اخبار ع النار-كشفت مصادر مطلعة على السياسات المتوقعة للرئيس الأميركي المنتخب حديثا دونالد ترامب، في توجيه التركيز نحو استكشاف كوكب المريخ في ظل إدارته الجديدة وفقا لوكالة رويترز، الأمر الذي سيشكل تحولا كبيرا في أولويات وكالة الفضاء الأميركية ناسا خلال الأعوام القليلة القادمة.
وقد أثار هذا التوجه آمالا كبيرة لدى رائد الأعمال الملياردير الأميركي إيلون ماسك، الذي عبّر في مناسبات كثيرة عن رغبته في إرسال أول فوج من رواد الفضاء إلى المريخ بواسطة شركته “سبيس إكس”، كما أنه من المتوقع أن يتحول برنامج “أرتميس” التابع لوكالة ناسا والمعني بإعادة البشر إلى سطح القمر مجددا، إلى محطة للتجارب والتقنيات التي ستُمهد الطريق للوصول إلى الكوكب الأحمر.
يُذكر أن ماسك كان من أشد المناصرين للرئيس الجديد، متبرعا بمبلغ 119 مليون دولار لحملة ترامب خلال الأشهر القليلة الماضية، إضافة إلى الدعاية المستمرة عبر حسابه على منصة إكس، والذي يمتلك عدد متابعين يتجاوز 200 مليون متابع، وهو الحساب الأعلى متابعة في المنصة.
وتشمل مراحل المهمة أرتميس1 (وكانت رحلة تجريبية غير مأهولة لصاروخ نظام الإطلاق الفضائي ومركبة الفضاء أوريون)، وأرتميس2 (وهي أول مهمة مأهولة للدوران حول القمر)، وأرتميس3 (المهمة التي تهدف إلى إنزال رواد الفضاء على سطح القمر، والمخطط لها حاليًا في عام 2025).
وكان من المفترض بالفعل أن تكون المهمة مقدمة للسفر إلى المريخ، لأن العلماء يرون أن الانطلاق من القمر يسهل الرحلة والتكاليف، لكن ذلك أتى في سياق بناء مستعمرة قمرية أولا، وضمان وجود الأميركان على القمر، ثم الانطلاق للمريخ. ويبدو أن التغيير في الخطط سيشمل إلغاء خطوة المستعمرة القمرية تلك.
ويأتي استهداف المريخ كوجهة للاستكشاف بمركبات مخصصة لرواد الفضاء بمثابة تحد تقني ومالي يفوق القدرات الحالية والمخصصة لاستكشاف القمر، ذلك لأن المريخ يتمتع ببيئة ديناميكية متقلبة وشديدة على عكس القمر الذي يعمّه السكون والهدوء أغلب الأوقات، مما يجعل مهمة الكوكب الأحمر أصعب وأعقد بكثير، فضلا عن المسافات الشاسعة وصعوبة الوصول.
لكن ثمة علاقة فريدة تجمع بين ماسك وترامب، بالنظر إلى حجم التعزيزات من خلال الدعم العلني للرئيس المنتخب وتقديم تبرع سخي لحملته. العلاقة التي يفسرها البعض بأنها ستصب في مصلحة الصناعات الفضائية، يمكن أن تكون السبب في تخطي هذه التحديات.
وقد علق أحد المستشارين والمختصين في صناعة الفضاء دوغ لوفيرو بأن هذه الخطوة قد تمهد لخطط أكثر واقعية وجدية نحو احتلال المريخ، إذ من المتوقع أن يندرج المريخ ضمن الأهداف الإستراتيجية على المدى القريب، لاسيما أن ترامب سبق أن على مشروع القمر بأنه نقطة انطلاق نحو المريخ.
ويعتقد المحللون أن إدارة ترامب تفضل عقد شراكات ثابتة مع شركات خاصة مثل سبيس إكس، بحيث تتحمل هذه الشركات جزءا كبيرا من المسؤولية المالية، وذلك لتخفيف الضغوط على ميزانية مشروع أرتميس.
كما أن ماسك يطمح إلى التحرر من بعض القيود التنظيمية التي تفرضها الحكومة الأميركية على الرحلات الفضائية التجارية، وهو ما قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في مكتب الفضاء التجاري التابع لإدارة الطيران الفدرالية، الذي طالما ظل يشكل دائما تحديا أمام تطوير نظام الإقلاع الفضائي “ستارشيب” التابع لسبيس إكس، كما قد سبق أن عُلّقت رحلات صاروخ “فالكون9” التابع لسبيس إكس هذا العام في عدة مناسبات بسبب بعض الأعطاب.
تغير في الأولويات.. هل يحلّ المريخ مكان القمر؟
إذا ما استمرت برامج الفضاء وفقا لخطط إدارة ترامب الجديدة، فقد يتغير برنامج أرتميس جذريا ليصبح أكثر تركيزا على المريخ بدلا من القمر.
ومع تنفيذ المزيد من المهام غير المأهولة إلى المريخ خلال هذا العقد، قد يقترب العالم خطوة كبيرة من تحقيق حلم إيلون ماسك بإنزال مركبته الفضائية العملاقة “ستارشيب” على سطح المريخ، خاصة بعد النجاحات الأخيرة اللافتة، بالرغم من استمرار وجود تحديات تقنية.
وعلى الرغم من أن سياسة ترامب الداعمة لاستكشاف الفضاء والتي تركز على المريخ قد تتماشى مع طموحات ماسك، لا يزال هناك الكثير من العمل غير المنتهي، فبيئة المريخ القاسية تشكل تهديدات حاسمة لبقاء البشر؛ حيث يتطلب تطوير أنظمة دعم حياة متقدمة، وموارد يمكن الاعتماد عليها لبناء أول مستعمرة بشرية على سطح المريخ.
أضف لذلك أن ترامب قد يتغير في أية لحظة، حيث يرى بشكل عام أن مشاريع الفضاء فيها درجة من البذخ الذي لا طائل منه، وبالعودة إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وردًا على سؤال حول آرائه بشأن وكالة ناسا، أخبر ترامب طفلا يبلغ من العمر 10 سنوات مهتمًا بالفضاء الخارجي، أنها “كانت رائعة في الأيام الخوالي، لكن أميركا لديها احتياجات أكثر إلحاحًا من استكشاف الكون، مثل إصلاح الحفر”. وأضاف “كما تعلم، ليس لدينا الكثير من المال”.
وكان ترامب يشير بشكل متكرر إلى أن الأزمات الاقتصادية أهم من إنفاق الأموال على علوم الفضاء.
ومنذ ذلك الحين، لم تكفّ إدارته يدها عن محطة الفضاء الدولية، ووصل الأمر حد اعتزامها وقف تمويلها بعد عام 2024، والعمل على خطة انتقالية قد تنتهي بخصخصتها وتحويلها إلى نوع من المشاريع التي لا تديرها الحكومة، بل الصناعة الخاصة، وفقًا لصحيفة “واشنطن بوست”.