الولايات المتحدة: الأردن يحافظ على جاذبيته للاستثمار ويحقق نموا رغم تحديات إقليمية

اخبار ع النار-أكد تقرير أميركي أن بيئة الاستثمار في الأردن شهدت خلال العامين الماضيين “تحسّنا ملحوظا” رغم الاضطرابات الإقليمية التي أثّرت في التجارة وثقة المستثمرين، إذ حافظت المملكة على جاذبيتها الاستثمارية واستمر نموها الاقتصادي مدعوماً بإصلاحات هيكلية وسياسات حكومية تستهدف الارتقاء ببيئة الأعمال.
ووفق تقرير “مناخ الاستثمار في الأردن لعام 2025” الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية استقطب الأردن في عام 2024 ما قيمته 1.6 مليار دولار من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وحقق معدل نمو للناتج المحلي الإجمالي بلغ 2.5%.
فيما أشاد صندوق النقد الدولي بمرونة الاقتصاد الأردني، ورفعت وكالتا “موديز” و”ستاندرد آند بورز” النظرة المستقبلية للاقتصاد استناداً إلى الانضباط المالي وجهود التنويع واستمرار تدفق الاستثمارات.
ويؤكد التقرير أن هذه المؤشرات تعكس قدرة الأردن على اجتياز التحديات الإقليمية والمحافظة على موقعه كوجهة جاذبة للاستثمار في المنطقة.
ويرتكز التحول الاقتصادي الأردني على “رؤية التحديث الاقتصادي” بوصفها الإطار الجامع لتحسين بيئة الأعمال والاستثمار، وهي خطة ملكية تستهدف جذب 60 مليار دولار من الاستثمارات وخلق مليون فرصة عمل خلال عشر سنوات، مع توجيه بوصلة الاستثمار نحو قطاعات قائمة وأخرى واعدة تشمل صناعة الأفلام، والصناعات عالية القيمة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والرعاية الصحية، والسياحة، وصناعة الألبسة، والعقارات، والتعدين، والكيماويات، والزراعة، والخدمات اللوجستية.
ويمنح تعدد اتفاقيات التجارة الحرة التي أبرمها الأردن، وفي مقدمتها اتفاقية التجارة الحرة الأميركية-الأردنية، ميزة تنافسية للمصنعين الراغبين في دخول أسواق برسوم أقل، فيما تشكّل الكفاءات الأردنية المتعلمة والمتقنة للغة الإنجليزية، خصوصا في مجالات الهندسة وتكنولوجيا المعلومات، رافعة إضافية لجذب الاستثمارات في التكنولوجيا والخدمات المهنية.

ويشير التقرير إلى أنه منذ تعيين جعفر حسان رئيسا للوزراء في أيلول 2024، تبنّت الحكومة نهجا أكثر فاعلية لتسريع الاستثمار ومتابعة المشاريع الكبرى، من بينها مشروع الناقل الوطني للمياه، وسكة حديد العقبة-الشيدية، وتجديد امتياز تشغيل محطة حاويات العقبة، ومشروع “مرسى زايد”، وإنشاء مصنع جديد لحمض الفوسفوريك.

وتراهن عمّان على تبسيط الإجراءات، وتخفيف القيود، وتوسيع مشاركة القطاع الخاص في البنية التحتية والطاقة والمياه والنقل، غير أنّ تحديات مثل البيروقراطية وكلف الطاقة المرتفعة وشح المياه ما زالت تؤثر في ثقة المستثمرين، وإن كانت الإصلاحات الجارية تستهدف الحدّ من آثارها.
على مستوى الانفتاح والقيود، يقرّ التقرير بأن السياسة العامة تدعم الاستثمار الأجنبي وتعامله معاملة شبه مماثلة للمحليين، مع وجود قيود لحماية الأمن الوطني ودعم بعض الأنشطة المحلية.
ويتيح الإطار القانوني للمستثمرين الأميركيين الاحتفاظ بملكية كاملة في معظم القطاعات بموجب معاهدة الاستثمار الثنائية والاتفاقية التجارية، مع استثناءات في قطاعات مثل الطيران والدفاع والسياحة والنقل والإعلام والترفيه.
ويسمح القانون بملكية أو استئجار العقار للأجانب لأغراض الاستثمار ومسكن واحد للاستخدام الشخصي وفق مبدأ المعاملة بالمثل وموافقات الجهات المختصة، مع وجوب تطوير الأرض خلال خمس سنوات.
وفي شباط 2025 خففت الحكومة متطلبات الإقامة للمستثمرين بإلغاء شرط إيداع 10 آلاف دينار لمالكي العقارات المقيمين لأكثر من عامين.

