ساسة إسرائيل يوظفّون فيديو الجنديات الأسيرات لشيطنة الفلسطينيين

قبيل انعقاد مجلس الحرب الإسرائيلي الليلة الماضية للنظر في احتمالات التقدم نحو صفقة تبادل، كشفت عائلات المحتجزين الإسرائيليين عن فيديو لجنديات خلال أسرهن من قبل عناصر حماس في السابع من أكتوبر؛ بهدف زعزعة الرأي العام وصناع القرار في إسرائيل وربما في العالم من أجل زيادة احتمالات إطلاقهن في صفقة.
بيد أن ساسة إسرائيل وظّفوا الفيديو لشيطنة حماس والفلسطينيين، واتهام دول تعترف بفلسطين وتقدم “جائزة للإرهاب” كما قال رئيس إسرائيل إسحاق هرتسوغ، ورئيس حكومتها بنيامين نتنياهو الذي لم يكتف بالإشارة لحماس، بل قال إن 80% من الفلسطينيين داخل الضفة الغربية يؤيدون “طوفان الأقصى”.
ويبدو أن الفيديو لم ولن يؤّثر على ساسة إسرائيل أصحاب “جلد الفيل” ممن لم يكترثوا بالبعد الإنساني في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، كما تدلل الحقائق على الأرض، وكما يؤكّد مراقبون إسرائيليون أيضا. يتجلى ذلك في قول محلل الشؤون الحزبية في صحيفة “هآرتس” يوسي فرطر الذي يرى أن كل إنسان مع ضمير شاهد الفيديو يمتلأ خجلا وغضبا وإحباطا، لكن الضمير بات أمرا نادرا لدى صناع القرار في إسرائيل.
ويعلل رؤيته هذه بالقول إن كثيرا من الوزراء في حكومة الاحتلال رفضوا مجرّد مشاهدة الفيديو ولا يهمهم، وهم يقتدون بذلك بنتنياهو.
ويتابع قائلا: “نتنياهو يطلق شعارات النصر المطلق بينما المخطوفات في غزة. الفيديو شهادة على فشله”.
وتبعه زميله محلل الشؤون العسكرية في الصحيفة عاموس هارئيل الذي يقول إن الفيديو يذكّر بأن الإسرائيليين لم يتلقوا بعد شرحا مقنعا لما حدث في السابع من أكتوبر. من النقاط اللافتة لنظره في الفيديو: لامبالاة الخاطفين وسكينتهم وعدم احتسابهم أي خوف وهم يقومون باحتلال القاعدة العسكرية وأسر من تبقى حيّا فيها.
ويخلص هارئيل للقول إنه “لا يمكن للمسؤولين البقاء في مناصبهم فترة طويلة. الفيديو المرعب لا يؤّثر على نتنياهو الرافض لصفقة في الشروط الحالية وكذلك حماس لا تريد أيضا”.

اجتماع مجلس الحرب
بعد اجتماع كابينيت الحرب في الليلة الفائتة، قال بيان مقتضب جدا صادر عن مكتب نتنياهو، إنه قرر توكيل الطاقم المفاوض لمواصلة الاتصالات من أجل فحص إمكانية القيام بصفقة جديدة. فيما قالت الإذاعة العبرية إن طاقما من التقنيين يتحرك على خط تل أبيب القاهرة مرة واحدة في الأسبوع لهذا الغرض.
بيد أنه لا يلوح في الأفق مؤشّر يشي بأن حكومة نتنياهو تتجّه لصفقة ثانية مع حماس لأنها ما زالت راغبة بمواصلة الحرب طمعا بتحقيق مآرب معلنة وغير معلنة. والسؤال هل وكيف يؤثّر فيديو الجنديات الأسيرات في الشارع الإسرائيلي؟
رغم مشاهد الفيدو الصادم وتزامنها مع الكشف عن مقتل وإصابة عشرة جنود جدد داخل القطاع، بقيت مظاهرة عائلات المحتجزين ليلة أمس في تل أبيب صغيرة وخجولة. ربما هو الإرهاق من التظاهر المتكرر وربما اليأس من حكومة متشددة، وربما لأن ذلك تمّ في غير نهاية الأسبوع، وربما هي مشاعر العجز والفزع والخوف والقلق وشهوة الانتقام المفتوحة لدى الإسرائيليين تحول دون ولادة ضغط داخلي يهدد نتنياهو، وإن كان هذا الضغط يتصاعد خلال الأسابيع الأخيرة.
في هذا المضمار، يظهر استطلاع جديد بثّت نتائجه الإذاعة العبرية العامة صباح اليوم الخميس، أن 40% من الإسرائيليين يؤيدون انتخابات عامة مبكّرة الآن، و32% يؤيدون الانتخابات فور انتهاء الحرب.

