يعيش أهالي لواء الغور الشمالي التابع لمحافظة إربد، وسط مأزق ومعاناة ناتجة عن توقف أصحاب الصهاريج عن العمل والامتناع عن نضح الحفر الامتصاصية، إلى حين تأهيل وتعبيد طريق الوصول إلى محطة تفريغ حمولاتهم.
إزاء ذلك، أبدى العديد من المهتمين بالشأن البيئي، ورؤساء بلديات وأعضاء بمجلس المحافظة “اللامركزية”، مخاوفهم من حدوث تلوث قد يصل إلى حد الكارثة البيئية، في ظل وجود أكثر من 18 ألف حفرة امتصاصية باللواء بدأت مياهها العادمة تفيض بين الأحياء السكنية، وذلك في ظل التقلبات الجوية المختلفة من ارتفاع في درجات الحرارة وانتشار الحشرات الزاحفة، ناهيك عن انتشار الأمراض الجلدية المتنوعة.
ويطالب أصحاب صهاريج النضح التي توقفت عن العمل من أيام عدة، بتأهيل الطريق المؤدي لمحطة التنقية باللواء، التي ينقلون حمولاتهم إليها، وقالوا خلال وقفة احتجاجية نفذت قبل أيام، إن الطريق الوحيد الذي تسلكه مركباتهم من أجل نقل الحمولات وتفريغها بالمحطة متهالك، وتسبب بأعطال كبيرة لمركباتهم، الأمر الذي يكلفهم مبالغ مالية لا طاقة لهم بها.
ومع مرور أيام على توقف الصهاريج، بدأت الأوضاع في اللواء بالتأزم، فيما ينتظر السكان من الجهات المعنية اتخاذ خطوات سريعة لحل المشكلة، لكنها تتذرع بغياب التمويل لتحقيق مطالب أصحاب الصهاريج.
ووفق سكان باللواء، “باتت الأوضاع لا تطاق، إذ ترك البعض مياه الحفر الامتصاصية لتفيض بين المنازل مسببة مكرهة صحية، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة”، مشيرين إلى أن “استمرار امتناع أصحاب الصهاريج عن نضح الحفر قد يؤدي إلى كارثة بيئية، خصوصا أن جميع منازل اللواء تعتمد على الحفر الامتصاصية لتجميع المياه العادمة”.
وطالب أهالي المنطقة والمهتمون بالشأن البيئي أصحاب الصهاريج بالعودة للعمل لحين إيجاد حل جذري، داعين إلى تغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة لحين إيجاد الحل المناسب، مؤكدين كذلك، أن توقيت توقف أصحاب الصهاريج عن العمل غير مناسب مع ارتفاع درجات الحرارة.
كما أشاروا إلى أن أغلب المواطنين اضطروا إلى مغادرة منازلهم خوفا على صحتهم، لا سيما صحة أطفالهم الذين يعانون من أمراض جلدية وتنفسية، مشددين على أن ارتفاع الحرارة مع فيضان الحفر الامتصاصية ساهم بانتشار الروائح الكريهة، وأن المشكلة لا يمكن حلها دون أن تتكاتف جهود الجهات المعنية كافة، ومحذرين أيضا من استمرار التهاون بالمشكلة التي ستأخذ أبعادا صحية خطيرة.
وتقول الأربعينية صفاء الأحمد من سكان منطقة البصيلة في اللواء، إن “وضع المنطقة أصبح لا يطاق أبدًا، واضطررت إلى استئجار صهاريج نضح من محافظة أخرى والعمل على نضح الحفرة رغم الكلفة المالية العالية التي فاقت قدرتي”، مشيرة إلى أن “الروائح منتشرة، مما أثر على المرضى، كما أن انتشار المياه العادمة بين الأحياء السكنية تسبب بأضرار للمواطنين، مما دفع البعض منهم إلى مغادرة اللواء والبحث عن منازل أخرى في مناطق بعيدة”.
وأضافت الأحمد، أن “الأوضاع في اللواء مع انتشار مياه الحفر الامتصاصية باتت مقلقة، وهناك مخاوف من انتشار الأمراض لا سيما مع انتشار الحشرات وارتفاع درجات الحرارة”.
