بينَ خِطابَيْن : القانون أو القوّة ؟؟

بينَ خِطابَيْن : القانون أو القوّة ؟؟
في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة والمنعقدة حاليًا في نيويورك برز خطابان متعارضان : خطاب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وخطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، الخطابان عبّرا عن رؤيتين متناقضتين تمامًا للصراع الفلسطيني–الإسرائيلي وللحرب في غزة.
دعا الملك عبد الله إلى وقف فوري للحرب وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة وحماية المدنيين والإفراج عن الرهائن ، وأكد أن حلّ الدولتين هو السبيل العادل لإنهاء الصراع استنادًا إلى الشرعية الدولية . واتسمت كلمة العاهل الأردني بنبرة هادئة وإنسانية والالتزام بالقانون وحظيت بإصغاء واحترام واسع في قاعة الأمم المتحدة .
أما نتنياهو فتمسك بخيار مواصلة العمليات العسكرية حتى “إنجاز المهمة”، ورفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعدَّ الاعتراف بها مكافأة لـ«الإرهاب» ( حسب زَعمِه ) ، رابطًا أي تهدئة بتحرير الرهائن ونزع سلاح حماس .. وقد قوبل خطابه بفتور وانسحاب وفود عدة احتجاجًا على ما يجري في فلسطين عمومًا وغزة على وجهِ الخصوص ، ما عكس عزلة سياسية متزايدة لإسرائيل في المحافل الدولية .
تكشف المقارنة أن خطاب الملك الأردني أكثر انسجامًا مع المزاج الدولي الغالب الذي يطالب بوقف القتال وحماية المدنيين ويؤيد حل الدولتين وإحترام للآخر ، في المقابل جاء خطاب نتنياهو بالدرجة الأولى لجمهوره الداخلي وحلفاءه التقليديين مُعتمداً إظهار القوة والصلف .. لكنه يزيد من عزلة إسرائيل ويفاقم الاستقطاب .
على المدى القريب قد يُترجم خطاب نتنياهو إلى فعل نظرًا لامتلاك إسرائيل القوة العسكرية ودعم بعض القوى الكبرى .. لكن على المدى البعيد تبدو أرجحية خطاب الملك عبد الله أوضح تأثيراً إذ يتناغم مع قواعد القانون الدولي ومع اتجاه غالبية المجتمع الدولي ومع الضغوط الأخلاقية والسياسية المتنامية ضد استمرار الحرب والاحتلال .
ما بين خطاب إنساني يستند إلى الشرعية الدولية وخطاب عسكري يستند إلى القوة العسكرية يبرز الانقسام العميق في النظام الدولي .. غير أن التاريخ يميل في النهاية لصالح الخطابات التي تعكس إرادة المجتمع الدولي وقيم العدالة ما يمنح خطاب الملك عبد الله الأفضلية الاستراتيجية على المدى الطويل حتى وإن بدا في اللحظة الراهنة أقل تأثيرًا من منطق القوة .. .
يحتاج العالم العربي إلى البناء على الاختراق الذي إستطاع الملك عبدالله الثاني مِنْ تحقيقه أخلاقيًا وقانونيًا دون التغاضي عَنْ أهمية بناء القوة العسكرية العربية .
المحامي فضيل العبادي

Read Previous

فريق البيرق المسرحي البحريني يحصد المركز الأول في مهرجان “أولادنا” الدولي بجمهورية مصر

Read Next

وزراء سابقين… وبطولات من خلف الكيبورد

Most Popular