أخبار ع النار- د. حازم قشوع
خلط غياب حسن نصرالله عن المشهد العام الاوراق السياسية، وجعل حاله المنطقة كما حال كرسي الرئاسة الامريكية فى حالة تأرجح متقاربة بين هاريس التى تتقدم بفارق بسيط عن ترامب الذي يراهن على تأجيج الصراع بالشرق الاوسط ليحقق ما أعلن عنه صهره كوشنير من رؤية، وهو الذى عاد ليتحدث عن مواصلة الإنجاز الاسرائيلي من أجل تحقيق النصر بالقضاء على الدور الإيراني بالمنطقة وبسط النفوذ الإسرائيلي فيها، وهو ما اعتبره برنامج ترامب للمرحلة القادمة التي ستكون فيها الجغرافيا السياسية للمنطقة قائمة على عناوين كنتونية وتكون أنظمتها بلا اسلحه حديثه أو استراتيجية قادرة على تغيير ما سيتم اعتماده أو ترسيمه.
اذن اسرائيل تدخل للمسرح الإقليمي بعد نشوة انتصار مفعمة بالفوز الذي تحقق لها نتيجة القضاء على زعيم الحركة الشيعية العربية حسن نصرالله وقيادته، كما استطاعت القضاء على زعيم الحركة السنية العربية اسماعيل هنية وأهم رجالاتها، واخذت المعارضة الاسرائيلية تعلن بيعتها للقيصر نتنياهو باجنحتها الاورثوذكسية والتوراتيه وبقياداتها السياسيه والعسكريه من لابيد وغانتس الى ساعر الذي أعلن عن دخوله للحكومة لتدعيم صفوفها وتعزيز حضورها في المعركة المصيرية التى تدخلها اسرائيل بهذه الاثناء.
الأمر الذى سيكون له انعكاسات كما هو متوقع على حاله الانتخابات الأمريكية بعد هذا النجاح الذى تحقق لنهج نتنياهو في الحكم، وهو ما يؤهله لفرض مشروعه المعلن بالقوة العسكرية “سياسة البسطار”، وهو المشروع الذى يتحدث عن شرق أوسط جديد يقوم على كانتونات مذهبية أو عرقية تتشكل على شكل ولايات لها “عناوين سياسية بلا أنياب عسكرية” بما يجعلها غير قادرة للدفاع عن مكانتها ووجودها، وهو المشروع المؤيد من ترامب مرشح الرئاسة للحزب الجمهورى الذى يريد توسيع الجغرافية الإسرائيلية واضعاف من حولها بتغيير الحالة القائمة باستخدام نظرية “الهدم لإعادة البناء”، وهذا ما سيجعل نتنياهو يمضي بالتصعيد غير آبه بكل دعوات وقف إطلاق النار التى ترسل إليه شكلا من بايدن تارة ومن ماكرون تارة اخرى، الامر الذي سيجعله يدخل للمعركه البريه مع حزب الله للإجهاز على الوجود العسكرى فى لبنان وعينه ستكون منصبة على نقطة الاشتباك الرئيسية السورية التى يتوقع ان تكون ساحة المعركة الفاصلة.
وفى هذه الاثناء قام حزب الله باعادة بناء صفوفه وتعبئة الشواغر فى قياداته بقيادة هاشم صفي الدين الذى تربطه قرابة مع نصرالله كما يرتبط بمصاهرة مع قاسم سليماني، وهو الرجل الذى يعتبر ظل نصرالله كما كان يشغل منصب رئيس الجهاز التنفيذي في حزب الله، الأمر الذي جعله مطلع على جميع الملفات الاستخبارية للحزب كما تشير التقارير، وهذا ما يؤهله ليكون القائد الند لنتنياهو في المعركة البرية المنتظرة التى ستجرى خلال الأيام القادمة على امتداد ساحات الجنوب اللبناني كما على الجهات المتاخمة للحدود السورية.
وحتى لا نغرق بتفاصيل الحرب الاستخبارية التى تحدث فان انتصار إسرائيل فى لبنان يعنى انتهاء المشروع الإيراني في المنطقة ويتبعه دخول إسرائيلي للأراضي السورية لتبدأ فيما بعد ظهور عناوين الكانتونات السياسية الجديدة، لكن فشل هذا المشروع يعتمد على عاملين رئيسيين الأول يشكله حجم المقاومة وفاعليتها وهذا يتوقف على الإمداد الروسي وليس الايراني فحسب بنوعية الأسلحة وتقنيات الامداد في تقنية الصناعات المعرفية وهندسه الذكاء الاصطناعي، واما الامر الاخر فانه يعتمد على مدى تحقيق تيار المقاومة لانتصارات ميدانية تجبر إسرائيل لوقف الحرب قبل الانتخابات الأمريكية القادمة، فإن لم يتحقق ذلك فإن الرئيس القادم سيكون ترامب على الأرجح والذى يجري مفاوضات مع عمق الدولة بهذه الاثناء بعدما وحد نتنياهو صفوف الايباك عبر التفاف المعارضة حول مشروعه، لكن فى حال توقف المعارك وعادت المنطقة للهدوء النسبي فإن الرئيس القادم ستكون هاريس بالتأكيد، وهو الاستخلاص الذي جعلنا نقول ان الشرق الاوسط من يقرر العنوان الامريكي القادم.