هنا دولة… كفى !!

هنا دولة… كفى !!في بلد تحكمه المؤسسات، ويصونه الدستور، وتضبط إيقاعه منظومة قانونية راسخة منذ أكثر من مئة عام، لا مجال للاجتهاد الفردي في ما يخص القرار السيادي، ولا مكان لتعدّد الأصوات التي تنطق باسم الدولة في المحافل الخارجية .الأردن دولة ذات سيادة، ومكانته الإقليمية والدولية لم تأتِ صدفة، بل هي ثمرة نهجٍ سياسي متوازن، تُديره مؤسسات مسؤولة، وتراعي فيه مصالح الدولة العليا، لا الأهواء ولا الانفعالات ولا الولاءات الضيقة .ولذلك، فإن التعبير عن المواقف السياسية الخارجية، سواء تأييدًا أو رفضًا، هو اختصاص أصيل لمؤسسات الدولة الدستورية وحدها ، لا يجوز لعشيرة، أو طائفة، أو فئة، أو تيار اجتماعي أو جهوي أن تُصدر بيانات باسمها تتناول قوى أو تنظيمات أو حكومات خارج حدود الدولة، فذلك خروجٌ على السياق الوطني، واعتداءٌ على اختصاص لا تملكه .الاختلاف في الرأي تجاه السياسات الداخلية أمر مشروع ومتاح، ما دام في إطاره الدستوري، لكن المواقف الخارجية ليست مسألة رأي شخصي ولا انفعال لحظي ، إنها مسؤولية دقيقة، تُبنى على تقدير المصلحة الوطنية، وتقدّر نتائجها السياسية والقانونية، وتحسب حساباتها في الأمن والدبلوماسية والاقتصاد .لقد شهدنا في الآونة الأخيرة بعض الأصوات التي تصدّرت المشهد ببيانات أو خطابات لا تعبّر عن الدولة، بل تربك المشهد الوطني، وتفتح الأبواب أمام التدخل، أو تُعطي انطباعًا خاطئًا بأن القرار الأردني مشرذم أو متعدد .وهنا لا بد من أن يُقال بوضوح : هذا بلد له حكومة وله لسانٌ رسمي، وموقفٌ رسمي، وقنوات تعبير مسؤولة .وليس من المقبول أن تتحوّل العواطف أو المرجعيات الاجتماعية إلى بديل عن الموقف الرسمي، أو منصة تُعبّر عن السياسة الخارجية للدولة .الغيرة على القضايا القومية والعربية أمر محمود، والحماسة لفلسطين أو لسوريا أو لأي قضية عربية أصيلة ليست موضع خلاف .لكن التعبير عنها لا يكون بتجاوز الدولة، ولا بتوريط الأردن في مواقف غير محسوبة، أو إدخالها في خصومات لا تخدم مصالحها .إن الأردن حين التزم التوازن، وحين رفض الانزلاق إلى المحاور، وحين تمسّك بمصالحه العليا، إنما فعل ذلك لحماية أبنائه ومستقبله واستقراره .ولا يليق أن تأتي جهات من الداخل، تحت أي مسمى، لتعبث بهذا الخط الثابت والمحدد والمرسوم بدقة ، لذلك نقولها : هنا دولة… كفى .كفى انتحالًا لصوت الدولة، كفى زجًا بعاطفة الناس في ميدان لا يعرف التقدير، كفى تأويلًا لما لا يحتمل التأويل .فالسيادة ليست اجتهادًا، والدستور ليس رأيًا، والمصالح العليا للدولة لا تقبل العبث والمقامرة والمغامرة .المحامي فضيل العبادي

Read Previous

بعد 30 اجتماعاً.. النقل النيابية تكشف تفاصيل مسودة تنظيم التطبيقات الذكية

Read Next

مندوبا عن الملك وولي العهد.. يعزي العيسوي الخماش وجبران

Most Popular