أكدت الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة “ذبحتونا” أن نظام التوجيهي الجديد لن يستطيع الصمود في ظل الثغرات الكبيرة في داخله، وخاصة ما يتعلق بربطه بأسس القبول الجامعي.
ولفتت ذبحتونا إلى أن هذا النظام هو نظام قبول جامعي أكثر منه نظام توجيهي، مشيرة إلى أن السواد الأعظم من النظام بشكله الجديد هو من صلاحيات وزارة التعليم العالي ووحدة القبول الموحد وليس وزارة التربية.
تعديل المناهج وزيادة الحمل على الطالب والمعلم
ورأت الحملة أن هذا النظام أحدث وسيحدث فوضى حقيقية وإرباكًا في المناهج. خاصة وأنه تم تقليص مدة دراسة مواد اللغة العربية والتربية الإسلامية واللغة الإنجليزية وتاريخ الأردن لتصبح سنة دراسية واحدة بدلًأ من سنتين دراسيتين، ما أدى إلى إعادة النظر في هذه المناهج من ناحية الكم إضافة إلى إجراء تعديلات جوهرية على بعضها (اللغة الإنجليزية بالذات) من ناحية المحتوى والأسلوب، ستؤدي إلى إشكاليات كبيرة. حيث لم يراعي واضعو هذه المناهج مستوى الطلبة وعدم تدريب المعلمين عليها، ما سيؤدي إلى خلق إشكاليات كبيرة. علمًأ بأنه وفقًا لاختبارات اتقان اللغة الانجليزية الدولية لعام 2023، فقد تراجع الأردن للمرتبة 96 من أصل 113 دولة، بعد أن كان يحتل المرتبة الـ90
كما أن الطالب سيكون مشدودًا لدراسة مواد الثقافة المشتركة في الصف الحادي عشر كونه سيقدم بها امتحان الثانوية العامة بنفس السنة، ما سيؤدي إلى إهمال من قبل الطالب والمعلم والمدرسة للمواد الأخرى (كالرياضيات والفيزياء .. الخ) لانشداده لدراسة مواد امتحان التوجيهي.
التشعيب بعد الصف التاسع
وأشارت ذبحتونا إلى أن قيام وزارة التربية بتحديد الصف التاسع ليتم فيه التشعيب إلى الفروع المهنية أو الأكاديمية، لم يكن موفقًا كون طالب الصف التاسع ليس لديه الدراية الكافية ليستطيع تحديد توجهاته، وأن هذا النظام المعمول به في عدد محدود من أنطمة التوجيهي الدولية، يحتاج إلى تأهيل الطالب منذ الصغر ليكون قدرًا على تحديد توجهاته، وهو الأمر الذي نفتقده في الأردن.
الحقول الأكاديمية
ولفتت الحملة إلى أن أخطر ما في هذا النظام هو تقسيم الفرع الأكاديمي إلى حقول، وطريقة تقسيم هذه الحقول، مؤكدة أن هذا التقسيم لن يصمد كثيرًا على أرض الواقع وسيواجه إشكاليات كبيرة تؤدي إلى عدم قدرته على الاستمرار. ما سيؤدي إلى التراجع عن هذا النظام في غضون عامين أو ثلاثة كحد أقصى!!
وأشارت ذبحتونا إلى أن خطورة هذا التقسيم لا تتوقف عند القبول في الجامعات الأردنية، بل إن خريج التوجيهي الأردني وفق الحقول التي تم إقرارها سيجد نفسه غير قادر على الالتحاق في معظم الجامعات العربية والدولية، حيث تعتمد هذه الجامعات دراسة مواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء بشكل أساسي كشرط للقبول في التخصصات الطبية والهندسية.
لم نفهم كيف يتم إلغاء مادة الرياضيات والفيزياء لطلبة الحقل الصحي!!! ألا تعلم الوزارة أن هذا سيؤدي إلى عدم اعتراف مئات الجامعات العربية والعالمية بشهادة التوجيهي للحقل الصحي!!
هل يعقل أن يتم حصر طالب الحقل الصحي بالجامعات الأردنية وبتخصصات محدودة؟! طالب الحقل الصحي إذا لم يحصل على مقعد طب أو صيدلة فلن يكون له خيار سوى تخصصات كالتمريض أو علاج طبيعي!!
