بدأت المطابخ الإنتاجية في محافظة جرش بالعمل بأعلى طاقتها مع بدء موسم الزيتون، وذلك وسط تراجع حاد تشهده الحركة السياحية منذ أكثر من عام، جراء الأوضاع التي تشهدها المنطقة والإقليم، فيما يعول مزارعون والعديد من الأسر والمتعطلين عن العمل على موسم الزيتون، لا سيما أن جرش من المحافظات المعروفة بإنتاج كمية كبيرة من الزيت والزيتون بجودة عالية.
ووفق رئيسة أحد المطابخ الإنتاجية، نبيلة أبو غليون، فإن المطابخ تعمل بأعلى طاقة إنتاجية لتجهيز ثمار الرصيع وتغليفها وتعبئتها بطرق مناسبة، وتجهيز منتجات غذائية أخرى موسمية، مثل المكدوس والمربيات والمخللات ودبس الرمان، وهي المنتجات التي يطلبها الزوار من مختلف محافظات المملكة، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب عليها أسوة بالأعوام السابقة.
وترى أن موسم الزيتون يعد من المواسم النشطة تسويقيا وسياحيا، ويدخل المحافظة آلاف الزوار، ومنهم من يقصد المعاصر لشراء الزيت، ومنهم من يقصد البسطات لشراء الرصيع، والأغلب يتوجه إلى المطابخ الإنتاجية المعروفة من خلال معارضها في شراء مختلف المواد الغذائية من الزيت والزيتون والمكدوس وباقي المنتجات، وهي جاهزة ومعبأة بطريقة آمنة وصحية، وقد اعتادوا تسويقها من محافظة جرش.
وبينت أبو غليون، أن موسم الزيتون يوفر العشرات من فرص العمل الإضافية لسيدات المحافظة، عدا عن السيدات اللاتي ينتجن الأساسيات في هذه المطابخ، نظرا للإقبال على هذه المنتجات من محافظة جرش تحديدا لتميزها فيها وجودة المنتج ونوعيته وأسعاره المناسبة.
إلى ذلك، توقع مزارعون ومهندسون زراعيون أن يكون معدل إنتاج زيت الزيتون، العام الحالي، مقاربا لإنتاج العام الماضي، ويزيد على 1500 طن من زيت الزيتون، لا سيما أن كميات الزيتون الموجودة جيدة، وحجم الثمر ونوعيته مناسبة لإنتاج الزيت، وقد تغير لون الثمار من الأخضر إلى الأسود، وهذه دلالة نضوج الثمر وبدء موسم القطاف في محافظة جرش، حيث بدأت 16 معصرة زيتون باستقبال الثمار وعصرها بجاهزية عالية وكادر عمل متكامل.
وفي المقابل، ما يزال الآلاف من المزارعين ينتظرون تساقط الأمطار لغسل الشجر وبدء موسم القطاف، على اعتبار أن الأمطار تسهم في غسل الثمر من الغبار والأتربة التي علقت فيه منذ عام، وتزيد من كمية الزيت في الثمر، وفق خبراتهم طوال سنوات العمل في مواسم الزيتون.
ومن المتوقع أن تنشط الحركة السياحية الداخلية في موسم الزيتون في جرش، كون جرش من أكثر المحافظات إنتاجا للزيت في المملكة، وتتميز بنوعية وجودة زيت عالية، فضلا عن توفر مختلف المنتجات الغذائية الأخرى التي يطلبها الزوار، مثل المكدوس والمربيات والمخللات بمختلف أنواعها، إلى جانب الرصيع والزيت.
كما بدأ متعطلون عن العمل ومزارعون، بالعمل على قطاف الثمار لصنع مادة “الرصيع” هذه الفترة قبل تلون الثمر باللون الأسود، كون ثمار الرصيع تكون بالثمار الخضراء، وبدأ نصب الأكشاك على جوانب الطرق وبيع أنواع وأشكال وأحجام مختلفة من الزيتون لتصنيع مادة الرصيع، وهي من أشكال المونة التي تحتاجها الأسر الأردنية وتجهزها سنويا.
