اخبار ع النار: لم يتوقف الأردن عن دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” بشتى السبل سواء من الناحية السياسية أو المالية، باذلا كافة الجهود على المستوى العالمي لإبقائها على قيد الحياة، لتقدم خدماتها للاجئين الفلسطينيين بمختلف أماكن عملها، وسط حرب إسرائيلية عليها.
ولا يقتصر دعم الأردن لوكالة الغوث، بصفتها وكالة إنسانية فقط بل لارتباط بقائها بحق العودة والتعويض للفلسطينيين الذين هجرهم الاحتلال الإسرائيلية من بيوتهم وأراضيهم قبل 76 عاما.
وفي الوقت الحالي تمارس إسرائيل حربا جديدة على وكالة “أونروا” عبر سن قوانين تحظر عملها سعيا لاستبدال دورها وإنهاء حق العودة والتعويض الذي كفلته القوانين الدولية.
وأقر الكنيست الإسرائيلي الاثنين الماضي تشريعا يحظر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) من العمل في الأرض الفلسطينية المحتلة، وعانت “أونروا” من أزمة مالية بعد أن أوقفت الولايات المتحدة، أكبر داعم للوكالة الأممية، مساعداتها عام 2018 بعهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مما سبب لها عجزا ماليا بذلك الوقت.
ويقدم الأردن خدمات مباشرة وغير مباشرة للاجئين الفلسطينيين بقرابة مليار دينار سنويا في الوقت الذي تنفق أونروا على عملها في الأردن قرابة 150 مليون دولار، وفق ما صرح به سابقا المدير العام لدائرة الشؤون الفلسطينية رفيق خرفان.
وتبلغ موازنة عمليات أونروا واسعة النطاق في الأردن قرابة 145 مليون دولار سنويا ويعمل بها قرابة 7 آلاف موظف، وتشغل الوكالة 161 مدرسة تخدم أكثر من 107 آلاف طالب وطالبة، و25 مركزا صحيا تقدم أكثر من 1.6 مليون استشارة طبية سنويا.
كما تقدم الوكالة في الأردن مساعدات نقدية لقرابة 59 ألفا من الفئات الأكثر ضعفا، فضلا عن ألفي شخص من لاجئي فلسطين الذين فروا من سوريا.
جلالة الملك وفي كافة المحافل كان يؤكد على أهمية دعم أونروا لتمكينها من القيام بمهامها الإنسانية، وفق تكليفها الأممي، وعدم إعاقة عمل المنظمات الدولية بشكل عام أثناء تأدية واجباتها الإنسانية خاصة في قطاع غزة.
ويأتي دور الأردن في اتجاهين الأول هو الإغاثي المستمر والذي لم يتوقف منذ اليوم الأول للحرب الإسرائيلية الشعواء على غزة، وحتى من قبل، وعلى صعيد المسار السياسي يدعم الأردن أونروا من خلال الخطابات الرسمية في المحافل الإقليمية والدولية.
الملك حذر مرارا من العواقب السلبية لعرقلة عمل الأونروا في غزة على نحو مليوني لاجئ فلسطيني، حيث كان جلالته من أول المبادرين بدعم أونروا من خلال توجيهه الحكومة لتقديم مساعدات لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين “الأونروا” لتتمكن من مواصلة تقديم خدماتها الإغاثية وتوفير الغذاء والدواء والاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة في ضوء التدهور الخطير في الأوضاع الإنسانية وتفاقم هذه الاحتياجات جراء الحرب على غزة.
وتنفيذا للتوجيهات الملكية، خصصت الحكومة مبلغ ثلاثة ملايين دينار لتحويله إلى الأونروا فورا وذلك في 12 تشرين الأول 2023، حيث أعلنت الوكالة وقتها عن حاجتها الفورية إلى 104 مليون دولار من أجل تمكين استجابتها الإنسانية متعددة القطاعات في غزة.
وفي 11 حزيران منح جلالة الملك منح جلالة الملك عبدالله الثاني، وسام الاستقلال من الدرجة الأولى لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، تقديرا لجهودها الموصولة في تقديم المساعدات الإنسانية ورعاية اللاجئين وتوفير الخدمات الأساسية لهم.
الحكومة في شباط 2024 قررت إعفاء وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” من أثمان الكتب المدرسيَّة للأعوام (2019-2023) البالغة قيمتها أكثر من أربعة ملايين دينار، وذلك نظراً للظُّروف الماليَّة الصَّعبة التي تمرُّ بها الوكالة، ولمساعدتها على تقديم خدماتها الأساسيَّة والضَّروريَّة لمنتفعيها من اللَّاجئين الفلسطينيين على أرض المملكة، وذلك انسجاماً مع موقف المملكة الدَّاعم لأونروا.
وبعد أقرار الكنيست الإسرائيلي إقرار مشاريع قوانين تحظر أنشطة الأونروا، على الفور دعت وزارة الخارجية الأردنية إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين؛ لبحث ردّ مشترك على القوانين التي أقدم الكنيست الإسرائيلي على إقرارها، والتي تحظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.
ويهدف الاجتماع لمناقشة الخطوات اللازمة لاتخاذ موقف عربي موحد رافض لهذه القوانين والإجراءات الإسرائيلية الباطلة، وحشد دعم دولي للتصدي لها وإبطالها.
