بقلم: د. حازم قشوع
مع اقتراب موعد الانتخابات الامريكية من محطات فاصلة ودخول مربعات الاشتباك في أوكرانيا والشرق الأوسط فى لحظات تاريخية حادة، يكون البيت الابيض على مفترق طرق فإما أن يذهب في اتجاه التصعيد أو أن يقوم بالعمل لإخماد فتيل الازمه التي اشعلها في موقعي الاشتباك في غزة كما في أوكرانيا، ليس للأمن الأممي فحسب لكن من اجل دعم الحملة الانتخابية لهاريس التي تقف على حافة النجاح فى البيان الانتخابي في مواجهة ترامب، وهي بحاجة الى برنامج عمل داعم لها فى الوزن السياسي و الثقل الانتخابي يجعل من أصوات الولايات المتأرجحة تحسم لها لبيان الفارق.
وهذا ما يجعل المشهد العام لهذه الولايات تدخل فى حسابات ظروف انعقاد الدورة الأممية التي تنعقد غدا فى نيويورك، والتى يبدوا ان ثقل الحضور فيها غير المسبوق من حيث مشاركة الرؤساء وممثلي الدول والذى يعكس الأهمية الظرفية لحالة الانعقاد، حيث بات يجمع الجميع فيها لمطالبة الرئيس بايدن الكف من سياسة المراوحة والعمل على اتخاذ قرارات تجعل من اقواله افعال وليس من أجل شراء مزيدا من الوقت سيما وأن الدول فى الشرق الاوسط لا تستطيع احتمال نشوب حرب إقليمية ثانيه تعمل إسرائيل على جر الولايات المتحدة عليها فى هذه الأوقات، وهذا ما يجعل من ظروف انتخاب كامالا هاريس تصبح عالقة بسبب ظروف المنطقة وحالة انعكاس اجواءها على واقع الولايات المتأرجحة التي مازال الغموض يخيم على أجوائها رغم استطلاعات الرأي وهي الولايات التي تقوم بيان حالتها على ما يلى :
ففي ولاية بنسلفانيا التى وزنها فى المجمع الانتخابي يبلغ (20 صوت) وهي الولاية التي كتب فيها الدستور الأمريكي، وهي أحد أهم الولايات المتأرجحة تعتبر ساحة معركة حقيقية فى بيان ماهية الرئيس الجديد، ليس لكونها تمتلك 20 صوتا في المجمع الانتخابي ولا لكونها تعتبر من ولايات حزام الصدأ باعتبارها من الولايات الصناعيه التى يعيش في أريافها البيض بالسمه الجمهورية كما يعيش في وسطها الأعراق بالهوية الديمقراطية، وهى وإن كان يبلغ عدد سكانها حوالي 14 مليون إلا أن حاكم الولاية جورج شابيرو الذي يعد من الشخصيات الديمقراطية القوية يعتبر أحد أهم داعمي هاريس فى الانتخابات الرئاسية، وهو ما كان يعد أحد خياراتها لمنصب نائب الرئيس قبل اختاريها لتيم وولز.
وأما ولاية ميتشيغان التى يبلغ وزنها فى المجمع الانتخابي (16 صوت) وهي الولاية التي تعنى البحيره الكبيره التى تعتبر عاشر ولاية امريكية من حيث عدد السكان، وهي معقل صناعة السيارات حيث مدينة ديترويت، كما تحتوى على اكبر جاليه عربيه ومسلمه بنسبة تصل إلى 1.4% وهذا ما يجعل بيضة القبان في السباق الرئاسي مختزلة في الأصوات غير المحسومة في الحزب الديموقراطي والتي يبلغ عددها قرابة 150 ألف صوت والتى تمثل الأصوات العربية المسلمة ما يجعلها تعتبر فاصلة في السباق الرئاسي، وهو ما يجعل من ولاية ميشغان من الولايات التي يعول عليها في إبراز قوام اللوبي العربي المسلم في الانتخابات الرئاسية.
وأما ولاية ويسكونسن التى يبلغ ثقلها في المجمع الانتخابي (10 أصوات) ويبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة يغلب عليها الطابع الزراعي وان كانت تمتلك صناعات أخرى متممة لجاراتها شيكاغو وديترويت، وهي الولاية التي تعتبر جمهورية تاريخيا نتيجة الطابع الديموغرافي للسكان وأعمال المزارعين الذين في مجملهم منحازين لصالح الجمهوريين وليس كالصناعين الذين في الغالب يصوتون لصالح الديمقراطيين، أما اهتماماتها فهى اهتمامات معيشية وبشكل خاص إضافة لمسألة غلاء الأسعار أو ما يعرف بعلم الاقتصاد بالتضخم.
