في الأردن لا توجد أحزاب سياسية بل يوجد أشخاص أسسوا مجموعات بشرية يُقال عنها أحزابًا – مع الاعتذار لهذا الوضوح – وذلك بالرغم مِنْ أنّ أول حكومة أردنية تأسست في شرق الأردن عام 1921 وهي حكومة رشيد طليع كانت حزبية بالكامل ومكونة مِنْ أعضاء حزب الاستقلال العربي ( الاستقلاليين السوريين ) وذلك بحكم أنّ شرق الأردن كانت جزءاً مِنْ بلاد الشام ، وكانت حكومة حزبية تَحكم دون قانون !! حيث أنّ أول قانون للأحزاب صدر في الأردن عام 1954 .
وإذا كان علي الركابي ( رئيس حكومة أردنية سابقة ) هو مَنْ كان صاحب فكرة مُحاربة الاحزاب ومشهور عنه مقولة ضَرب الحزب بحزب آخر يُقابله ولذلك عَمِلَ على تأسيس حزب آخر أسماهُ حزب ( أم القرى ) وذلك تقرُباً للأمير عبدالله حيثُ كان الركابي يعتَبر هذا الحزب هو حزب الأمير- الملك لاحقًا- ومنذ ذلك التأريخ بدأ الفساد في الأحزاب التي كانت تَنسِب نفسها زورًا وبهتانًا إلى الملك وبالتالي فإنّ ما نشهدهُ في الوقت الحالي مِنْ إدعاء بعض الأحزاب محسوبيتها على القصر له أساس تاريخي في الحياة الحزبية الأردنية .
وعودًا على بدء ولقناعتي بأن الأحزاب في الأردن هي أحزاب مرتبطة بأشخاص وليست ببرامج واقعية تَسهُم في جذبِ الأعضاء إليها على أساس مِنْ القناعة السياسية الرامية إلى الوصول بالحياة السياسية إلى المستوى المأمول فلقد جاء عنوان هذا المقال موجهًا إلى أصحاب هذه الأحزاب التي أعتقد بأنها ستنتهي مع نهاية القائمين عليها والتي أنشأوها لتحقيق مصالح مُرتبطة بهم .
وإذا كان قانوني الأحزاب والانتخاب الجديدين ألتي ستجري الانتخابات بموجبهما حالهما كحال مَنْ يَجُر الثور الى الماء ليشرب فهو قد يوصل الثور إلى الماء ولكنه حتمًا لَنْ يستطيع إقناعه بالشرب !! ونحن حالنا في الأردن كحال صاحب الثور فسوف يتمّ جرّنا بإتجاه هذه الأحزاب ولكننا حتمًا لَنْ نقتنع بها !! ولذلك تَمّ تخصيص هذا العدد المرتفع مِنْ المقاعد النيابية لهذه الأحزاب مع قناعة الجميع- مِنْ أصحاب القرار- بنفور الأردنيين مِنْ الأحزاب .
وفي ظلّ التسريبات ألتي بدأ الجميع بسماعها حول طريقة توزيع المرشحين في القوائم الحزبية – والتي أنا على المستوى الشخصي- أعلم عنها الكثير وشاهدت منها الكثير حول شراء الترتيب الشخصي للمرشحين إلى الدرجة التي وصل فيها ثمن الترتيب للاسم الأول في القائمة لبعض الأحزاب الى مبلغ مليون دينار ثُمّ يبدأ السعر بالهبوط الى أن يصل المائة ألف دينار !! .
وكلّ ذلك لَنْ يُساعد في إيصال الكفاءات المطلوبة إلى المجلس النيابي بل سيساهم في إيصال أصحاب رؤوس الأموال وأصحاب المصالح وتحويل العمل النيابي إلى عَملٍ تجاري يحاول الشخص الذي إستطاع الحصول على هذا المقعد الى تعويض ما دفع مِنْ ثَمَن وستكون مصالح المواطنين هي آخر هموم هذا النائب !! .
صحيح أنّ الكثيرين مِنْ أصحاب هذه الأحزاب سيُجادلون في أنّ هذه الأموال ليست ثمنًا للمقاعد النيابية بل هي نوع مِنْ الدعم للأحزاب وحتى تستطيع هذه الأحزاب تفعيل برامجها وتغطية التكاليف المالية للمرشحين !! وَمِنْ باب إفتراض حُسن النيّة والسذاجة المقصودة ليسير المركب !! فلماذا لا يتم معاملة القائمة الحزبية كالقائمة المحلية بحيث لا يتم التقيد بالترتيب الوارد في القائمة وإنما يتم التصويت على الأشخاص داخل القائمة وَمَن يَحصل على أعلى الأصوات هو مَنْ يُمثل الحزب وبهذه الطريقة – بحسب إعتقادي- سيتم القضاء على فكرة شراء ترتيب القوائم وكذلك نعمل على إيصال أصحاب الكفاءات والموثوقين مِنْ المرشحين وتحقيق المساواة بين مَنْ يَملك المال وَمَن لا يملك !! وبذات الوقت ترك الفرصة متاحة لِمن يرغب بدعم حِزبِه !! وحينها سيتبين لنا الخيط الأبيض مِنْ الخيط الأسود !! .
صحيح أنّ القانون ليس كتابًا مقدسًا وَقَد تَمّ تعديل وتغيير الكثير مِنْ القوانين خلال الفترة الماضية وهذا القانون لَنْ يكون إستثناءاً على ما سَبَق ولكن يبقى دفع المفاسد أولى مِنْ جَلبِ المنافع ولقد بدأت المؤشرات السيئة تأتينا تباعًا عَنْ المجلس العشرين .
المحامي فضيل العبادي
مجلس محافظة العاصمة