تفاعل ناشطون في فرنسا على نطاق واسع، مع شهادة “مفزعة” قدمتها ممرضة عائدة من قطاع غزة، حيث قدمت الخدمات الطبية خلال العدوان الوحشي الذي أدى إلى استشهاد أكثر من 27 ألف فلسطيني.
وقدمت الممرضة الفرنسية من أصول عربية إيمان معرفي، حقائق عايشتها لمدة أسبوعين في قطاع غزة، وذلك خلال خدمتها في المستشفى الأوروبي قرب خانيونس جنوبي قطاع غزة.
وروت معرفي تفاصيل مفزعة، بينها قيام أهالي في غزة بإلقاء ألعاب نارية بجانب أطفالهم؛ لإيهامهم بأن أصوات القصف المحيطة بهم هي ألعاب مماثلة لأطفال آخرين.
وتابعت: “عندما تم قصف محيط المستشفى، أدهشتني ردة الفعل الفطرية للأشخاص البالغين، لم يحاولوا أبدا الهروب بمفردهم، بل جمعوا أولا جميع الأطفال، وبدأوا بالغناء بصوت عال لتغطية صوت القصف على الأطفال المرعوبين “.
وقالت معرفي إن كلمة “كارثي” لتوصيف الوضع في قطاع غزة ضعيفة جدا، في إشارة إلى أن الوضع لا يمكن تخيله أو توصيفه للعالم الخارجي.
وأضافت خلال لقاءات صحفية مع عدة وسائل إعلام لدى وصولها إلى مصر، أن انتشار الأمراض، وانعدام الرعاية الصحية، أديا إلى كوارث “مرعبة”.
وتابعت: “شباب في مقتبل العمر توفوا بسبب فيروس كورونا، أو بسبب سوء التغذية والرعاية الغائبة، لقد كان الأمر مروعا، نحن لا نتحدث عن أشخاص مسنين -الذين لم تصبح لديهم الأولوية في العلاج- بل عن شباب بعمر 21 سنة و22 سنة، أمر حتى في أيام ذروة الفيروس لم يحدث”.
وأردفت: “بعض الجرحى انتظروا 52 يوما من أجل إجراء عملية جراحية مستعجلة”، مضيفة أن هذه الحالات لو كانت في فرنسا على سبيل المثال، فسيتم إجراء التدخل الجراحي فور وصولهم إلى المستشفى.
وروت إيمان معرفي بتأثر شديد بعض المشاهد التي قالت إنها لا تزال عالقة في ذهنها عن طريقة تعامل أهالي غزة مع الكارثة، مضيفة: “يتقاسمون الألم معا، مشاهد التضامن أثرت في كثيرا، على سبيل المثال، المتطوع المكلف بنقل الملفات من مكتب لآخر كان يأكل من نفس الصحن الذي يأكل منه مدير المستشفى”.
وقالت معرفي إن المستشفيات في قطاع غزة لا تتوافر فيها أدنى متطلبات اللوازم الطبية، مضيفة: “من المستحيل العمل في مثل بيئة المستشفى الأوروبي. لم نتمكن من العمل. كنا نعاني من نقص في جميع المستلزمات الطبية. لا توجد شراشف للسرير، ولا ضمادات طبية، ولا مناديل معقمة”.
وأردفت: “فمثلا، في فرنسا في إطار عملي، يمكنني أن أستخدم أربع ضمادات طبية أو أكثر لتطهير وتنظيف جرح واحد. لكن في المستشفى الأوروبي، كنت أستخدم ضمادة طبية واحدة طيلة العملية الطبية. كما كنا نعاني أيضا من نقص في مادة “المورفين” التي تقلل من الوجع، فعلي دائما أن أختار لمن أقدم هذا الدواء”.
وتابعت: “على سبيل المثال، وصل إلى المستشفى طفل أصيب بالرصاص في رجله من أجل إجراء عملية جراحية، فلم أستطع أن أقدم له دواء المورفين للتخفيف من وجعه؛ لأنني كنت أخشى أن أستخدمها (مادة المورفين) في أثناء العملية الجراحية”.
وعند سؤالها عن كيفية تحملها البقاء في غزة طيلة أسبوعين، قالت معرفي: “ما زلت مصدومة بسبب كل الأشياء التي رأيتها وعشتها. أعتقد أن العامل الذي جعلني أتحمل كل هذه المآسي والآلام هي الكرامة التي أظهرها الفلسطينيون”.
وأضافت: “كنت أشعر بأنني لم أقدم لهم كثيرا، وأن كل ما قمت به لا يمثل إلا قطرة ماء في مياه المحيط. لكن الأطباء والممرضين كانوا يقولون لي: لا بالعكس، إيمان لقد كنت بمثابة الأوكسيجين بالنسبة لنا. كانوا يفتقدون إلى كل شيء. حتى إلى الأقلام من أجل الكتابة”.