجاح والرئيس القادم لبيت القرار العالمي.
والغريب أن بعض المتابعين من القيادات السياسية أخذوا يتعاملون مع الانتخابات الأمريكية وكأنها مباراة كرة قدم وانحازوا لهذا الطرف ويشجعون ذاك على مقياس القبول والإيجاب مع ان ما يحدث فى امريكا هى مبارزه متعلقة بالسلطة والكأس فيها كرسي العرش العالمي ومن المفترض قياس حالة الإسناد والدعم على مقياس السياسات التى يحملها الرئيس القادم وهذا ما يتطلب الموضوعية.
وحتى نكون موضوعيين بالتقييم علينا الوقوف على ما يحمله ترامب من سياسات على الصعيد الداخلي وعلى المستوى العالمي، حتى نجد ان ترامب وفريقه سيعمل على تجذير الفصل الديموغرافي العرقي للعودة بأمريكا الى ما قبل 2008 عندما كان الرئيس الأمريكي عرفا يجب أن يكون (رجل انجلوسكسون بروتوستانت ابيض) الى حين وصل المجتمع الأمريكي إلى حالة المواطنة بعد نضالات لسنوات عديدة، وهذا ما يعني أن ولاية تكساس ستكون نموذج لحالة مناوئة للحالة التى تقف عليها كاليفورنيا في القياس العام، وهو ما سيشكل خطورة على حاله الوحده الاجتماعيه في المجتمع الأمريكي خصوصا على المجتمعات الأقلية سيما الإسلامية منها والعربية.
وسيقوم ترامب وفريقه بدعم توجهات اليمين فى دول الاتحاد الأوروبي كما سيقوم بتغذية النزعات الانفصالية فى المجتمعات المستهدفة بالشرق الأوسط في إيران وتركيا ومصر والسعودية حسب تقديرات متابعين، كما سيدعم تشكيل مجتمعات صغيرة تقوم على الهويات الفرعية بسمات الاثنية والعرقية والمذهبية وهذا ما سيؤجج النزعات الانفصالية بالمجتمعات ويؤدى لحروب أهلية قائمة على الهويات المناطقية.
كما سيقوم ترامب وفريقه لإنهاء اتحاد الناتو وفصل مسار امريكا وبريطانيا عن بقية دول الاتحاد الأوروبي، وهذا ما سيضعف دور الاتحاد الجيواستراتيجي ومكانته كما سيقوم ببناء تحالفات مع روسيا الاتحادية تنهي ملف أوكرانيا وتعمل لإعادة تموضع استراتيجي مع الصين، هذا إضافة لاسقاطات تقسيمية اخرى تطال الدول ذات المساحات الكبرى في أفريقيا حيث جنوب أفريقيا وأمريكا اللاتينية حيث البرازيل.
كما سيعمل ترامب وفريقه على دعم قيام اسرائيل التوراتية وليس فقط اليهودية، محولا بذلك قضية الشعب الفلسطيني السياسية إلى قضية سكان إنسانية، وهذا ما يعني أن ترامب وفريقه يمتلك برنامج تفكيك للمجتمعات الدولية، وسيعمل بذات السياق لتمتين حالة الاندماج العضويه للعرقية الانجلوسكسونيه القائمه على المذهبية البروتستانتية التي تقف عليها مجتمعات بريطانيا وأمريكا وكندا ونيوزيلندا وأستراليا بمرجعيه العيون الخمسة.
كما هو الاستخلاص الذي يحمل محصلة اقرار ترامب وادارته القادمه بفشل برنامج أمريكا بقيادة العالم من جديد عبر البرنامج الذي عمل على تنفيذه الرئيس بايدن وذلك فى حالة فوز ترامب بالانتخابات القادمة، كما يقوم بالاعتراف بالتعددية القطبية وإقرار دور روسيا والصين فيها وهذا ما يعد إقرار من قبل بيت القرار الأمريكي بخسارة دور أمريكا بالأحادية القطبية بعد فشل الإدارة الأمريكية ببرنامج قيادة العالم من جديد !
وهذا ما يعني اقتران اختيار ترامب بإقرار عمق الدولة الأمريكي بخسارة معركتة في حرب الأحادية القطبية وخسارة مكانته على العرش الدولي وعودة الإدارة الأمريكية لتقاسم النفوذ مع روسيا إضافة للصين، و عودة العالم الى مناخات الحرب الباردة بثلاثة محاور هذه المرة وليس باتجاهين، وهو البرنامج الذى لا يعتقد متابعين أنه قادر لإقناع عمق الدولة الأمريكي بمضمونه على الرغم من كاريزما التأثير التي يتمتع بها دونالد ترامب بتوجيه سياسته للرأي العام الأمريكي والعالمي، فإذا اذا كان بايدن غير لائق صحيا فان ترامب غير لائق سياسيا فى ميزان الأثر ودوائر التأثير !