على مدار تاريخها، كان الأردن وما يزال يضع الاهتمام بالإنتاج الزراعي، والنهوض به، والحد من مشاكله، ومعالجتها، ووضع حلول لما قد يُستعصى منها، فالقطاع الزراعي المحلي، واحد من أبرز القطاعات الحيوية، ذات المردودات المهمة برفد الميزانية وتشغيل العمالة، والمساهمة تحسين شروط الأمن الغذائي الوطني، وتطوير مفهوم الإنتاج الزراعي في نطاق التطور التقني، وتحسين الناتج المحلي الإجمالي.
وقد أولى جلالة الملك عبدالله الثاني القطاع الزراعي اهتماما كبيرا، وقد تجلى ذلك في رؤيته بأن يتحقق نهوض لهذا القطاع، يواكب أحدث الطرق في الإنتاج الزراعي، وبأكلاف تسهم بإرساء قواعد إنتاج حيوية للمزارعين والمواطنين.
في هذا السياق، فإن تنفيذ الإستراتيجة الوطنية للقطاع الزراعي، كانت خطوة متقدمة للارتقاء به، وتوجيه فاعليته إلى استخدام التقنيات في الزراعة، وكذلك مساعدة المزراعين بتوفير ما يحتاجونه من برامج تمويلية، ليتمكنوا من الاستمرار بتنمية القطاع، وتعزيز الأرضية العلمية في تطوير المنتج الزراعي الأردني، وفق المواصفات والمقاييس العالمية.
وأمام معضلة المياه التي يواجهها القطاع إلى جانب أزماته المتنوعة، فقد تجلت رؤية جلالة الملك باقتراح أفكار متقدمة في الزراعات المتنوع والمتطورة، ذات الاستهلاك المعتدل للمياه، بالإضافة إلى وضع حلول عملية ومستدامة لتأمين المزارعين بالمياه طوال أيام العام.
وفي وقت مر فيه القطاع بأزمات متتالية، كارتفاع تكاليف الإنتاج ونقص للمياه وارتفاع لأجور الأيدي العاملة، وإغلاق متكرر لمعابر حدودية، أثر كل ذلك وسواه على حجم الصادرات الزراعية الأردنية، لذا اتجه العمل للبحث عن بدائل وخيارات إيجابية، تسهم بالتخفيف من حدة الأزمات التي تأثر بها المزارع، والتركيز على إيجاد حلول تعمل على عودة عمل القطاع، بدءا من المزارع ووصولاً إلى مائدة البيت الأردني.
يمر عيد الاستقلال هذا العام، وسط أزمة غذاء عالمية، سبق لجلالة الملك عبدالله الثاني أن حذر من تفاقمها، وهي اليوم تبرز على سطح المشاكل العالمية، والإقليمية، بخاصة وأن حجم إنتاج الغذاء عالميا بدأ يتراجع، وأصبح تحقيق الأمن الغذائي لدول العالم، مطلبا أساسيا، وهو ما استشرفه جلالة الملك مبكرا، ودفع إلى وضع الأردن على خريطة الحفاظ على الأمن الغذائي الإقليمي والعالمي، وجاء ذلك في نطاق وضع حلول وبدائل تسهم بالتخفيف من معاناة ملايين السكان في العالم من نقص الغذاء.
على مر الحكومات المتعاقبة، كان القطاع الزراعي على رأس أولويات العمل، التي تساعد في تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني، وتتصاعد معها الحاجة إلى برامج وطنية ذات أهداف تواكب التطور التكنولوجي والتحديث المستمرين في برامج توريد المنتجات الزراعية، والبحث عن أسواق بديلة لهذه المنتجات التي تحمل جودة عالية، تنافس المنتجات العالمية، إلى جانب وضع حلول لمشاكل نقص المياه، بالإضافة للبحث عن أصناف مقاومة للتغيرات المناخية.