وهذه الخطوة تأتي ضمن سلسلة إجراءات واتصالات تقوم بها المملكة، والتنسيق مع الدول العربية للتصدي للممارسات الإسرائيلية العدوانية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق،
الأردن حذر كثيرا من العواقب الكارثية لاستمرار حملة الادعاءات والإجراءات الإسرائيلية الباطلة والهادفة إلى اغتيال الأونروا سياسيًا، وعرقلة جهودها في تقديم خدماتها الأساسية، وتوفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في ظل الكارثة غير المسبوقة التي يخلفها العدوان الإسرائيلي على غزة، والإجراءات التصعيدية في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي أكد من مصر في تموز 2024 أن الاحتلال يسعى لتصفية أونروا من قبل 7 أكتوبر بهدف تصفية القضية الفلسطينية وإلغاء قضية اللاجئين.
وفي أيلول الماضي ترأس نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، ووزيرة الخارجية السويدية ماريا ستينرجارد، الاجتماع الوزاري الذي نظمه الأردن والسويد، لحشد الدعم لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، وذلك على هامش أعمال الأسبوع رفيع المستوى للدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وقال الصفدي خلال الاجتماع إنه لا يمكن التشكيك في أهمية دور الأونروا، ولا يمكن إنكار أنه لا يمكن استبدالها، لأن ذلك يعني التشكيك في حق الأطفال الفلسطينيين في الغذاء، والمأوى، والتعليم، والأمل، “لم يسبق أن كانت هناك حاجة للأونروا أكثر من الكارثة الواقعة في غزة التي تتكشف يوما بعد يوم”.
وتعددت الاجتماعات الدولية التي نسقها الأردن مع عدة دول لدعم الأونروا لإيمان الأردن المطلق بأن محاولة الاحتلال اغتيال الأونروا سياسيا هو جزء من محاولتها لتصفية القضية الفلسطينية.
مندوب الأردن لدى الأمم المتحدة محمود الحمود أكد في كلمته أمام بمجلس الأمن على أن تصويت الكنيست الإسرائيلي على منع عمل أونروا دليل واضح على أن دولة عضوا بالأمم المتحدة تتحدى بفظاعة غير مسبوقة إرادة المجتمع الدولي؛ الأمر الذي يمثل سابقة خطيرة لتصفية الوكالة، وتصفية قضية اللاجئين وحقهم بالعودة والتعويض.
وجدد مندوب الأردن التأكيد على أنه لا بديل عن وكالة أونروا، كما جدد دعوة الأردن للمجتمع الدولي لتوفير الدعم اللازم لأونروا؛ لتمكينها من المضي بتقديم خدماتها في غزة وسائر مناطق عملها.
من الناحية الأممية فقد أكد نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق، أن إسرائيل كقوة احتلال عليها مسؤولية وضمان بأن عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” يتم بشكل سليم.
وتحدث حق عن تواصل مع سلطات ودول لمنع تطبيق القانون الإسرائيلي بحق أونروا، لافتا إلى أن تطبيق القانون الإسرائيلي المرتبط بمشاريع قوانين تحظر أنشطة “أونروا” يعني تدمير “أونروا” التي تقدم الخدمات للاجئين الفلسطينيين بأقاليم عدة من ضمنها الأردن ولبنان.
المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عدنان أبو حسنة، قال إن الوكالة شريان الحياة في غزة، وغيابها أو توقف عملها يعني الحكم بإعدام المكان.
وأوضح أبو حسنة أن جميع الوكالات الأممية العالمية، أكدت أن أونروا هي المنظمة الوحيدة القادرة على تنفيذ جميع الأعمال الإنسانية في غزة، وغيابها يعني غياب المساعدات عن أهالي القطاع.
وبين أبو حسنة أن مشروع قرار حظر أونروا داخل الأراضي المحتلة، ستكون له تداعيات كارثية، بما في ذلك أنشطة الوكالة في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة.
وأشار أبو حسنة إلى أن هناك ضغطا دوليا كبيرا، وأشبه بوحدة بين كل دول العالم، إضافة إلى الإدارة الأميركية التي قطعت التمويل بأن أونروا هي عامل استقرار وأمن إقليمي؛ لا سيما أن الوكالة تخدم 6 ملايين لاجئ فلسطيني، وأن ضرب الوكالة بهذه الطريقة ستكون له تداعيات خطيرة في منطقة هشة، تعاني من توترات.
يشار إلى أن أونروا التي تأسست في 1949 توفر خدمات التعليم والصحة والمساعدات الحيوية لملايين الفلسطينيين في أنحاء غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان. وفي غزة، توفر المأوى لقرابة مليون شخص نزحوا حديثا بسبب الحرب الإسرائيلية.
ويتم تمويل أونروا بشكل كامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
في أعقاب حرب عام ١٩٤٨ ، تم تأسيس أونروا بموجب القرار رقم 302 (رابعا) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول 1949 بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين. وبدأت الوكالة عملياتها في الأول من شهر أيار عام 1950.
وفي غياب حل لمسألة لاجئي فلسطين، عملت الجمعية العامة وبشكل متكرر على تجديد ولاية أونروا، وكان آخرها تمديد عمل أونروا لغاية 30 حزيران 2026.
ووفق التعريف العملياتي لأونروا، فإن لاجئي فلسطين هم أولئك الأشخاص الذين كانت فلسطين هي مكان إقامتهم الطبيعي خلال الفترة الواقعة بين حزيران 1946 وأيار 1948، والذين فقدوا منازلهم ومورد رزقهم نتيجة حرب عام 1948