كتب : نضال المجالي
تؤكد الشواهد الحديثة والقديمة في العالم أن السياسيين والأحزاب هم اللاعب الأساس في نمو ونجاح مستقبل الدول، وتتنوع نتائج مستقبل الحياة فيها بما انتهجته تلك الدول من فكر واهتمام تقدمه تلك الأحزاب لتمثل جميع المواطنين.
ويعرف الحزب السياسي بأنه اتحادات سياسية يشترك أعضاؤه في فلسفة معينة أو تتشكل حول مواضيع محددة بهدف ضمان المشاركة في السلطة، ويكون ذلك متاحا بصورة قانونية واحدة تتمثل من خلال الانتخابات وفقاً لقوانين كل بلد، والحزب الذي يحقق أكبر عدد من المقاعد البرلمانية في تلك الفترة يعتبر هو الحزب القيادي أو الحكومي، وعندها سيبدأ فعليا بأن يحظى بالقبول والشعبية أو المنافسة.
أردنيا ومن خبرتي الحديثة حزبيا والتي أقدرها، عند متابعة المشهد تجد من شكل وتشكيل الأحزاب تعريفا لمفهوم الحزب بصورة مختلفة، فهم في الغالب مجموعة من الأشخاص جمعتهم مجموعة مصالح خاصة أو موجهة وهنا توافق جزئي مع المفهوم عالميا، وما أسرع أن تتبدل أو تختلف التبعية الحزبية لدى الغالب منهم حسب معدل القبول الذي يحققه العضو المنتسب في غايته الخاصة، وتصل في بعض الأشخاص والأحزاب إلى معدل القبول في- كليات الطب- فلا بقاء أو استقرار ما لم يحقق العضو المنتسب 98 ٪ من مستحقاته الحزبية لإقناعه للبقاء، لتبدأ بخلاف ذلك رحلة جديدة في البحث عن قبول في جامعات غير معتمدة أو غير منضبطة أو منضبطة أو أجنبية وأقصد- حزبا جديدا- تكون فيه فرصة الامتيازات الممنوحة للعضو يمكن تحقيقها بحدود معدل القبول في تخصص مشبع راكد في جامعة بعيدة عن المركز.
وفي جهة مقابلة، نعلم جميعا أن علم الإدارة بمفهومه المطلق لأي كيان لم يترك مفهوما إلا واستطرد في سردية معناه وأركانه وكل أبعاده، وأحد تلك المفاهيم الإدارية العالمية توافقا ومعنى في موضوع المقال ما يسمى بالدوران الوظيفي أو ما يسمى بدوران العمل، وفي كل منهما فرق بالرغم من تداخل الأمر وتوافق معناه لدى العامة ممن لم يدقق بالفرق، ومن أبرزها أن الدوران الوظيفي يكون داخل المؤسسة إما تدرجا لأعلى أو انتقالا داخليا لمهمة جديدة بذات المستوى، وإما دوران العمل فهو الانتقال كليا من كينونة بيئة عمل إلى عمل آخر، وفي كل منهما سلبيات وإيجابيات، وأبرزها إيجابا تبادل الخبرات من بيئة لأخرى. ولكن لم يسبق لي أن قرأت في موضوع الدوران الحزبي وطبيعته حتى شهدت ذلك بصورة مستفزة في نموذج الأحزاب الأردنية في آخر ثمانية عشر شهرا مضت، والتي أوقعتني في حيرة قيدت قدمي عن التقدم ولو خطوة واحدة للأمام في توجهي للعمل الحزبي، فلا أسرع مما سمعت وشهدت من انضمام أفراد أو مجموعات أو انتقال أفراد ومجموعات أو استقالة أفراد ومجموعات من حزب إلى آخر كما هو الحال في طبيعة الأحزاب الأردنية وفي حالة لا يقبلها مفهوم الاستقرار الإداري كما هي الغاية من الوصول لاستقرار سياسي بجوهره.
الاستقرار الحزبي ومنع أشكال الدوران العاجل يجب أن يكون أساساً لنجاح المرحلة القادمة إن كنا ننشد غايتها حقا، وقد يرفض البعض أو الجميع طرحي وهو حق ديمقراطي مفتوح، فهي وجهات نظر وليس كتابا منزلا، لكن لو كنت مشرعا لوضعت نصا يمنع الانتقال والانضمام لحزب جديد لمن استقال أو أقيل من حزبه قبل مرور عام كامل على الأقل من تاريخ انفكاكه الوظيفي الحزبي، لنؤكد أن الانضمام أو الانتقال أو الاستقالة تستوجب تفكيرا بحجم ما هو مأمول أو مطلوب من الأحزاب تحقيقه، ولنضمن ألا يكون العمل الحزبي وانتساب أعضائه عملا بالأجرة اليومية أو بالقطعة، بل كما هو معلوم منذ نشأة أول حزب في العالم أساسه قناعة وتوافق فكري تحقيقا لسلطة أكبر.