أثارت تصريحات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والرجل المفضل عند الرئيس الفلسطيني محمود عباس “حسين الشيخ ردود فعل وجدل في الساحة الفلسطينية نظرا لخروجها عن السياق، والاجماع الوطني الراهن الملتف حول المقاومة في غزة وهي تواجه حرب الإبادة التي يشنها الجيش الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة.
تتلخّص تصريحات الشيخ لوكالة رويتر وقناة العربية السعودية بالنقاط التالية:
ـ أولا: هو يعتبر أن نهج حماس لادارة الصراع مع إسرائيل ليس الشكل المثالي.
ـ ثانيا: يتوعّد حماس بالمحاسبة بعد الحرب.
ـ ثالثا: يعتبر أن اتفاق أوسلو جيد ونجح جزئيا.
ـ رابعا: يرى أن وظيفته العمل مع إسرائيل لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني حسب قوله.
وفيما كانت تنهال ردود الفعل الساخطة على حسين الشيخ والسلطة الفلسطينية والرئيس عباس بسبب هذه التصريحات العدائية لمشاعر الشعب الفلسطيني في هذه اللحظة، رد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس أسامة حمدان على تصريحات الشيخ خلال مقابلة تلفزيونية بالقول ” “حسين الشيخ يريد ان يحاسب المقاومة؟” نقول له “مرحبا طلوا”.
ونصح حمدان حسين الشيخ ألا يكرر تجربة قائد العملاء في جنوب لبنان “أنطوان لحد”، وألا يسع الى المراهنة على إسرائيل وتقديم أوراق اعتماد لها للمرحلة المقبلة لتحقيق طموحات شخصية، وان يراهن بدلا من ذلك على المقاومة. وأضاف حمدان إسرائيل تريد إزالة المقاومة وحسين الشيخ يريد محاسبتهم فاين يجد الشيخ نفسه في أي مربع الان. وقال حمدان ان كل حديث امريكي عن سلطة متجددة تعني سلطة تشبه سلطة أنطوان لحد في جنوب لبنان هل يفهم حسين الشيخ هذا الكلام.
وردّ الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية “مصطفى البرغوثي” عبر مداخلة لقناة الميادين على كلام “حسين الشيخ” بالقول أنصح حسين الشيخ بأن يسمع رأي الشارع ومن يحتاج الى تقييم ومراجعة هو موقف السلطة الفلسطينية، وأضاف البرغوثي “أوسلو جلب الاستيطان والاعتراف بإسرائيل دون أن تعترف إسرائيل بالسلطة وقسم من الضفة”.
مواقف “حسين الشيخ” كانت صادمة للبعض خاصة ممن علقوا على هذه المواقف عبر وسائل التواصل، واعتبروا هذه التصريحات خروجا عن الاجماع الفلسطيني الشعبي الملتف حول المقاومة في غزة وهي تخوض معركة مصيرية مع الجيش الإسرائيلي الذي يحاول إبادة الشعب في غزة وتهجيره من ارضه، كمان ان كلام الشيخ ايقظ الانتقادات لموقف السلطة الفلسطينية المتفرج على كل الانتهاكات الخطيرة للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية. واصرارها على التنسيق الأمني لصالح إسرائيل والمضر جدا بالشعب الفلسطيني. لكن من يعرف الرجل “حسين الشيخ ” جيدا، لم يستغرب مثل هذه التصريحات، فقد سبق ان نشر نقلا عن مصادر دبلوماسية عربية ان حسين الشيخ ومن الأيام الأولى للحرب على غزة، عاتب وزير الخارجية الامريكية انتوني بلينكن خلال زيارته الأولى اثناء الحرب لرام الله، بان الولايات المتحدة لم تستمع له في القضاء مبكرا على حركة حماس.
الاحتمال الأكثر رواجا لتفسير كلام “حسين الشيخ” هو ما ذكره حمدان، ان الرجل يقدم أوراق اعتماد للولايات المتحدة وإسرائيل لخلافة الرئيس محمود عباس وقيادة المرحلة المقبلة، التي تطالب فيها الولايات المتحدة بفرض السلطة الفلسطينية في غزة والضفة. لكن ثمة احتمال اخر أشار اليه معلقون وهو ان الشيخ سارع لضرب تحرك منافسه الأوحد داخل حركة فتح “جبريل الرجوب”. الرجوب كان قد اجرى اكثر من مقابلة تلفزيونية في تركيا والجزائر مد فيها يد الحوار لحركة حماس لتشكيل جبهة فلسطينية موحدة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
واعتبر الرجوب ان الإسلام السياسي “حماس والجهاد” جزء من الحياة السياسية الفلسطينية، رافضا ادانة المقاومة او عملية طوفان الأقصى، واعتبر انها جاءت في سياق الانتهاكات الإسرائيلية والحصار المفروض على غزة.
وإذا كان الشيخ شعر بخطر الرجوب المقبول من كل الفصائل الفلسطينية، وعمد الى ضرب جهوده واجهاض تصريحاته، فان هذه ليست المرة الأولى، فقد سبق ان انجز الرجوب مع حركة حماس وباقي الفصائل اتفاقا متكاملا لاجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وانتخابات المجلس الوطني، ووضع الأسس لانهاء الانقسام الفلسطيني، الا ان حسين الشيخ اجهضه بتصريحات نارية معلنا رفض اجراء الانتخابات معتمدا على رفض إسرائيل اجراءها في مدينة القدس، ثم ذهب الشيخ لاعادة التواصل مع إسرائيل وهو ما اثار غضب الفصائل واعتبروا ان هذا نكوصا عن الاتفاقات، وقد أدى هذا الى ابتعاد الرجوب عن المشهد السياسي لاحقا، وتصدر الشيخ باعتباره الرجل الثاني في السلطة الفلسطينية.