واعتاد مزارعون نظام المعاومة في إنتاج الزيتون، وهو أن يرتفع الإنتاج في موسم وينخفض في الموسم الذي يليه مباشرة، وتعتمد كميات الإنتاج على كميات الأمطار ودرجات الحرارة ومدى العناية بالأشجار ومستوى الخدمات الزراعية التي تقدم لها، إلا أن الملاحظات الأولى تدل على أن كميات الثمار ستكون مناسبة، وإنتاج الزيت وفير، والأسعار تعتمد على العرض والطلب.
بدوره، قال مدير زراعة جرش الدكتور فايز الخوالدة “إن معاصر الزيتون بدأت بالعمل فعليا، وهي بجاهزية عالية وكادر عمل متكامل، وقد تم الكشف عليها والمتابعة الدورية لمدى جاهزيتها وعملها بشكل جيد لضمان إنتاج زيت بجودة عالية للمزارعين”.
وأضاف “أن بعض المزارعين بدأوا فعليا بالقطاف، وبعدهم يبدأ آخرون بعد تساقط الأمطار بهدف غسل الأشجار والثمار من الغبار والأتربة، وزيادة كمية الزيت في الثمر وفق تجاربهم الزراعية، وظهور علامات النضج على الثمار، وأبرزها تلون الثمر إلى اللون الأسود، غير أن نسبة الجاهزية الفنية والعمالية والمهنية للمعاصر أصبحت 100 %”.
ويرى الخوالدة، أن بداية الشهر المقبل من أفضل الأوقات التي يتم فيها قطف الزيتون، وبعد ظهور معالم النضج على الثمار التي أوضحتها النشرات الإخبارية والوسائل الإعلامية التي تنفذها وزارة الزراعة لتوعية المزارعين بمواعيد القطاف لضمان أكبر نسبة زيت وأعلى جودة.
وناشد المواطنين بعدم شراء الزيت من خلال الإعلانات الوهمية التي تنتشر في وسائل الإعلام المختلفة، خصوصا أن كمية الزيت غير متوفرة الآن، والأسعار مرتفعة وتعتمد على العرض والطلب، وتحديدا في بداية الموسم.
ووفق المزارع عبد الرحمن أبو ستة، فإن “قطرات المياه الأولى من الأمطار تعد شارة البدء لانطلاق المزارعين إلى الحقول منذ ساعات الصباح الباكر لجني الثمار التي ينتظرونها في هذا الوقت تحديدا، ليلتف أبناء الأسرة جميعا حول الشجر في مشهد تنتظره العوائل سنويا، كون موسم الزيتون يعد مصدر دخل أساسيا لمئات الأسر الجرشية، وهو موسم الخيرات والتكافل الاجتماعي”.
وأكد أبو ستة، أن معالم النضج ظهرت على الثمار، وقد حان موعد قطافها، ويفضلون بدء القطاف بعد تساقط الأمطار، لغسل الثمر والشجر، حتى لا تؤذي عيونهم من الأتربة والغبار والجراثيم، مبينا أن نسبة الزيتون الموجودة على الشجر متفاوتة من منطقة لأخرى، ومعظم الأشجار غير حاملة نهائيا للزيتون، والأشجار التي تحمل تكون بكميات جيدة وبمواصفات مختلفة، وتعتمد على مدى العناية والاهتمام بالشجر طوال العام، ونوعيته، والظروف المناخية التي مر بها.
يذكر أن المساحة الكلية لأشجار الزيتون في المحافظة تبلغ 130 ألف دونم، نسبة المثمر منها 110 آلاف دونم، تتوزع بين مختلف المناطق في المحافظة.
وتبلغ المساحة المزروعة بالزيتون في الأردن حوالي 1.280 مليون دونم، تعادل 72 % من المساحة المزروعة بالأشجار المثمرة، وحوالي 34 % من كامل المساحة المزروعة في الأردن.
ويقدر عدد أشجار الزيتون المزروعة بحوالي 17 مليون شجرة تنتشر في معظم مناطق محافظات المملكة، بدءا من المناطق المرتفعة وحتى مناطق وادي الأردن.