كتب : سلطان عبد الكريم الخلايلة
مِن المَعروف بأنَّ الأحزاب في المرحلة القادمة مطالبةٌ بشكل كبير بإظهار جدّيتها في الانتخابات النيابية وذلك عبر اختيار أصحاب الكفاءة والقُدرة؛ ممن يكونوا على سويّة عالية وقدرٍ من الثقافة، مرشحين يحملون برامج أحزابهم ويقدِرون على تنفيذها في البرلمان القادم، والمسؤولية هنا تتجلى في مقدرة الأحزاب على تقديم نماذج نوعيّة تكون علامة فارقة وتترك بصمة جليّة في مسيرة الحياة السياسية وتجربة يبنى عليها تشكّل رافداً دائماً مستمراً على المستوى الحزبي والسياسي الأردني.
التحدي الكبير أمام الأحزاب اليوم هو تأسيس بيئة اجتماعية أساسها الثقة وعنوانها الإنجاز، تعمل على تخفيف حدة الأجواء السلبية والسخط الشعبي على الأحزاب التي تحمل إرثاً سيء الذكر في الذهنية الشعبية والتي لم تستطيع خلال السنوات الماضية تحقيق اختراقاً ايجابياً في القواعد الشعبية، مما يجعل الحمل أكثر ثقلاً في طريقة اختيار المرشحين للتنافس على القائمة الوطنية المخصصة للأحزاب، فالمرحلة تحمل خيارين لا ثالث لهما، فإما حُسن الاختيار وتجسير هوّة الثقة؛ أو اتّساع فجوة الثقة من بوابة الاختيار السيء للمُرشحين.
من هنا، يكون الحديث عن كيفية اختيار الأحزاب لطريقة المنافسة عبر القائمة الوطنية، حيث أنّه ومع قانون الانتخاب الجديد المبني في القوائم العامة على نظام القوائم النسبية المغلقة أصبحت فرصة النجاح بناءً على الترتيب التنازلي للأسماء من الحزبيين في القائمة واشترط أن يكون في الترتيب شروطاً تضمن وصول المرأة والشباب في القوائم التي تحصد نسبة كبيرة من المقاعد.
وبالعودة لعنوان المقال، فإنّ المقاعد المُخصصة للقوائم العامة ستكون 41 مقعداً، وسيكون الترتيب واضحاً منذ البداية لجميع المرشحين، فكيف ستكون هذه المرحلة مصدر قوة للأحزاب وبُنيتها وإثباتاً للإيمان بالأحزاب، وليست مصدر خلافات واستقالات وصدامات، باعتبار أن المرحلة القادمة يراهن عليها الجميع حتى تكون جسر عبور لمراحل التحديث السياسي وتأسيساً لقاعدة العمل الجماعي بدلاً من الفردي.
لذلك من يؤسس للعمل في المرحلة المقبلة يجب أن تكون لديه قناعة راسخة حتى وإن حصل على الترتيب الأخير بالقائمة ولم يحالفه الحظ، فثمة من سينقل أفكاره وطروحاته تحت القبة، وهناك من سيعمل على تنفيذ برامج الحزب بالشكل الصحيح حينما يصل أقرانه من أبناء حزبه إلى قبة البرلمان القادم، ومن خلال صناديق الاقتراع، التي تُجسِّد إرادة الشعب، حيث أننا ننطلق في هذه المرحلة بما قاله جلالة الملك: ” إنها محطة رئيسية في تاريخ الحياة البرلمانية الاردنية” وستعمل بعون الله على تأسيس العمل الجماعي وليس الفردي.
إننا اليوم عند الحديث عن العمل الحزبي والسياسي المُنظّم فإننا نلتفت إلى ما في الجانب الآخر من أحاديث حول تصدير الكفاءات الوطنية من قِبَل التحالفات والائتلافات البرلمانية القادمة، فهو نوع من الدور الحزبي داخل البرلمان للتأسيس لمرحلة الحكومات البرلمانية الحزبية، فمن يمتلك مقاعد برلمانية يستطيع بكل تأكيد أن يُقدِّم قناعاته بمواقع صنع القرار، فالرسالة واضحة للأحزاب والقوى السياسية أنّه – إذا أردتم التغيير؛ فهناك فرصة من خلال الانتخابات القادمة – فنحن اليوم أمام مشروع كبير للدولة بمفهومها الواسع، وهي مرحلة اختبار للجميع، وللأحزاب خاصة لتكون قادرة على الوصول إلى الناس وتقديم المقنع وتكسب تأييدهم.
لقد كانت الضمانات الملكية على الدوام حاضرة في محافل عديدة بعزم ملكي، ولطالما كانت تأتي في الوقت المناسب لتؤكد إلتزام الأردن في مسيرة التحديث والتطوير في جميع المجالات، وتدحض طروحات التشكيك والمشككين، ولم يتبقَّ الآن إلا الدور الشعبي بعدّة محاور والتي تبدأ بكيفية وآلية اختيار الأحزاب لقوائمها وترتيب مرشحيها ضمن أُسس وقواعد، والعمل أيضاً على زيادة المشاركة في الحياة العامة من قِبَل المواطنين بذهابهم لصندوق الاقتراع بدلاً من عدم المشاركة، مع إيجاد ثقافة مجتمعية باختيار المرشح بورقة الاقتراع، لأنّ ذلك أساس للإصلاح السياسي، وعند غياب هذه المشاركة فأننا لو أحضرنا أفضل القوانين الناظمة للعمل السياسي لن تغيّر شيء بالمخرجات لأن اللاعب الرئيسي في هذه المعادلة لم يقتنع بعد في المرحلة، الأمر الذي يحتم علينا جميعاً أن نساهم في دعم الحياة الحزبية وتمكينها بكل ما أُوتينا من قوَّة لأنها ستكون الأساس والمفتاح الرئيسي للإصلاح بمختلف مجالاته.