وتتولى وزارة الاستثمار دور “النافذة الموحدة الشاملة” لتقديم خدمات المستثمرين وتسريع التسجيل والترخيص وحلّ المعيقات ومعالجة التظلمات عبر آلية شكاوى إلكترونية.
ويُلزم القانون الجهات الرسمية بالبت في معاملات التسجيل خلال 15 يوم عمل وإلا اعتبرت الموافقة تلقائية، علماً بأن المتوسط العملي في 2023 بلغ سبعة أيام مع تفاوت بين الحالات.
وأطلقت الحكومة في 2024 حزمة تبسيط شملت حوافز وإعفاءات وأتمتة التسجيل، وربط إجراءات الوزارة مع دائرة الجمارك ودائرة ضريبة الدخل والمبيعات لتكامل الإجراءات، وإطلاق منصة تفاعلية “استثمر في الأردن” لعرض الفرص، مع خطة مرحلية لتبسيط أوسع جرى تحديد بدايتها المبدئية في أيار 2025.

وفي العقبة، نفذت سلطة المنطقة الخاصة في كانون الثاني 2025 تعديلات لتعزيز الاستثمار والاستدامة، منها تعديل سياسات استخدامات الأراضي لدعم مشاريع الهيدروجين الأخضر، وإقرار تنظيمات لمحطة وقود في الساحل الجنوبي لتحسين الخدمات اللوجستية.

على الصعيد الدولي، يستند الأردن إلى شبكة متسعة من الاتفاقيات: معاهدات استثمار ثنائية مع 57 دولة أو كيانا بينها الاتحاد الأوروبي وسنغافورة وكندا، واتفاقيات تجارة مع الولايات المتحدة و”غافتا”، واتفاقيات مع “إيفتا”، وسنغافورة، وكندا، إلى جانب إطار اقتصادي تفاوضي مع تركيا بعد تعليق اتفاقية التجارة الحرة عام 2018.
وتبرز الحوافز الاستثمارية كأداة رئيسية في تعزيز البيئة الاستثمارية. إذ يتيح القانون إعفاءات جمركية وضريبية على الأصول الثابتة ومدخلات الإنتاج وقطع الغيار، وإعفاءات أو تخفيضات لضريبة الدخل للمشاريع في المناطق الأقل نمواً أو للمشروعات التي توظف 250 أردنياً فأكثر لمدة تصل إلى خمس سنوات، مع إمكان منح حوافز نوعية بقرار من مجلس الوزراء تشمل تسعيراً تفضيلياً لأراضي الخزينة، ودعماً لكلف الطاقة والمياه، وخصومات ضريبية للبنية التحتية ضمن آجال تشغيل محددة، وحوافز مشروطة بمستهدفات التوظيف والمحتوى المحلي ونقل المعرفة.
وفي قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تبنّى الأردن حزمة تحفيزية موجهة تشمل إعفاء دخل صادرات الخدمات حتى 2033، وضريبة دخل 5% للأنشطة المحلية، وإعفاءات مبيعات وجمارك على سلع وخدمات رئيسية، وإعفاء أرباح رأس المال للشركات الناشئة.
كما يمنح تصنيف المناطق التنموية (A/B/C) مستويات متفاوتة من الحوافز لصالح المناطق الأقل نمواً، وتوفر المدن والمناطق الصناعية التسع القائمة -إلى جانب المدن الخاصة- بنية تحتية وتخفيضات واسعة تمتد لإعفاءات بناء وأراضٍ ورسوم بلدية.
وتدير الدولة ست مناطق حرّة عامة وأكثر من 37 منطقة حرّة خاصة خارج الاختصاص الجمركي مع بيئة معفاة للعبور والتخزين، بينما تحتفظ منطقة العقبة الخاصة بضرائب مخفضة (دخل 5%) وتسهيلات جمركية ضمن إدارة ضريبية موحدة منذ 2021.
ولاحظ التقرير حوافز إضافية أقرتها الحكومة في تشرين الثاني 2024 لمشاريع صناعية جديدة في منطقتي الكرك والطفيلة الصناعيتين، تشمل تخفيضات على تعرفة الكهرباء بين 25% و80%، ودعماً بنسبة 50% لمناولـة حاويات التصدير عبر ميناء العقبة لثلاث سنوات، وخصماً فورياً 20% على شراء الأراضي، وتيسير شروط السداد.

