لا حالة تُشبِه حالة العرب اليوم !! لا طوائف ولا ممالك ولا قبائل !! ماضينا بجميع فصوله وسيئاته هو أجمل مِنْ حاضرنا !! كُلّ أيّامنا السابقة هيَ أكثر نورًا مِنْ حاضرنا !!.
أنظرُ في عيونِ الزعماء فإذا بها إلى الأرضِ ناظرة !! يَحسَبونَ كُلّ صرخة هيَ هجمة عليهم !! يحسَبونَ كُلّ رصاصة في الهواء قاتِلَتهم !! في غُرَفِ نومِهم هُمْ إلى الأموات أقرَبْ !! .
الشعوب العربية تكاد مِنْ هَولِ البؤس الذي يعيشونَه إلى العبيدِ أقرب !! ما عادت توقِظَهم صرخة طفل أو إستغاثةِ حُرّة !! .
ما بينَ الذّل والبؤس يعيشون !! فلا الذليل واثق بالبائس ولا البائس مطمئن إلى الذليل !!
أنحزنُ على الحاكِم أم نُشفِق على المحكوم ؟ وَكِلاهما يكيدان لبعضهم البعض !! وكِلاهُما ينامان في أحضان الشيطان !! كِلاهما يسعيان للخلاص مِنْ ألآخر !! .
ما عادت صرخاتنا تُسمع أحدًا!! الحاكمُ يشتري أبواقًا تُسبّح بحمدهِ أناء الليلِ وأطراف النهار !! والشعوب ( بِحفْنَةٍ ) مِنْ شَعيرٍ باعت أحرارها!! الأول عَرَف السعر فاشتَرى والثاني هانَ فباع !! .
وَرَحِمَ الله نزار قباني حين قال :
لَوْ أحدٌ يمنحني الأمان ..
لَوْ كُنتُ أستطيع أن أقابل السلطان
قُلتُ لَهُ : يا سيدي السلطان
كلابك المفترسات مزّقت ردائي
ومخبروك دائمًا ورائي ..
عيونهم ورائي ..
أنوفهم ورائي ..
أقدامهم ورائي ..
كالقَدَر المحتوم ، كالقضاء
يستجوبون زوجتي
ويكتبون عندهم ..
أسماء أصدقائي ..
يا سيدي السلطان
لقد خسرتَ الحربَ مرتين
لأنَّ نصفَ شعبنا.. ليس لَهُ لسان
ما قيمةُ الشعبِ الذي لَيسَ له لسان ؟
لأنَّ نصف شعبنا ..
محاصرٌ كالنملِ والجرذان ..
لَوْ أننا لَمْ ندفنِ الوحدةَ في التراب
لَوْ لَم نمزّق جسمها الطريّ بالحِراب
لَوْ بَقيتْ في داخل العيون والاهداب
لَما استباحتْ لحَمنا الكلاب ..
يا أيها الأطفال أنتم – بعدُ – طيبون
لا تقرؤوا عَنْ جيلنا المهزوم يا أطفال
فنحن خائبون ..
ونحن منخورون .. منخورون .. كالنعال
أنتم بذورُ الخصبِ في حياتنا العقيمة
وأنتم الجيلُ الذي سيهزمُ الهزيمة .. .
المحامي فضيل العبادي
رئيس اللجنة القانونية / مجلس محافظة العاصمة