قَتلتُم الأنبياء فإنتَشَرَت الشرائع ،،،

قَتلتُم الأنبياء فإنتَشَرَت الشرائع ،،،
أنس الشريف… لم يكن يحمل بندقية، بل كان يحمل عينًا للعالم ، رفاقه لم يأتوا بخوذ فولاذية، بل جاءوا بصدورهم العارية ، بكاميراتهم التي تعشق الضوء، وميكروفوناتهم التي لا تعرف إلا قول الحق .
كانوا يسابقون الخطر، لا لأنهم مغامرون، بل لأنهم أبناء وطن إسمه فلسطين ومدينة إسمها غزّة ، يمشون في شوارعها المحترقة، بين الركام والدموع، يلتقطون الحكايات من أفواه الأمهات، ومن بين أنين الأطفال .
بطونهم خاوية، وأجسادهم أنهكها الحصار، لكنهم ما جلسوا على موائد الغرباء، ولا باعوا وطنهم، ولا ساوموا على كرامة .
وفي لحظة غادرة، جاء رصاص الاحتلال … ليسقط أنس، ويسقط معه صوتٌ كان يصرخ للعالم: “هنا جريمة، هنا دم، هنا حق مغتصب .”
رصاصة واحدة وقنبلة واحدة ومُسَيّرة واحدة كانت كفيلة بإسكات صوته، لكنها لم تسكت الحكاية .
فكل صورة التقطها ستظل تفضح القاتل، وكل تقرير بثه سيظل شاهدًا على أن القلم والكاميرا كانا أخطر على الاحتلال من ألف دبابة ، كانا أخطر على قَتَلة الأنبياء مِنْ كُلّ بيانات العرب وقراراتهم .
هذه ليست جريمة قتل فرد، بل إعدام للضمير، ومحاولة بائسة لقتل الحقيقة .
يا أيُّها القَتَلة أن الدم الحُر حين يسيل على عدسة، يخلّدها في ذاكرة الأجيال وفي ضمائر الأحرار .
أنس الشريف… أنت لم تمت، أنت أصبحت ضميرًا يلاحق قاتليك، وصوتًا يرفض أن يختفي ، وَلِساناً فضَحَ كُلّ العرب .
ستبقى حكايتك تروى على كل منبر، لتقول للعالم: في غزة، حتى الكلمة تُغتال، لكن روحها تظل حرة، لا تُقيدها القيود ولا يكممها الرصاص .. .
المحامي فضيل العبادي

Read Previous

الابتكارات التي تقف وراء أنحف وأرقى هواتف سامسونج القابلة للطي

Read Next

Most Popular