ويصف التقرير قطاع المال الأردني بأنه منفتح ومرن؛ إذ لا يضع سقوفاً على ملكية الأجانب في بورصة عمّان، وقد بلغت ملكية غير الأردنيين 48% من القيمة السوقية حتى شباط 2025، فيما يشرف البنك المركزي على 20 بنكاً بإجمالي أصول 99 مليار دولار بنهاية 2024، وتمتاز المصارف بملاءة عالية ونسب سيولة مرتفعة وربحية مستقرة ونسبة تعثر 5.6%.

ويظل الدينار الأردني مرتبطاً بالدولار الأميركي منذ 1995 عند 1 دينار مقابل 1.41 دولار، مع حرية تحويل الأرباح ورؤوس الأموال وعدم وجود صندوق ثروة سيادي فعّال رغم الإطار القانوني الذي يجيز إنشاؤه.
ويتناول التقرير سوق العمل بالأرقام الرسمية: 1.8 مليون مشتغل فوق 15 عاماً، و460 ألف عاطل، ومعدل مشاركة 33.2%، وبطالة 21.4% بنهاية 2024، مع تقديرات أممية لقوة عمل تبلغ 3.3 مليون. وتبرز هيمنة العمالة غير الرسمية في قطاعات الزراعة والخدمة المنزلية بنسبة قد تصل إلى 41% من القوة العاملة و15% من الناتج، مع نسبة غير أردنيين تبلغ 39% من السكان. وتفرض السياسات حصص توطين ومهن مغلقة للأردنيين (28 مهنة)، وحدا أقصى للعمالة غير الأردنية لا يتجاوز 25% من إجمالي الموظفين، يُرفع إلى 40% عند عدم توافر أردنيين مختصين.
وحددت اللجنة الثلاثية للأجور الحد الأدنى للأجور عند 290 ديناراً شهرياً مع مراجعة في كانون الأول 2027، واتفاقاً قطاعياً للألبسة عند 230 ديناراً.
ويختتم التقرير بإبراز دور مؤسسات التمويل والتنمية الأميركية؛ إذ تبلغ محفظة وكالة التنمية الأميركية في الأردن 471 مليون دولار لمشاريع نفذ معظمها سلفاً في الطاقة والمياه وضمانات قروض للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، مع قروض نوعية حديثة تشمل 14 مليون دولار لمركز “العقبة الرقمي” لإنشاء مركز بيانات وربط كوابل دولية، و10 ملايين دولار لمؤسسة :NEF UK” لبرامج دعم اللاجئين في الأردن ولبنان ضمن سند أثر تنموي، و5 ملايين دولار لشركة “L i w w a” لدعم تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
ويرى التقرير أن الأردن “مرشح ممتاز” لمزيد من برامج محفظة وكالة التنمية الأميركية في ضوء قائمة مشاريع محددة لدى وزارة الاستثمار وانفتاح عمّان على مناقشة ترتيبات تفضيلية وربطها بفرص تصدير أميركية.
ويخلص التقرير أن البيئة الاستثمارية في الأردن تمثل عنصراً محورياً للنمو وخلق فرص العمل، وأنها تتقوّى بمزيج من الإصلاحات القانونية والتنظيمية، وحوافز انتقائية، وبنية اتفاقيات دولية واسعة، وقطاع مالي متين، وحماية متنامية للملكية والبيانات، مع إدراك واضح للتحديات والعمل على تقليصها.

Read Previous

جامعة العلوم الإسلامية العالمية توقّع اتفاقية تعاون مع جامعة العلوم التطبيقية في مملكة البحرين لاستحداث أربعة برامج دكتوراه

Read Next

الأمم المتحدة بعد إدخال 24 ألف طن من المساعدات إلى غزة: مجرد قطرة في محيط

Most Popular