كتب: سلطان عبد الكريم الخلايلة
الحديث دائماً يدور حول ضرورة العمل الجماعي في مجلس النواب بدلاً من العمل الفردي الذي كان السائد. ومن هنا، انطلق مشوار التحديث السياسي لوضع إطار لهذا العمل الذي يعد أكثر فعالية وأفضل في جميع محاوره. تشكيل الكتل البرلمانية بعيداً عن العشوائية أو الهُلامية سيسهم حتما في رفع أداء مجلس النواب في كافة تفاصيله.
شهد تشكيل الكتل النيابية في المجلس العشرين تطورات دراماتيكية، وهذا أمر منطقي في ظل غياب الأحزاب التي يمكن أن تساهم في بناء كتل أكثر متانة. وسيكون مؤشر العمل الجماعي ومدى تماسك هذه الكتل وتناغمها مرهوناً بانتخابات رئاسة مجلس النواب وأعضاء المكتب الدائم. يعتبر هذا بمثابة اختبار أولي لمدى انسجام الكتل التصويتي وفق توافقاتها، ومن المنطقي أن لا يترشح أكثر من عضو حزبي لنفس المنصب.
السلوك التصويتي لأعضاء مجلس النواب فيما يتعلق بمنح الثقة للحكومة أو التصويت على الموازنة العامة يعد مؤشراً مهماً للمراقبين حول مدى التزام الكتل بقراراتها الجماعية. يُثبت هذا التماسك الكتلوي أو يبرز هشاشته، حيث يمكن لبعض الكتل أن تصبح مجرد مسميات جماعية دون أن يتمكن أحد من لمس أثرها، وكأنها كتل من الرمال المتحركة. هنا تكمن الأهمية، حيث أن العديد من التوافقات تبنى لغايات انتخابات رئاسة مجلس النواب والمكتب الدائم وبعض اللجان النيابية، إلا أن هذه الكتل قد تتلاشى بعد الاقتراع تحت القبة كما حدث في السابق.
يأتي البرلمان العشرون بروح جديدة ترتكز على العمل الكتلوي الجماعي، خاصة مع وجود نواب وصلوا عبر القوائم الحزبية العامة، مما يجعلهم ملزمين وثابتين. وعلى الرغم من وجود تخوفات من نواب القوائم المحلية الذين قد يتنقلون بين الكتل، فإن الأهم اليوم هو التأطير الحقيقي للعمل الجماعي ليصبح نهجاً ثابتاً في المجلس، خصوصاً مع مطالبات مشروعة بإجراء تعديلات على النظام الداخلي لمجلس النواب لتتوافق مع شكل البرلمان الجديد وتدعم نجاحه.
المرحلة القادمة تمثل قفزة نوعية في المسيرة السياسية للدولة ومشروعها التحديثي، حيث ستؤسس لمرحلة مختلفة عما سبقها. يرعى هذه المرحلة ويضمن ديمومتها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله ورعاه. الجميع يتطلع إلى أن يساند مجلس النواب جهود الدولة الأردنية في ظل ظروف صعبة على جميع المستويات والقطاعات، إذ أن السياسات والقرارات التي سيتم إقرارها تحت قبة البرلمان ستؤثر على حياة جميع المواطنين.
وأصبح الكثيرون يؤمنون بأن المعارضة الوطنية هي شريك أساسي وفاعل في العملية السياسية، شريطة أن تكون معارضة بنّاءة لا تستغل مشاعر الناس أو ظروفهم. فالمعارضة السلبية، التي تعتمد على شعارات جوفاء لا تخدم المسيرة القادمة، لم تعد مقبولة في ظل المرحلة الجديدة.