أدى قطع شبكة الاتصالات في السودان إلى عرقلة توصيل المساعدات وترك السكان الذين تنهكهم الحرب وعددهم زهاء 50 مليون نسمة غير قادرين على سداد المدفوعات أو الاتصال بالعالم الخارجي.
وألقت مصادر مسؤولية قطع الاتصالات على قوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وتخوض قوات الدعم السريع قتالا مع الجيش السوداني من أجل السيطرة على البلاد منذ نيسان في إطار حرب أسفرت عن مقتل الآلاف ونزوح زهاء ثمانية ملايين شخص وأثارت تحذيرات من حدوث مجاعة.
وقالت أربعة مصادر في قطاع الاتصالات لرويترز، إن قوات الدعم السريع بدأت وقف تشغيل شبكات الاتصالات في الخامس من شباط وقطعتها تماما بعد يومين.
وبعد ظهر الاثنين، قالت شركة سوداني المملوكة للدولة إنها بدأت في استعادة شبكتها إذ أبلغ المستخدمون عن عودة الاتصال في بورتسودان التي يسيطر عليها الجيش وولايات مجاورة لها.
وباتت قوات الدعم السريع تسيطر على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وبعض البنى التحتية السودانية الموجودة فيها ومن بينها المقار الرئيسية لشركات الاتصالات، وذلك بعد عشرة أشهر من الصراع.
ولم تستجب قوات الدعم السريع لطلبات التعليق. وقال مصدر بالدعم السريع في الخامس من شباط، إن القوات شبه العسكرية ليس لها علاقة بانقطاع خدمات الاتصالات.
وقالت المصادر إن جنودا تابعين لقوات الدعم السريع هددوا بقطع الاتصالات ما لم يعد المهندسون الخدمة إلى منطقة غرب دارفور التي يسيطر عليها الدعم السريع وتشهد انقطاعا للاتصالات منذ شهور.
وأرجع مسؤول في قطاع الاتصالات الوضع في غرب دارفور إلى نقص الوقود وظروف العمل الخطيرة.
أجهزة ستارلينك
تنتشر في السودان أجهزة الاتصال بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية من خلال خدمة (ستارلينك) المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك على الرغم من قرار الحكومة بحظرها.
لكن معظم الأفراد لا يمكنهم استخدام هذه الخدمة في بلد تُستخدم فيه الهواتف الذكية في كل جوانب الحياة وبإمكان كثير من الأفراد الوصول إلى شبكات (واي فاي) أو شبكات الهواتف المحمولة.
وأصبحت التعاملات التجارية في السودان تعتمد إلى حد كبير على المحافظ الإلكترونية مع توقف دخل الأفراد وسرقة الممتلكات وتعرض البنوك للإرهاق.
ونشر البعض مناشدات على وسائل التواصل الاجتماعي طلبا للمساعدة للتواصل مع أفراد أسرهم.
وقال الطبيب محمد النور (48 عاما) الذي يعيش في الخارج “أنا في حالة قلق كبير على أسرتي الموجودة في ولاية الجزيرة ولا أستطيع الاتصال بهم وكذلك هم يعتمدون عليَ في التحويلات المالية”.
وأدى انقطاع التيار الكهربائي إلى تعطل العمل في غرف الاستجابة للطوارئ التي يعمل بها متطوعون وتوفر مساعدات غذائية وطبية حيوية.
وقال جهاد صلاح الدين، وهو متطوع من الخرطوم خارج البلاد الآن، “نحن فقدنا البوصلة تماما… ما فيه تاجر حيديك ما دام لم نديه مبلغ قصاد الحاجة دي. ممكن نمشي على مجاعة بسبب الحاجة دي… والمرافق الطبية في نفس المشكلة دي”.
وقال عبد الغفار عمر، وهو متطوع آخر من بحري، إنهم على وشك إعادة مطابخ السكان بالمخزون. وأضاف “الحاجة اللي عندهم بتكفي أسبوع، عشرة أيام بالكتير، وحسب الأسبوع تم”.
وتقول ماتيلد فو من المجلس النرويجي للاجئين إن وكالات الإغاثة تواجه الصعوبات نفسها في الدفع للموردين وضمان سلامة الموظفين مما يؤدي إلى بطء الاستجابة لحالات تفشي الأمراض وموجات النزوح.
وأضافت “نحن غير قادرين على دعم فرقنا في الوقت الحالي. إذا أرسلت أيا من زملائك إلى موقع للتوزيع وحدثت أي مشكلة فلن نتمكن من دعمهم. هذا أمر مرهق للغاية”.
وقال مصدر حكومي إن الهيئة القومية للاتصالات تعمل مع الشركات لاستعادة الخدمات في أسرع وقت ممكن، نافيا وجود مفاوضات مع قوات الدعم السريع.
ولم ترد ثلاث من شركات الاتصال على طلبات للتعليق، لكن شركة زين المملوكة لشركة كويتية وشركة إم.تي.إن المملوكة لجنوب إفريقيا قالتا في وقت سابق، إن انقطاع الخدمة خارج نطاق سيطرتهما.
ولا يزال القتال مستمرا في العاصمة الخرطوم وغرب البلاد، حيث أعلن قائد قوات الدعم السريع تحقيق مكاسب في خطاب ألقاه الأحد.
وقالت الأمم المتحدة، إن القتال اندلع على أطراف مدينة الفاشر ذات الكثافة السكانية العالية.