خلال الأسابيع الماضية، ومع تصاعد الحديث في أروقة الدول الغربية عن السماح لأوكرانيا باستهداف العمق الروسي عبر صواريخ طويلة المدى، كثرت التهديدات الروسية وتلويح موسكو بالسلاح النووي.
فحين حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق من هذا الشهر من أن موافقة الغرب على قيام أوكرانيا بضرب عمق بلاده يعني أن موسكو دخلت في حالة حرب مباشرة مع حلف شمال الأطلسي، سارعت بعض الأصوات إلى التلويح بالسلاح النووي.
وحذر رئيس مجلس النواب، فياتشيسلاف فولودين، من أن استهداف العمق الروسي سيؤدي إلى حرب بالأسلحة النووية.
كما ذكّر البرلمان الأوروبي بأن مقره في ستراسبورغ لا يبعد سوى ثلاث دقائق بالطائرة عن صاروخ روسي باليستي عابر للقارات.
مشهد مختلف داخل الكرملين
لكن المشهد مختلف على ما يبدو داخل الكرملين، إذ بدأت بعض الأصوات تدرك بأن الاستخدام المتكرر للتهديد النووي بدأ يفقد فعاليته، وأن خطوط موسكو الحمراء تم تجاوزها.
إلى ذلك، رأى محللون ومسؤولون مقربون من كبار الدبلوماسيين الروس أن بوتين بدأ يبحث عن رد أكثر دقة ومحدودًا ضد دول الغرب التي سمحت لأوكرانيا باستخدام صواريخ أطول مدى لضرب روسيا.
وقال مسؤول روسي تحدث شرط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: “لقد كان هناك فائض من التهديدات النووية”، وفق ما نقلت صحيفة “واشنطن بوست”.
كما أضاف أن تلك التهديدات لم تعد تخيف أحدا”، وفق تعبيره.
بدوره، وصف أكاديمي روسي يتمتع بعلاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين الروس، الخيار النووي بأنه “أقل السيناريوهات الممكنة”.
وأضاف: “كل تلك التصريحات حول النووي مبالغ فيها ومضخمة، بل تقلل من وجود خيارات أخرى بديلة”. وأردف: “بما أن الغرب لديه بنية تحتية عسكرية منتشرة عالميا، فيمكن العثور على الكثير من نقاط الضعف.”
بدورها، رأت تاتيانا ستانوفايا، مؤسسة شركة آر بوليتيك للاستشارات السياسية ومقرها فرنسا، أن بوتين يدرس مجموعة من الخيارات لردع الدعم الغربي لأوكرانيا، محاولا فرض خطوطه الحمراء.
كما اعتبرت أن الرئيس الروسي يرى الأسلحة النووية “الخيار الأسوأ للجميع بما في ذلك لبلاده”.
إلى ذلك، رجحت ألا تنظر موسكو في اتخاذ أي تدابير نووية أو مهاجمة أراضي دول الناتو إلا إذا “شعر بوتين بتهديد وجودي لبلاده أو إذا رأى أنه لا يوجد مخرج آخر”.
العقيدة النووية
ويبدو أن تصريحات المسؤولين الروس تراجعت بالفعل مؤخرا، بعد تردد الولايات المتحدة الواضح حتى الآن في رفع القيود المفروضة على ضرب أوكرانيا لأهداف عسكرية في العمق الروسي عبر استخدام صواريخ أميركية.
يشار إلى أن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف كان أعلن مطلع الشهر الحالي أن بلاده ستدخل تعديلات على عقيدتها النووية ردا على مواقف الغرب تجاه الحرب في أوكرانيا.
وتنص العقيدة النووية على استخدام القوات الروسية أسلحة نووية “في حال تعرضت البلاد لهجوم نووي أو حتى هجوم بأسلحة تقليدية يهدد وجود الدولة”، وفقا لمرسوم أصدره الرئيس الروسي عام 2020.
فيما تمتلك تسع دول حول العالم أسلحة نووية ألا وهي روسيا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى بريطانيا وفرنسا، فضلا عن الصين والهند وباكستان، وكوريا الشمالية، يضاف إليها إسرائيل على لرغم من أنها لم تؤكد رسميًا حيازتها للنووي.