ووفقًا لهذا التقسيم لن يستطيع طالب الحقل الطبي التقدم لأي تخصص جامعي باستثناء التخصصات الطبية. كما أن طالب الحقل الهندسي لن يستطيع التقدم لأية تخصصات باستثناء التخصصات الهندسية … الخ
ألا تعلم وزارة التربية أن معظم الجامعات العربية والعالمية تطلب أن تكون مواد الرياضيات والفيزياء شرطًا للقبول لأي تخصص علمي! كما أن طالب الفرع العلمي في السواد الأعظم من الجامعات العربية والدولية يستطيع التقدم لأي تخصص علمي أو أدبي
ألا تعلم وزارة التربية أنها هي نفسها تتشرط على طلبة البرامج الدولية دراسة الرياضيات والفيزياء كشرط للتقدم لدراسة الطب في الأردن!!
ونوهت الحملة إلى جملة من المفارقات العجيبة في القبول الجامعي وفقًا لنظام الحقول الذي اعتمدته لوزارة:
-طالب درس في التوجيهي الفيزياء والرياضيات سيحرم من القبول في قسم الرياضيات
-طالب الحقول العلمية (الحقل الطبي والحقل الهندسي وحقل العلوم) سيحرم من القبول في الكليات الإنسانية.
ملاحظة: لم تقم الوزارة بعمل دراسة حول أداء طلبة الفرع العلمي في مواد الكليات الإنسانية. حيث يعلم كل متابع للشؤون الجامعية أن أعلى المعدلات في هذه المواد هي لطلبة الكليات الطبية. فكيف يتم حرمان طلبة الحقول العلمية من الحق في دراسة تخصصات إنسانية!!
-الطالب سيحرم من الدراسة في كلية الحقوق إذا لم يدرس مادة “تربية إسلامية تخصص”
-الطالب سيحرم من الدراسة في قسم علم الاجتماع أو علم النفس إذا لم يدرس مادة “لغة إنجليزية متقدم”؟!
-طالب درس في التوجيهي الرياضيات والفيزياء سيحرم من دراسة الفيزياء في الجامعة؟!!
التشعيب إلى حقول في الصف الثاني عشر
وأبدت الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة “ذبحتونا” دهشتها من قرار وزارة التربية أن يكون التشعيب في الحقول في الصف الثاتي عشر فقط. ولفتت إلى أنه في كل دول العالم فإن التشعيب يكون في الصف العاشر أو الحادي عشر.
وأشارت الحملة إلى أن هذا القرار سيكون له تبعاته الكارثية على العملية التعليمية وعلى الطالب والمعلم والغرفة الصفية والمدرسة.
فبأي منطق يتم فرض دراسة الفيزياء والكيمياء والأحياء في الصف الحادي عشر لطالب اختار حقل القانون أو اللغات؟!! وما الدافع الذي سيجعل هذا الطالب يهتم بدراسة هذه المواد؟! ألا تعلم الوزارة أنها ستخلق حالة كبيرة من الفوضى في الغرفة الصفية نتيجة عدم اكتراث الطالب بهذه المواد؟! ألم تأخذ الوزارة العبرة من إقرار مادة الحاسوب لطلبة العلمي كمقرر مدرسي لا يدخل في االامتحانات الوزارية والذي أصبح مادة لا يتم تدريسها في السواد الأعظم من المدارس؟!!
إصلاح التعليم
ونوهت الحملة إلى أن أي إصلاح حقيقي في العملية التعليمية والنهوض بها يجب أن يبدأ من رياض الأطفال صعودًا إلى التوجيهي وليس العكس كما تقوم الوزارة منذ أكثر من عشر سنوات. كما أنه لا يستقيم أن يتم الحديث عن تطوير التعليم في ظل خفض ميزانية وزارة التربية، وتقليص أعداد المعلمين، والتوسع في تعيين المعلمين على “الإضافي” دون تثبيت، ورفع نصاب المعلم، إضافة إلى ضعف البنية التحتية والخدمات اللوجستية والاستمرار بنظام الفترتين.. فكيف يستقيم كل هذا مع الحديث عن تطوير والارتقاء بالعملية التعليمية؟! وهل سيكون تعديل نظام التوجيهي العصا السحرية لتطوير التعليم في الأردن؟
إذا كانت الحكومة جادة في تطويرالتعليم، فعليها أن تبدأ بزيادة موازنة وزارة التربية بما يتناسب مع عدد الطلبة، وتقديم بنية تحتية وخدمات لوجستية قادرة على مواكبة التطور الكبير في العلم والتعليم على المستوى العالمي. كما أن الوزارة مطالبة بتأوفير العدد الكافي من المعلمين بما يتناسب مع عدد الطلبة، وزيادة رواتبهم وتأهيلهم عبر دورات مكثفة تسهم بالارتقاء بهم.