الهروب للأمام
كما هو الحال في موضوع اعتراف دول أوروبية بفلسطين، وكذلك في موضوع فشل الحرب المتوحشة على غزة، فإن ردود الفعل الإسرائيلية تبدو انفعالية ونوعا من الهروب للأمام بدلا من الإقرار بالفشل والبحث عن مخارج كما تجلى في تصريحات متكررة لنتنياهو بأن الضغط الخارجي “لن يوقفني ولن يوقفنا حتى النصر المطلق في القطاع”.
وتبعه السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة النائب داني دانون، الذي قال اليوم إنه ينبغي الإسراع في توجيه ضربات قاتلة في رفح وجنوب القطاع لأن العالم بدأ يثور علينا بشكل واضح وفي كل الجبهات، لافتا إلى أن ما لم يتم في مطلع الحرب لا يمكن فعله بعد سبعة شهور بسبب الضغط الخارجي المتزايد.
في المقابل، يواصل عدد متزايد من المراقبين الإسرائيليين التحذير من مغبة مواصلة البحث عن نصر مفقود بين رمال غزة. فيقول المعلق السياسي آفي سخاروف في صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن السيطرة على رفح لن تجلب لنتنياهو أي انتصار وطبعا ليس نصرا مطلقا. ويؤكد أن مسلسل الحماقات الإسرائيلية في القطاع سيقود الجيش للعودة لمواقع سبق أن احتلها وأخلاها.
ويخلص سخاروف للقول: “من لا يريد البحث عن اليوم التالي سيحصل على حكم عسكري إسرائيلي في غزة”.

