بقلم : مريم بسام بني بكار
يشهد العالم تطوراً كبيرا وثورة هائلة في مجال التكنولوجيا والمعلومات التي أدت إلى زيادة الاعتماد على الأنظمة الرقمية في شتى مناحي الحياة فأصبح الأمن السيبراني ليس مجرد قضية تقنية بل قضية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية، تؤثر بشكل كبير على العلاقات الدولية حيث تم اضافتها الى أجندة الأمن العالمي لما يعنيه ذلك من تهديدات على الأمن القومي للدول وتبعية على السلم والأمن الدوليين فأدت إلى خلق بيئة جديدة في الفضاء الالكتروني شكلت مصدر قوة سواء أكانت ناعمة أم صلبة تؤثر في النظام الدولي والمحلي مما جعل الفضاء السيبراني مجال للصراع خاصة مع ازدياد اعتماد الدول في الأنظمة الحكومية والمؤسسات الخاصة والأفراد على ما يتيحه الفضاء السيبراني من معلومات فتزداد احتمالات فرص التهديد والاختراقات التي تتعرض لها وبالتالي تزداد الحاجة إلى الأمن السيبراني. وجاء اهتمام الأمن السيبراني بحماية الدول والمواطنين من إساءة استخدام شبكات الكمبيوتر لأغراض الحرب والإرهاب والتجسُّس الاقتصادي والمكاسب الإجرامية التي تتسبب بزيادة الخسائر الناتجة عن الهجمات الإلكترونية السيبرانية التي شكلت سلاحاً جديداً في ترسانة الصراعات الدولية وازدياد سباق التسلح السيبراني بين الدول، حيث تسعى كل دولة إلى تطوير قدراتها الدفاعية والهجومية في الفضاء السيبراني وهذه الهجمات السيبرانية أدت إلى تآكل الثقة بين الدول، خاصة مع وجود أدلة على تورط دولة ما في هجوم ضد دولة أخرى فأصبحت الدول أكثر وعياً بأهمية حماية واستقرار بنيتها التحتية الرقمية والحيوية وضرورة التعاون الدولي لمكافحة الجرائم التي تهدد أمنها السيبراني من خلال وضع الدول سياسات ورسم استراتيجيات وتشريع وسن قوانين وطنية ودولية تحدد المسؤوليات والمساءلة القانونية في مجال الأمن السيبراني مما يستدعي تظافر الجهود المشتركة وبناء شراكات قوية بين الدول واتخاذ الاجراءات المناسبة لحماية أمنها السيبراني.
ويلعب الذكاء الاصطناعي دورا مهما في دعم الأمن السيبراني من خلال انشاء تطبيقات آمنة بشكل افتراضي تقضي على نقاط الضعف وتزيد من قدرته على اكتشاف المشكلات و التهديدات وتسريع التحقيقات والاستجابة لها بسرعه فائقة باستخدام الخوارزميات التي تقوم بتحليل هائل للبيانات وتحديد الأنماط ونقاط الشذوذ التي تكتشف الهجمات السيبرانية وتمنعها.
ويعتبر الاردن من الدول التي أولت اهتماما كبيرا بمجال الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي ويزخم بالكوادر والكفاءات التي تتميز بحرفية عالية في عالم البرمجة والأنظمة الرقمية على مستوى العالم ومؤخرا تم اعلان الاردن عن منتج Anti drone وهو نظام يعمل على اكتشاف الطائرات المسيرة “الدرون” وتحديد مواقعها والتصدي لها وايقاعها عن بعد عدة كيلو مترات وهذا النظام لديه القدرة على كشف سرب من الطائرات بالوقت نفسه التي تمر ضمن نطاقه من خلال انظمة التشويش الخاصة في نظامه وهو من اهم الانظمة التي تساعد في حماية أمن الأردن وساهم في إحباط الكثير من عمليات تهريب المخدرات والعمليات الإرهابية التي تستهدف أمن واستقرار الاردن، وتهتم الدولة الاردنية بهذه التخصصات التقنية في الجامعات الأردنية والمعاهد التدريبية بشكل كبير، وقد تمكن بعض الشباب من احتراف الرياضات الإلكترونية على مستوى العالم ونيل جوائز احترافية في المسابقات وسعيهم لإضافة هذه الرياضات إلى قائمة رياضات الاتحاد الرياضي الاردني ليصبح الاردن من ضمن الدول التي تقام على أرضها هذه المباريات الإلكترونية .