ووفق المواطن محمد الساري، فإن “البلدية يجب أن تكون شريكا أساسيا في عملية حل المشكلة والعمل على إيصال صوت أصحاب الصهاريج، ذلك أن الشارع، وبسبب ضيق سعته، يشكل خطورة كبيرة على مستخدميه، فضلا عن الأضرار التي تلحقها المركبات أثناء سيرها عليه بالمزروعات القريبة منه بسبب تطاير الأتربة والغبار”، لافتا إلى “عشرات القضايا التي رفعها مزارعون ضد أصحاب الصهاريج والبلدية جراء السماح لهم بالسير على الطريق المتهالك”.
وفي خطوة لاحتواء الأزمة، قال عضو اللجنة اللامركزية في اللواء عقاب العوادين، إنه تم التواصل مع الجهات المعنية لحل المشكلة بشكل مؤقت، من خلال إجراء عمليات ترقيع وتعبيد للشارع بالتعاون مع سلطة وادي الأردن، وسيتم تنفيذ ذلك قريبا، موضحا، أن عدم توفر مخصصات كافية حاليا يحول دون طرح وتنفيذ أي عطاء.
أما رئيس بلدية طبقة فحل، كثيب الغزاوي، فأكد من جهته، أن استمرار توقف الصهاريج عن العمل سيؤدي إلى حدوث ما سماه بـ “كارثة صحية” في اللواء، خصوصا أن جميع أهالي اللواء يعتمدون على الحفر الامتصاصية في التخلص من المياه العادمة.
وأوضح الغزاوي، أن تلك المشكلة ليست بجديدة، بل إن مطالب حل مشكلة الحفر الامتصاصية عمرها طويل، فمطلب أصحاب الصهاريج ليس جديدا، لكن تعبيد الشوارع، خصوصا الشارع المؤدي إلى محطة التنقية باللواء خارج صلاحيات البلدية، ويقع ضمن مشكلة تداخل الصلاحيات بين مديرية الأشغال وسلطة وادي الأردن.
وقالت عضو البلدية، هدى العامري، إن البلدية غير قادرة على احتواء المشكلة حاليا، خصوصا أن ليس لديها أي خطة طوارئ للتعامل مع الوضع الحالي، كما أنها لا تمتلك سوى صهريج نضح واحد وهو غير كاف لحل مشكلة 40 ألف نسمة، مشيرة إلى أن البلدية ستساهم مع الجهات المعنية بإيجاد حلول، لكنها غير قادرة وحدها على الحد من انتشار الروائح والحشرات ومعالجة التلوث.
وبحسب عضو اللامركزية، إيثار الرياحنة، فإن مشكلة الحفر الامتصاصية في لواء الغور الشمالي تحتاج إلى حلول جذرية، مع صعوبة شمول اللواء خلال الفترة الحالية بشبكة متكاملة للصرف الصحي بسبب ما تتطلبه من تمويل ضخم، نظرا لاتساع حجم اللواء واستواء مناطقه وتشابه تضاريسه.
وأوضحت الرياحنة، أن شمول اللواء بشبكة الصرف الصحي مدرج ضمن الخطط المستقبلية للمشاريع الإستراتيجية لوزارة المياه والري، مضيفة، أن هناك نحو 18 ألف حفرة امتصاصية منتشرة في اللواء، وأغلبها بين منازل المواطنين وبالقرب من الشوارع الرئيسية.
وأضاف مصدر في وزارة المياه، أن مناطق الأغوار غير مخدومة بشبكات الصرف الصحي، لافتا إلى أن مثل هذه المشاريع بحاجة إلى دراسات فنية لمعرفة جغرافية المنطقة وأعداد المشتركين وعدد العقارات والمناطق التي تحتاج إلى هذه الخدمات، وما يترتب على ذلك من محطات لمعالجة المياه العادمة والاستفادة منها وكذلك الخطوط الناقلة.
وبين المصدر أن وزارة المياه تسعى لتنفيذ خدمة مشاريع الصرف الصحي في جميع مناطق المملكة وفق الإمكانات المتاحة والأولويات المطلوبة بما يخدم المواطنين ويحد من المشاكل الناتجة عن الحفر الامتصاصية.