
وزراء سابقين… وبطولات من خلف الكيبورد
بقلم ماجد ابورمان
قرأت كما قرأ غيري سيلاً من الهجوم على شخص ما وعندما سألت نفسي: من هو هذا الرجل؟ بحثت وسألت، فقيل لي: “وزير سابق”. لا أحد يذكر حقبته ولا إنجازاته، سوى أنه مرَّ مرور العابرين في جحافل من الوزراء السابقين الذين يشبهون أوراق الخريف؛ يتساقطون بصمت، ولا يلتفت إليهم أحد إلا إذا ظهروا في جاهة عروس أو أطلقوا تغريدة مثيرة للجدل تعيد تدوير أسمائهم المنسية.
ولكن… لماذا كل هذا الهجوم على رجل لم يترك لنا إرثاً سوى “تغريدات مسمومة”؟ لماذا ننشغل بمن جعل من الكيبورد سلاحه الوحيد، وكأن الوطن بات ملعباً للبطولات الافتراضية؟
العار ليس على الوزير السابق
وحده، بل علينا نحن أيضاً. نحن الذين صبرنا أكثر مما ينبغي، وتحمّلنا مسؤولين أكثر مما نستحق، وسمحنا لأنصاف السياسيين أن يتحولوا إلى “أبطال إلكترونيين” لمجرد أنهم يجيدون الصراخ في تويتر.
أي عار أن نمنح من لم ينجز شيئاً في وزارته، أهمية جديدة بمجرد تغريدة؟ أليس هذا بحد ذاته إهانة لصبر شعب يملك من الإنجازات أعظم من كل وزراء الصدفة؟ شعب تحمل الغلاء، الفقر، القمع، والبطالة، ثم يجد نفسه مجبراً أن يصغي لوزير سابق يستعرض بطولاته من خلف الشاشة!
إن إعادة تدوير الأسماء الفارغة ليس حدثاً بريئاً. إنه جزء من أزمة الوعي عندنا: نُحوّل أي شخص إلى قضية، ونُلبس أي صرخة عبثية ثوب البطولة، بينما تتراكم أزماتنا الحقيقية في الظل.
هذا الوزير السابق، في النهاية، ليس سوى عَرَض من أعراض مرحلة كاملة؛ مرحلة أنتجت وزراء بالكثرة، بلا إنجاز، بلا أثر، ثم تركت لهم وسائل التواصل الاجتماعي ليُمارسوا السياسة على طريقة “اللايك” و”الريتويت”. لكن الخطأ الأكبر ليس خطأهم… الخطأ خطؤنا نحن، حين نسمح لأمثال هؤلاء أن يسرقوا من وقتنا جدلاً لا يستحقون، وأن يظنوا أن الشعب الذي صبر طويلاً سيغفر لهم لأنهم يجيدون التغريد.
قد يكون وزيراً سابقاً، وقد يمتلك حساباً نشطاً على تويتر، لكن البطولة الحقيقية لا تُكتب بالحروف، بل تُكتب بالأفعال. وهو لم يترك لنا من الأفعال شيئاً يُذكر، سوى أن اسمه يُعاد تدويره بين كل فترة وأخرى، كعلبة فارغة نُعيد فتحها ثم نرميها.
#ماجدـابورمان