نفّذ المزارعون الفرنسيون تهديداتهم بفرض حصار على العاصمة، باريس، يوم الإثنين 29 يناير/كانون الثاني 2024، بوصفه وسيلة ضغط على الحكومة من أجل الاستجابة لمطالبهم التي رفعوها بمذكرة قبل أيام وتتضمن 122 مطلباً.
وحسبما نشرت وسائل إعلام، فمنذ الثانية بعد ظهر الإثنين، بتوقيت فرنسا، بدأت جرارات المزارعين بالتدفق على الطرق السريعة الرئيسية التي تربط العاصمة بالمناطق، وسط تحوطات أمرت بها وزارة الداخلية. وبحدود الساعة الرابعة، كانت 8 طرق سريعة تربط العاصمة بالمناطق في مختلف الاتجاهات قد أُغْلِقت بوجه السير، عن طريق وضع الجرارات الزراعية في وسطها، حيث توقفت حركة السير فيها غالباً بالاتجاهين، وأحياناً فقط باتجاه باريس.
في سياق موازٍ يواصل المزارعون المحتجون في فرنسا تحركهم هذا الأسبوع، في ظل استمرار غضبهم بعد أن اعتبروا الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة الجمعة غير كافية.
حيث أعلن الأمين العام لنقابة “المزارعين الشباب” المرتبطة بالنقابة الكبيرة للمزارعين FNSEA، بييريك أوريل، استئناف إقامة حواجز على الطرق في بداية هذا الأسبوع. وأعلن المزارعون المحتجون إقامة ثماني نقاط حصارٍ يوم الإثنين، على الطرق السريعة الرئيسية حول باريس، في حين قامت السلطات بتعبئة 15 ألف فرد من الشرطة، خاصة حول سوق رانجيس الحيوي ومطاري رواسي وأورلي.
ويهدف المزارعون من وراء ذلك ممارسة الضغط على الحكومة مع نقل التحرك إلى باريس وعدة مدن كبيرة مثل ليون.
“سوف نقوم بإغلاق جميع الطرق السريعة الرئيسية المغادرة لباريس، على بعد 30 كم من العاصمة (…) هدفنا هو الضغط على الحكومة للقيام بذلك بسرعة لنجد الحلول لإنهاء الأزمة”. كما صرح رئيس نقابة المزارعين القوية FNSEA.
تحرك مماثل للمزارعين
في حين تشهد عدة دول أوروبية تعبئة مماثلة للمزارعين، لا سيما فرنسا، إذ توعد بعضهم بفرض حصار على العاصمة “لأجل غير مسمى”. فقد أغلق مزارعون بلجيكيون، الأحد، طريقاً سريعاً في جنوب بلجيكا، لينضموا إلى تعبئة مماثلة للحراك الغاضب الذي يشهده قطاع الزراعة في فرنسا وألمانيا.
وفي عملية أدت إلى تباطؤ كبير في حركة المرور، تقدمت عشرات الجرارات على تقاطع رئيسي قبل أن تغلق السير على الطريق السريع E42 في شمال نامور بجنوب البلاد.
وقال بيار دولست، المتحدث باسم اتحاد المزارعين الشباب في بلجيكا والذي نظم التظاهرة، إنه أصبح “من المستحيل كسب دخل لائق” من الزراعة. وأضاف: “ندعو إلى إصلاح للسياسة الزراعية المشتركة يأخذ في الاعتبار الواقع على الأرض”، موضحاً: “يتعين على جميع المزارعين أن يقوموا بالمزيد مع إمكانات أقل. المزارعون على استعداد لبذل الجهود، ولكن للقيام بذلك، يجب أن يكونوا قادرين على العيش الكريم”. كما ندد دولست بالمنافسة مع المنتجات المستوردة التي لا تخضع للمعايير نفسها.
وتم لصق لافتات على الجرارات كُتب عليها: “نهايتنا ستكون جوعك”، و”حلم الطفولة، وكابوس الكبار”.
وكتب اتحاد الزراعة في مقاطعة والونيا البلجيكية على موقعه الإلكتروني: “أوروبا لا تكف عن الضغط على مزارعيها وسحقهم”. وأضاف الاتحاد: “حان الوقت ليتوقف هذا! حان الوقت لوضع الحقائق الزراعية في صلب القرارات الأوروبية!”
الحكومة الفرنسية تبحث دعم المزارعين
في سياق موازٍ أعلن رئيس الوزراء الفرنسي غابريال أتال، أن حكومته تدرس إجراءات جديدة تهدف إلى إيجاد حلول لما يراه المزارعون المحتجون “منافسة غير عادلة” مقارنة بنظرائهم في دول أخرى. يأتي ذلك عقب يومين من إلغاء “الزيادة في وقود الديزل الزراعي غير المستخدم على الطرق”، وإعلان تسهيلات إدارية أخرى في محاولة لتهدئة المزارعين المطالبين برفع الأجور وتحسين ظروف معيشتهم، فيما تهدد نقاباتهم بمواصلة الاحتجاج.
ويشكو مزارعون في فرنسا، أكبر منتج زراعي بالاتحاد الأوروبي، من مواجهة منافسة غير عادلة من نظرائهم في دول تطبق إجراءات تنظيمية أقل.
وقال أتال للصحفيين: “سندرس أي إجراءات أخرى يمكننا اتخاذها في ما يتعلق بهذه الجوانب من المنافسة غير العادلة”.
وتخلت الحكومة بالفعل، الجمعة، عن خطط لخفض الدعم الحكومي تدريجياً عن الديزل المخصص لقطاع الزراعة، وأعلنت عن خطوات أخرى لتقليل الضغوط المالية والإدارية التي يعاني منها المزارعون، لكن المزارعين يرغبون في الحصول على المزيد.
في هذا السياق، قال الاتحاد الوطني لنقابات العاملين بقطاع الزراعة، وهو أكبر نقابة للمزارعين في فرنسا، إنه سيواصل الاحتجاجات، وهددت نقابات أخرى بإقامة حواجز على الطرق حول باريس وسوق (رانجيس) للأغذية بالقرب من العاصمة.
في غضون ذلك، طلب وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، من مسؤولي إنفاذ القانون، الأحد، وضع “جهاز دفاعي كبير” لمنع المزارعين من “أي دخول إلى باريس”. وشارك 72 ألف مزارع، الجمعة، في التحركات بجميع أنحاء فرنسا، وفقاً للنقابات.