“يبدو أنه لا حج لسكان غزة هذا العام”، بسبب سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على معابر القطاع وسط حرب وحشية تمنع وصول أبسط احتياجات السكان، ولكن تعذر الحج ليس مشكلة غزة وحدها هذا العام، ولكن عدة دول ومناطق سيتعذر على أغلب طالبي الحج فيها أداء المناسك هذا العام بسبب الحروب الأهلية أو القمع الداخلي.
ونددت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة، أمس، بمنع الآلاف من مواطني القطاع من أداء فريضة الحج بسبب احتلال إسرائيل الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري وإغلاقه.
وقالت الوزارة في بيان: “يتسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، واحتلال معبر رفح البري، بالحيلولة دون إتمام موسم الحج لحجاج غزة لهذا العام 1445هـ – 2024م”.
ومنذ 6 مايو/أيار الجاري تنفذ إسرائيل هجوماً برياً بمدينة رفح جنوب قطاع غزة؛ واستولت في اليوم التالي على الجانب الفلسطيني من المعبر مع مصر؛ ما تسبب بإغلاقه أمام مرور الأشخاص ومساعدات إنسانية شحيحة.
تعذر الحج
وأكدت الوزارة أن “منع آلاف من مواطني غزة عن أداء فريضة الحج، يعد انتهاكاً واضحاً لحرية العبادة وللقانون الدولي الإنساني، ويشكل جريمة حرب جديدة تضاف لسلسلة الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحق شعبنا وأماكن العبادة، وفي مقدمتها قصف وتدمير 604 مساجد بشكل كلي، وإلحاق أضرار بليغة بـ200 مسجد، وقصف 3 كنائس”.
ودعت الوزارة كلاً من مصر والسعودية إلى “الضغط على جميع الأطراف، وفي مقدمتها الاحتلال، لتمكين أهالي غزة من إقامة شعيرة الحج لهذا العام”.
وناشدت السعودية “إدراج فوج الحج لأهالي قطاع غزة لهذا العام، ضمن مكرمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز”.
تعذر الحج في السودان.. ثلاثة أرباع حصة البلاد لم يتقدم لها أحد
سجل أقل من 8 آلاف سوداني فقط للحج هذا العام، بنسبة 25% من حصة السودان التي حددتها وزارة الحج السعودية للسودان، حسب مسؤول حكومي.
ويعود السبب الرئيسي في تعذر الحج لكثير من السودانيين إلى ارتفاع تكلفة الرحلة، وكذلك صعوبة التحرك في مناطق عدة بالبلاد بسبب الحرب الأهلية.
ومع تدهور سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية ارتفعت كلفة الحج للعام الهجري الحالي (1445)، إلى 6 ملايين جنيه للمسافرين جواً (5500 دولار) عبر مطار بورتسودان الوحيد العامل في البلاد منذ اندلاع الحرب، ونحو 5 ملايين جنيه (5 آلاف دولار) بحراً من ميناء سواكن على ساحل البحر الأحمر، وفقاً لتقرير لموقع “الجزيرة.نت”.
يعني أن تكلفة الحج باتت تترجم إلى مبلغ هائل بالجنيه السوداني، جراء الإنهيار الكبير في قيمته، حيث يجري تداول الدولار الواحد حالياً بحوالي 1500 جنيه مقارنة مع 600 جنيه قبل اندلاع الحرب، حسب ما ورد في تقرير لموقع سكاي نيوز عربية.
ويجد الكثير من السودانيين صعوبة كبيرة في توفير هذا المبلغ بعد أن جردت الحرب أكثر من 60% منهم من مصادر دخلهم الرئيسية في بلد تخطت فيه نسبة الفقر أكثر من 70%.
وسعت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف السودانية إلى تسهيل التقديم للحج عبر مواقع إلكترونية للولايات، وسداد التكاليف عبر تطبيقات مصرفية، فيما تم تمديد فترة التقديم غير مرة، لكن ذلك لم يكن كافياً سوى للعدد الذي أكمل إجراءاته لأداء الفريضة.
