اخبار ع النار-سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية بنشر معلومات وتفاصيل جديدة حول عملية اغتيال أمين عام “حزب الله” السابق حسن نصرالله، في ما أسمته “عملية الزبدة”، التي نُفذت خلال 10 ثوانٍ فقط!
وبحسب تحقيق مطوّل لموقع “واللا ” العبري، “يتضح أنّ البلاغات عن مكان وجود نصرالله ومسارات تحركه وصلت إلى تل أبيب قبل بضعة أيام من اغتياله، فاتُّخذ القرار على أعلى المستويات، وتم التنفيذ بـ14 غارة على مجمع الأبنية التي تضمّ أنفاقاً، واستهدفت حتى مخارج النجاة الممكنة، فيما استمرّت الضربات الإسرائيلية أياماً عدة لمنع أي عملية إنقاذ له أو لمرافقيه”.
وأشارت مصادر أمنية في تل أبيب إلى أنّ ملاحقة نصرالله لاغتياله بدأت في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي و”الموساد” إثر حرب 2006.
تفجير أجهزة الاتصال
عندما قرّر نصرالله مساندة غزة، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بدأت تتقدّم خطة الاغتيال، ولكن تضليله إسرائيليّاً كان جزءاً مهماً من العملية، وقرّر الإسرائيليون أنه لا بدّ من إيهامه بأنّ تل أبيب لا تنوي توسيع الحرب معه.
قرار التصعيد الإسرائيلي اتخذ في 16 أيلول/ سبتمبر 2024، أي قبل يوم من عملية “تفجير البيجر”، عندما أعلن عن فشل جهود المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين في ثني “حزب الله” عن مساندة غزة، والتوصل إلى اتفاق لوقف النار.
عندها، قرَّر نتنياهو، وبخلاف رغبة الجيش الإسرائيلي، تفعيل خطة تفجير أجهزة الاتصال (البيجر)، وفي اليوم التالي تفجير أجهزة اللاسلكي.
يضيف التقرير الإسرائيلي أنه، في 19 أيلول/ سبتمبر، ألقى نصرالله خطاباً أعلن فيه أنّه لن يوقف القتال إلا إذا أوقفت إسرائيل الحرب على غزة، فكانت فرصة للإسرائيليين لاستخدمتها ذريعة للتصعيد، فأطلقت سلسلة عمليات، بلغت أَوْجها في الاجتياح البرّي في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول.
وكشف، خلال هذا الاجتياح، عن “زبدة” عمل دام 18 عاماً في المخابرات الإسرائيلية، لجمع المعلومات الاستخبارية بواسطة عملاء وأجهزة إلكترونية عن جميع كوادر “حزب الله”، بدءاً من الأمين العام وقيادات الحزب، وصولاً إلى أصغر قائد مجموعة.
قبل وقت قصير من تنفيذ الاغتيال، استطاع ضابط استخباراتي عسكري تحديد موقعه بدقة. إثر ذلك، دعا شلومو بندر، رئيس “أمان”، مجموعةً من رؤساء الدوائر لمناقشة العملية المقترحة، حيث حظيت بدعم إجماعي. لم يجد أي تحفّظات، وأعطى رئيس الأركان هيرتسي هليفي موافقته النهائية. بعدها، قُدمت الخطة إلى نتنياهو، الذي أعرب بدوره عن حماس شديد لتنفيذها.
“قصقصة أجنحته”
وفقاً لموقع “واللا ” العبري، كانت إسرائيل قد بدأت بتنفيذ ما أطلقت عليه “عملية قصقصة أجنحته”، والتي شملت اغتيال إبراهيم عقيل في 20 سبتمبر، بجانب عدد من قادة الصف الثالث والرابع في “حزب الله”، خلال غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وفي 23 أيلول/سبتمبر، أطلقت إسرائيل حرباً شاملة على لبنان، واستهدفت مئات الغارات مجموعة كبيرة من القواعد والمقرات التابعة لـ”حزب الله”، بينها مواقع سرية. وجرى تدمير 80 في المئة من القدرات العسكرية الهجومية للحزب، وتصفية عدد كبير من قادة المناطق في الحزب .
يقول التقرير إنّ “نصرالله لم يفهم الرموز لتلك الضربات القاسية والمتلاحقة. وظل متشبّثاً بالربط ما بين لبنان وغزة”.
ويضيف: “نصرالله، الذي يعد نفسه أكبر الخبراء قدرة على معرفة إسرائيل وطريقة تفكيرها، غرق في الغرور والغطرسة، تماماً كما كان قادة أجهزة الأمن الإسرائيليون غرقوا في الغرور والغطرسة قبيل 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023. وظلّ يتحرك بحرية، وتحرك أيضاً فوق الأرض على عكس التوقعات. وهو لا يتوقّع اغتياله، بينما كان ضباط المخابرات العسكرية مقتنعين بضرورة اغتياله، وصبّوا كل جهدهم لتتبّع آثاره، وكانوا يقصفون بطريقة تضلّله، وتعزّز قناعته بأنه ليس مستهدفاً”.
يكشف التقرير الإسرائيلي أنّه قبل أيام قليلة من اغتيال نصرالله، توصّلت إسرائيل إلى مكان وجوده الدقيق، ولم يكن ذلك عبر الأنفاق فحسب، بل أيضاً بالتحرّك فوق الأرض. وتوقَّعت إسرائيل وصوله إلى المقر القائم في عُمق الأرض، تحت مجمع سكني يضم 20 بناية ضخمة مرتبطة ببعضها البعض، في حي راقٍ في الضاحية الجنوبية، يوجد في الغرب منه حرج من الأشجار، وتقرّر أنّ هذه “هي فرصة العمر التي من النادر أن تتكرر”.
10 ثوانٍ فقط
وخلال 4 أيام، جرت متابعة تحركات نصرالله، على أعلى المستويات، وشارك فيها القادة الإسرائيليون من هيرتسي هليفي إلى قادة سلاح الجو، الذي تولى مهمة التنفيذ، فيما كانت الجلسة الأخيرة للأبحاث في حضور نتنياهو شخصياً.
تم إعداد سرب طائرات، وتزويد 14 طائرة مقاتلة بالأسلحة والذخيرة، حيث تحمل 83 عبوة بزنة 80 طناًّ، وتحدَّد موعد التنفيذ في الساعة 18:21 عند صلاة المغرب.
ويكشف التقرير أنّه خلال 10 ثوانٍ فقط، كانت العملية منتهية: انهارت الأبنية، وخلّفت في المكان حفرة عميقة ضخمة، كما تم قصف المخارج الممكنة لمنع أي شخص من الهرب.
ويختم: “القصف الإسرائيلي لم يتوقف أياماً عدة، وذلك لمنع قوات الطوارئ اللبنانية من التحرّك، إذ كان القرار ألّا يخرج أحدٌ حيّاً”.