
“عيد يخجل منا”
ها هو العيد يطرق أبوابنا…
لكن أي عيدٍ هذا، ونحن نخجل من ابتسامة؟
أي عيدٍ هذا، وأكفان الأطفال تنتَشِرُ بدل الألعاب؟
أي عيدٍ، ونحن نتهيب من كلمة “كل عام وأنتم بخير”،
خشية أن تطرق قلوبًا ما عاد فيها إلا رماد الموت .
في غزة…
العيد لا يأتي على مهل كما يفعل معنا،
هو هناك يقتحم البيوت بشظاياه،
يوقظ الرضع بانفجار،
ويُهدي الأمهات نعشًا لأحد الأبناء،
أو كفنًا بحجم وسادة طفل.
كيف نحتفل…
وفي كل ركن من رُكن الأرض رائحة شهيد؟
كيف يتبادل كرماؤنا التهاني،
وأحبابنا هناك يتبادلون مواقع القصف،
من “الشمال إلى الجنوب”،
من “جباليا إلى رفح”،
من حضن أمٍ إلى حضن قبر؟
نعم… هم سبقونا،
إلى المجد، إلى الشهادة،
إلى مقامٍ لا يبلغه إلا أطهر الناس.
لكننا نحنُ من تأخرنا،
في الوقفة، في الموقف، في الرجولة.
هل يحق لنا أن نغني للعيد؟
والأمهات هناك لا يجدن من يقص لهن شعر الحداد؟
هل يحق لنا أن نشعل موائدنا،
وهناك من يشعل فتيل شمعة على قبر طفل؟
هو عيد… لكنه لا يشبه الأعياد.
هو وجع متجدد،
هو خجل مقيم،
هو خذلان جماعي لم نخجل أن نعتاده.
لا، لن نقول: “عيد بأي حال عدت يا عيد؟”
بل نقول:
يا عيد، عُد إن استطعت أن تُعيد إلينا الضمير.
عُد، إن كان لك وجهٌ لا يستحي من دم طفل.
عُد، إن كان في جعبتك عدلٌ نزل من السماء.
أما نحن… فدعنا في صمتنا،
نحدّق في صور الشهداء،
نتلعثم في التهاني،
ونكتب رسائلنا بالدمع لا بالحبر.
المحامي فضيل العبادي
رئيس اللجنة القانونية / مجلس محافظة العاصمة