كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، الثلاثاء 19 ديسمبر/كانون الأول 2023، أن أكثر من 71% في قطاع غزة يعانون من مستويات حادة من الجوع، في ظل استخدام الاحتلال الإسرائيلي التجويع سلاحاً لمعاقبة المدنيين الفلسطينيين.
وذكر المرصد الأورومتوسطي ومقره جنيف، أنه أجرى دراسة تحليلية شملت عينة مكونة من 1200 شخص في غزة، للوقوف على آثار الأزمة الإنسانية التي يعانيها سكان القطاع في خضم حرب الإبادة الإسرائيلية، المتواصلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأظهرت نتائج الدراسة أن 98% من المستطلعة آراؤهم قالوا إنهم يعانون من عدم كفاية استهلاك الغذاء، بينما أفاد نحو 64% منهم بأنهم يتناولون الحشائش والثمار والطعام غير الناضج والمواد منتهية الصلاحية لسد الجوع.
ورصدت الدراسة أن معدل الحصول على المياه، بما في ذلك مياه الشرب ومياه الاستحمام والتنظيف، يبلغ 1.5 لتر للشخص الواحد يومياً في قطاع غزة، أي أقل بمقدار 15 لتراً من متطلبات المياه الأساسية لمستوى البقاء على قيد الحياة وفقاً لمعايير (اسفير) الدولية.
كما تناولت الدراسة تداعيات سوء التغذية وعدم توفر مياه صالحة للشرب، إذ قال 66% من عينة الدراسة إنهم يعانون أو عانوا خلال الشهر الحالي من حالات الأمراض المعوية والإسهال والطفح الجلدي.
ونقل المرصد الأورومتوسطي شهادات لأطباء عن ارتفاع في معدل الوفيات بالسكتات القلبية والإغماء في مناطق مدينة غزة وشمالها، والتي تشهد تدهوراً أشد بالأزمة الإنسانية ومعدلات الجوع.
ومنذ بدء هجومها العسكري غير المسبوق على غزة، فرض الاحتلال الإسرائيلي إغلاقاً شاملاً على القطاع، ومنع إمدادات الغذاء والماء والوقود وغيرها من الاحتياجات الإنسانية عن أكثر من 2.3 مليون شخص هم إجمالي سكان القطاع.
ولاحقاً اتخذت حرب التجويع الإسرائيلية منحنيات في غاية الخطورة، بما في ذلك قطع كافة الإمدادات الغذائية وقصف وتدمير المخابز والمصانع والمتاجر الغذائية ومحطات وخزانات المياه.
كما عمد الاحتلال الإسرائيلي إلى استهداف المولدات الكهربائية ووحدات الطاقة الشمسية التي تعتمد عليها منشآت تجارية ومطاعم ومؤسسات مدنية، من أجل الحفاظ على الحد الأدنى الممكن من عملها.
وطالت هجمات إسرائيل تدمير المنطقة الزراعية شرقي غزة ومخازن الدقيق وقوارب الصيادين، إلى جانب مراكز التموين للمنظمات الإغاثية، لا سيما وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أكبر مصدر للمساعدات الإنسانية في القطاع.
كما قيّد الاحتلال الإسرائيلي إدخال إمدادات إنسانية من مصر إلى قطاع غزة، عبر معبر رفح البري، واقتصرت على معدل 100 شاحنة يومياً، وهي معدلات لا تُقارن مع متوسط حمولة 500 شاحنة كانت تدخل لتلبية الاحتياجات الإنسانية إلى القطاع، قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ووفقاً للمرصد الحقوقي، فإنه رغم السماح بدخول الكمية المحدودة من المساعدات الغذائية، فإنه لم يتم تسليم أي واردات غذائية تجارية، ما يجعل سكان قطاع غزة في حاجة ماسة إلى الغذاء في ظل فرض نهج العقاب الجماعي عليهم.
وشدد على أن القانون الإنساني الدولي يحظر بشكل صارم استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب. وباعتبارها القوة المحتلة في غزة، فإن “إسرائيل” ملزمة وفقاً للقانون الإنساني الدولي بتوفير احتياجات سكان غزة وحمايتهم.
وأضاف أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولي ينص على أن تجويع المدنيين عمداً “بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية” يرتقي إلى جريمة حرب.
ودعا الأورومتوسطي إلى تحرك دولي حاسم لفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ومنع تدهور الوضع لحياة المدنيين بشكل أكبر، عبر إتاحة الوصول العادل وغير المقيد من المواد الأساسية والإغاثية إلى قطاع غزة بأكمله، وإتاحة الإمدادات الضرورية من الغذاء والمياه والإمدادات الطبية والوقود لتلبية احتياجات السكان.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، أسفرت عن استشهاد 19 ألفاً و453 فلسطينياً، بالإضافة إلى 52 ألفاً و286 جريحاً، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر فلسطينية وأممية.