فرج أمريكي
ويتقاطع معه الجنرال في الاحتياط يتسحاق بريك المعروف بـ”نبي الغضب” في إسرائيل، حيث يقول إن السابع من أكتوبر لم يكن مفاجئا أبدا له. ويكشف في مقال تنشره صحيفة “معاريف” اليوم الخميس، عن أنه قدم تقريرا مكونا من 80 صفحة لوزير الأمن وقائد الجيش قبل شهرين من الحرب حذّر فيه من ضعف الجيش الإسرائيلي وعجزه عن إدارة معركة على أكثر من جبهة لعدة عوامل منها قلة عدد جنوده بعد تقليصه في السنوات الأخيرة طمعا بـ”جيش قوي وذكي وقليل العدد”.
حكومة الاحتلال الطامعة بإطالة أمد الحرب على غزة لعدة عوامل وحسابات غير مكترثة حتى الآن بالضغوط الخارجية والداخلية التي من شأنها أن تقف مجددا أمام امتحان جديد غدا الجمعة، حيث من المتوقع أن تصدر محكمة العدل الولية قرارها بشأن طلب جنوب أفريقيا ودول أخرى إصدار أمر لوقف هذه الحرب، وسط توقعات بأن يؤدي الضغط الأمريكي غير المعلن على القضاة وعلى المحكمة (تهديد بعقوبات وبتجفيف مالي) بالامتناع عن مثل هذا القرار دعما لإسرائيل، كما يقول سفيرها الأسبق في واشنطن داني أيالون في حديث للإذاعة العبرية الرسمية اليوم.
وتفاعل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مع فيديو يظهر لحظة أسر مجندات إسرائيليات في قاعدة ناحال عوز، التي هاجمها عناصر “حماس” في السابع من أكتوبر الماضي.
واستنكرت “حماس” في بيان نشرته مساء الأربعاء “التلاعب” في الفيديو، مؤكدة على أن هناك “بترا وتقطيعا متعمدا في المشاهد واختيار صور ومقاطع لتدعيم مزاعم الاحتلال وأكاذيبه بالاعتداء على المجندات”، و”تشويه صورة مقاومة شعبنا”.
وأضاف البيان أن “وجود آثار لدماء قليلة أو إصابات طفيفة لبعض المجندات، شيء متوقع في مثل هذه العمليات، وما يمكن أن يشوبها من تدافع، والمشاهد لم تظهر أي اعتداء جسدي على أي منهن”.
وسمحت عائلات 5 مجندات محتجزات في غزة ببث اللقطات في الإعلام، سعيا منهم للضغط على حكومة بلادهم بشأن المفاوضات مع الحركة الفلسطينية والتسريع في عملية تحرير الأسرى.
وتظهر المجندات في اللقطات التي تستمر لأكثر من 3 دقائق، والمأخوذة من مقطع فيديو مدته ساعتين صوره مقاتلون من “حماس” وفقا للعائلات، يجلسن على الأرض في ملابس النوم بوجوه ملطخة بالدماء، وأيديهن مقيدة خلف ظهورهن.
وحاول بعضهن التحدث إلى عناصر “حماس” بالإنجليزية، وعلامات الذعر ظاهرة على وجوههن، ثم تم نقلهن في سيارة جيب عسكرية، وسط إطلاق نار كثيف.
وقالت ساشا أريف، شقيقة المجندة الأسيرة كارينا أريف: “حان الوقت للتحرك وإلا فإن دماء شقيقتي والرهائن الآخرين ستكون على أيدي الحكومة الإسرائيلية. رأى الجميع الآن المجندات بملابس النوم يتعرضن للخطف (…) النصر الوحيد يتمثل في تحريرهن بسرعة وعلى قيد الحياة”.
وبالنسبة لها فإن بث هذه اللقطات “يجب أن يشكل تحولا جذريا” في قرارات الحكومة. فيما أكد منتدى أُسر الرهائن في بيان على أن “اللقطات تظهر المعاملة العنيفة والمهينة والصادمة التي تعرضت لها المجندات يوم أسرهن”.
وأثار فيديو المجندات سيلا من التسائلات عن سبب نشر السلطات الإسرائيلية له بعد أشهر طويلة من الواقعة، وبالتحديد بعد إعلان 3 دول أوروبية، النرويج وإسبانيا وإيرلندا، أمس الأربعاء، اعترافها بدولة فلسطين المستقلة.
وتداول نشطاء مشاهد قديمة من هجوم 7 أكتوبر لعناصر “حماس” وهم يلعبون مع أطفال إسرائيليين في إحدى المستوطنات قبل المغادرة وتركهم بسلام. ويقول أحد عناصر المقاومة في الفيديو: “نحن لا نقتل الأطفال كما تفعلون”.
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو على حسابه في “تلغرام” أن “هذه اللقطات ستعزز تصميمي على المضي قدما بكل قواي حتى يتم القضاء على حماس للتأكد من ان ما شاهدناه الليلة لن يتكرر ابدا”.
وقال مكتبه في بيان لاحق إن حكومة الحرب طلبت من فريق التفاوض الإسرائيلي “مواصلة المفاوضات من أجل عودة الرهائن”.
وأوضح البيان أن: “مقطع الفيديو الذي يستمر 3 دقائق و10 ثوان خضع للرقابة لحذف منه اللقطات الاكثر قسوة مثل مقتل العديد من الشباب والشابات في قاعدة ناحال عوز (…) بالإضافة إلى العديد من المشاهد التي تتضمن وحشية كبيرة”.
وقتل أكثر من 50 جنديا في السابع من أكتوبر بقاعدة ناحال عوز التي هاجمها عناصر “حماس”. وقتلت 15 مجندة غير مسلحة اقتصرت مهمتهن على مراقبة الحدود على شاشات بحسب الجيش الإسرائيلي في حين اسرت سبع اخريات.

إقرأ الخبر السابق

مصر تلوح بالانسحاب من الوساطة بين حماس وإسرائيل

اقرأ الخبر التالي

الأردن يسمح بترخيص مكاتب استقدام العاملين في المنازل بعد 12 عاما على وقفه

الأكثر شهرة