فيما يعاني أصحاب المشاريع الإنتاجية في محافظة جرش من قلة المهرجانات والفعاليات التي تسوق منتوجاتهم بمختلف أنواعها، باتوا يلجأون إلى استثمار الطرقات لعرض منتوجاتهم في هذه الفترة التي جهزوا فيها كميات كبيرة من البضائع، رغم أن عرضها تحت أشعة الشمس يعرضها للتلف والضرر السريع، لكنهم يجدون أنفسهم مضطرين إلى ذلك.
يذكر أن أغلبية هؤلاء المنتجين هم جمعيات خيرية وتعاونية، وسيدات منازل، بينما انعكست الأحداث السياسية في المنطقة على أعمالهم وأوقفت فعاليات التسويق لهذا العام، فضلا عن تراجع قطاع السياحة العربية والأوروبية، الذي كان يطلب هذه المنتوجات التي تحظى بإقبال كبير عليها.ولم يتبق خيارات لسيدات الأعمال وأغلبهن معيلات لأسرهن، سوى الطرقات والمواقع التي تشهد حركة تنزه خاصة نهاية الأسبوع لعرض منتوجاتهن فيها، ومحاولة بيع ولو كميات متواضعة منها، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة للمواطنين.
وفي هذا الصدد، تقول المنتجة جميلة أبو ملحم، إنها لا تجد طريقة لعرض منتوجاتها الغذائية التي تشتهر بها محافظة جرش من مخللات ومربيات وأعشاب طبية وحلوى شعبية وألبان إلا على الطرقات التي تمر بها الأفواج السياحية، ومنها الطريق الدولي الذي يربط العاصمة بمحافظتي جرش وعجلون أو الطرق المؤدية إلى المدينة الأثرية والمحميات الطبيعية والغابات التي تشهد حركة تنزه نهاية الأسبوع وفي العطل الرسمية.
وتعتقد أبو ملحم أن المنتجين، وأغلبهم سيدات منازل مجبرات على البيع والتسويق بهذه الطريقة، كون التسويق الإلكتروني ضعيفا، نظرا لسوء الظروف الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون وتغير أولوياتهم واهتماماتهم، وتراجع السياحة وعدد المعارض التسويقية والترويجية والمهرجانات التي كا لها دور كبير في التسويق وبيع المنتوجات.
بدورها، اضطرت المنتجة أم عبدالله النظامي إلى افتتاح محل ومطعم ومعرض تجاري وسط مدينة جرش لتسويق منتوجاتها بدون مساعدة من أحد، كون المعارض والمهرجانات متواضعة وغير مجدية، حسب قولها، كما تزاول أعمالا في بيتها التراثي بهدف تسويق الموقع الأثرية في جرش، كونه يقع في سوق جرش العتيق الذي يقصده الزوار على مدار الساعة، وفي حال استقرت الأوضاع السياسية في المنطقة فمن المتوقع أن يشهد الموقع حركة تنزه نشطة.
وأوضحت أن هذه هي الطريقة الوحيدة للحفاظ على المنتجات من التلف والضرر، كون كل منتج يجب أن يحفظ بطريقة صحية وصحيحة للحفاظ على سلامته، وكذلك أسلوب عرضه وتسويقه على مدار الساعة، مع إمكانية استقبال الأفواج السياحية وتقديم الضيافة حسب الأصول، وإحياء التراث الأثري الجرشي، الذي تعتمد عليه آلاف العوائل الجرشية للاستفادة من الميزات السياحية للمحافظة.
من جهتها تؤكد المنتجة رئيسة جمعية سيدات نجدة نبيلة أبو غليون، أن الجمعية توفر فرص عمل لعشرات من سيدات المجتمع المحلي، عبر مشاريع تمكين للأسر، لكن المشكلة هذا العام تكمن في تراجع الحركة السياحية بسبب الظروف السياسية التي تمر بها المنطقة، مشيرة إلى أنهم يعتمدون على زوار المحافظة لتسويق منتجاتهم التي تتميز بها المحافظة وأغلبها منتجات غذائية وتراثية.
وطالبت أبو غليون بأن يتم تفعيل مسار سياحي خاص بالمنتجات الجرشية من مواد غذائية وتراثية ومنسوجات ورسم بالرمل وفن تشكيلي بمختلف أنواعه، كون هذه الحرف والمهن عبارة عن مشاريع أغلبها تديرها سيدات وأرباب أسر يعتاشون منها، وتحتاج إلى تنشيط حركتها وتفعيلها، في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة للحفاظ على ديمومة عملها.
وأوضحت أن سمعة المنتج الجرشي تضاهي المنتجات العالمية في الجودة والإتقان، واستخدام المواد الصحية والمنتجات البلدية في تحضيرها، إلا أنها تتعرض لنكسات كبيرة في السنوات الأخيرة، بدءا من جائحة كورونا إلى حرب غزة، كونهم يعتمدون على السياحة في تسويق منتوجاتهم، وعلى المهرجانات والفعاليات، وبالتالي فهم يتأثرون بالظروف التي تمر بها المنطقة.
وطالبت بوضع حلول ممنهجة وجذرية لمشاكلهم، وأهمها إيجاد معارض تسويقية دائمة لمنتوجاتهم، وإعادة إحياء وتفعيل المهرجانات التي كانت تقام في جرش بشكل خاص، والتي ألغيت دون سابق إنذار، ومنها مهرجان المونة الجرشية، ومهرجان العنب، ومهرجان اللبنة، ومهرجان الجمعيات التعاونية، فيما لم يتبق سوى مهرجان جرش الذي يشارك فيه آلاف المنتجين الذين يتنافسون داخل الموقع، وهو مهرجان عربي ولا يخص أهالي جرش وحدهم، وفق قولها.
ويأمل أهالي جرش وكافة المنتجين في المحافظة أن يتم إطلاق مهرجان جرش هذا العام بطابع ثقافي وتراثي يركز على عرض وتسويق المنتوجات الجرشية، والتشبيك مع كافة العاملين في هذه المجالات من مختلف دول العالم، سيما وأنه لقاء ثقافي وحضاري يجمع العالم خلال فترة مناسبة في مكان واحد هو المدينة الأثرية.
بدوره يرى الخبير السياحي رئيس لجنة الاستثمار في مجلس محافظة جرش الدكتور يوسف زريقات، أن المنتج الجرشي هذا العام تعرض للظلم بسبب سوء الأوضاع السياحية، خصوصا وأنه يعتمد بالدرجة الأولى على قطاع السياحة في التسويق والترويج والبيع والشراء، إلا أن الظروف السياسية ساهمت في تقليل الإنتاج وضعف السياحة وتردي الظروف الاقتصادية للمواطنين.
وأضاف أن ذلك دفع آلاف المنتجين إلى التوقف عن الإنتاج أو عرض منتوجاتهم بطريقة غير لائقة وغير صحية على جوانب الطرقات والممرات السياحية، أو تقليل كميات الإنتاج وتسويقها بأسعار متواضعة للحفاظ على ديمومة العمل فقط.
ويرى زريقات أن الحل يكمن بتجهيز معارض تسويقية دائمة للمنتج الجرشي في الممرات السياحية، والحفاظ على المهرجانات التسويقية التي كانت تقام سنويا في جرش، والخاصة بهم، والتي كانت ناجحة وتشهد حركة تسوق نشطة وتؤمن للمنتجين فرص تشبيك بينهم وبين المنتجات في دول عربية وعالمية، فضلا عن ضرورة تفعيل المسار السياحي الخاص بالمنتجات الغذائية، والذي لا يزال غير مفعل حتى الآن.