وتعذر الحج بالنسبة للسودانيين بدأ منذ العام الماضي، حيث تخلّف عدد مقدر عن الذهاب للأراضي المقدسة العام الماضي، بعدما فقدوا التواصل مع إدارة الحج والعمرة، أو فشل بعضهم في سداد الرسوم بسبب اندلاع الحرب.
وأدى مناسك الحج العام الهجري الماضي (1444هـ)، الذي كان بعد أسابيع من اندلاع القتال في الخرطوم، 14 ألف شخص من 32 ألف فرصة للسودان حددتها السعودية.
كما تعذر الحج بالنسبة لكثيرين بسبب عجزهم عن الوصول من إقليمي دارفور وكردفان براً إلى بورتسودان لطول المسافة (3 آلاف كيلومتر)، وانتشار قوات الدعم السريع وقطّاع الطرق، ما يجعل السفر خطراً على سلامتهم.
الصين.. القيود تتزايد حتى على الحج الفردي
في عام 2020، فرضت السلطات الصينية قواعد جديدة لاختيار المتقدمين المؤهلين لأداء فريضة الحج، من ضمنها أن يستوفي المتقدم “معيار الوطنية”، في خطوة يرى مراقبون أنها تمثل سيطرة الدولة على الحياة الدينية.
وتشترط القواعد المادة أن يكون المتقدمون “وطنيين وملتزمين بالقانون مع حسن السيرة والسلوك”، كما تمنع الشروط من أدوا الفريضة سابقاً من التقديم مجدداً، إضافة إلى حظر الحج الفردي أو الشخصي.
وأشارت اللوائح الجديدة إلى أنه لا يجوز لأي منظمة أو فرد آخر تنظيم أنشطة الحج.
وفي ذلك الوقت قال الناشط الإيغوري نوري توركل، الذي يعمل في اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية في تصريح لصحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست”، إن الصين تسمح بالحج الرسمي فقط منذ عام 2005، لكن القواعد الجديدة توضح كيفية اختيار المشارك ليكون مؤهلاً لأداء الفريضة.
وبعد ذلك واصلت الصين تشديد قيود حج مواطنيها المسلمين، بما في ذلك التأكد من المسلمين الذي يسافرون خارج البلاد لا يقومون بأداء فريضة الحج دون إذن من السلطات، حسب ما ورد في تقرير لموقع NPR الأمريكي.
وقال أحد المسلمين الذين قاموا بالحج بشكل فردي للموقع: “عندما نعود إلى الصين، قد يتم قطع جوازات سفرنا أو مصادرتها، لكننا سنواجه كل ما يتعين علينا فعله عندما نعود”.
وبعد انتعاش السفر في أعقاب انتهاء إغلاقات جائحة فيروس كورونا في الصين، قطعت السلطات جميع المسارات تقريباً إلى الخارج أمام المسلمين، مشيرة إلى مخاوف من احتمال تطرفهم في الخارج أو تشجيع الحماسة الدينية بمجرد عودتهم إلى الصين.
ويقول تقرير لموقع “مشروع الصين”: إنه كانت هناك قيود أو شبه حظر على سفر المسلمين لعقود من الزمن، وكان يُستخدم عادة لمنع السياحة الدينية في الخارج، مثل أداء فريضة الحج.
ولقد بدأ تطبيق نظام تمييزي بشأن استخراج جوازات السفر منذ عام 2002، حيث يتم تسريع إصدار وثائق لأبناء قومية الهان الصينية الرئيسية في البلاد ليتم استخراجه خلال 15 يوماً، ولكنه يؤخر لسنوات في كثير من الأحيان بالنسبة للطلبات المقدمة من الإيغور والتبتيين والأقليات العرقية الأخرى. لكن مثل هذا الحظر على الخروج كان في ارتفاع منذ تولى الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني شي جينبينج المسؤولية في عام 2012.