وأما ولاية نورث كارولاينا التى يبلغ وزنها فى المجمع الانتخابي (15 صوت) التي تعرف بولاية كعب القطران فهى تعد حيث رالي العاصمة وشارلوت من أكبر مدنها ويبلغ عدد سكانها عشرة ملايين نسمة، وأما السمه الغالبة عليها فهى تعد مركزا للبحوث الأمريكية كونها تحظى بأكبر مركز بحوث يسمى مركز المثلث، وهذا ما جعل من رمزية الولاية تدل على الحضاره الاغريقيه والرومانيه حيث ليبرتي و بلنتي او الحرية فى حماية الدستور، وهذا ما يجعل من طابعها يرجح اللون الأزرق على الأحمر لكن ليس بنسبة كبيرة بتفاوت فلسفة الإغريق فيها على علوم الحكمة عند الرومان وما يميزها حقول البطاطا الحلوة بسبب مناخها شبه الاستوائي، وهى موطن البيبسي كولا وموطن برادن مخترع هذا المشروب العالمي.
أما ولاية جورجيا التي يبلغ وزنها الانتخابي (14 صوت) وتعرف بولاية الخوخ المهتمة في مسألة التغير المناخي، وهذا ما يجعل من اللون الأزرق فى هذه الولاية أكثر نفوذا من اللون الأحمر بسبب اهتمامات السكان فيها لهذه المسألة التي لها شأن مباشر فى المحاصيل الزراعية والتى تعتبر أحد أهم العلامات الفارقة لهذه الولاية، وهذا ما جعل من النائب رؤيه رمان تمثل هذه الولاية في مجلس النواب على الرغم من أصولها العربية الفلسطينية نتيجة اهتمام سكانها في مسألة الجريمة لاسيما في مدينة أتلانتا الحضارية.
وأما ولاية اريزونا التى يبلغ وزنها الانتخابي (11 صوت) فان ربع سكانها من أصول لاتينية، لذا فهي مهتمة في موضوع الهجرة، وهذا ما يجعل من كفه الديموقراطيين في هذه الولاية أعلى شأن من الجمهوريين بسبب اهتمامات السكان فيها في هذه المسألة على وجه الخصوص لكون اريزونا تقع في الناحية الجنوبية الغربية للولايات المتحدة، وهذا ما جعلها موطن البحيرات والصحراء والجبال حيث شلال هافاسو الذى يعتبر الأجمل فى العالم حيث سيدونا موطن الأحجار الكريمة ومن أجمل مدنها مدينه فنكس المدينه الارخص فى امريكا.
واما الولاية السابعه فهى ولاية نيفادا حيث يبلغ وزنها في المجمع الانتخابي (6 أصوات) والتى تعرف بـ أرض الأحلام كما يطلق عليها فهى تقع فى غرب أمريكا حيث موطن الهنود الحمر ولان 3/4 سكان هذه الولاية يعيشون في مدينة فيغاس عاصمة المرح والحرية العالمية، فإن اهتمامات سكان هذه الولاية منصبه على الامور السياحيه، وهذا ما جعل الطائر الأزرق يرمز لهذه الولاية لأن فيغاس لا تنام أبدا فإن اللون الأزرق فيها غالبا ما يكون غالب بسبب تدفق الأوكسجين في مدينة فيغاس والذي يبقى الإنسان فيها في حركة دائمة بعيدا عن النوم، وهذا ما جعل من علم نيفادا علم ازرق محاط بإكليل من الزهور بالنجمة الفضية التي تعتبر نيفادا ولاية الفضة العالمية وان كانت تعتبر نيفادا رابع أكبر منتج للذهب فى العالم، وهذا ما جعل من ذهب نيفادا يذهب أموال الزوار فى صالات القمار التى تعتبر صناعتها السمه الرائدة لهذه الولاية.
واستنادا لهذه القراءة الموضوعية فإن اللون الأزرق اجده يشكل صوت الأغلبية من حيث اهتمامات المواطنين وظروف أعمالهم، سيما وان ما يقف عليه الموج الازرق من سياسات أكثر قربا لتطلعاتهم لكن يبقى صوت الترجيح فى بعض الولايات الفاصلة لصوت العرب والمسلمين، وهذا ما يجب على حمله هاريس أخذه بعين الاعتبار بصورة جدية للتعاطي مع مسألة القضية الفلسطينية والمعركة الدائرة فى الشرق الاوسط حتى تستدرك عامل النجاح فى الانتخابات.
هذا لان الطابع الديموغرافي في الولايات يشكل عامل مهم فى ميزان الأصوات الانتخابية بسبب الأعراق البيضاء، وهذا ما يجب أن يأخذ بالحسبان عن بيان المعادلة الانتخابية وتصميم مكيالها من قبل الرئيس بايدن بوقف حالة العدوان فى المنطقة، والذى قد تقاطع كلمته في الأمم المتحدة وينسحب من امامه الكثير من الزعماء فى حال لم يحسم مسالة وقف الحرب على الشعب الفلسطيني ووقف حالة الابتزاز التي تمارسها الحكومة الاسرائيلية في تأجيج مناخات الصراح فى المنطقه التى باتت على شفا حفرة مع دخول الجميع فى حرب اقليمية، الأمر الذى يهدد أمن المنطقة كما يهدد فرص هاريس فى النجاح ونجاحها بات يتعلق بالسياسة العامة التي تنتهجها أمريكا فى المنطقة وهى تشكل “الولاية الجامعه” ضمنيا للولايات المتأرجحة فى الوزن الانتخابي.
فهل يقف الرئيس بايدن الحرب بتسديد كلمة فصل في كلمته الأممية الأخيرة أم تراه يصب في دعم نقاط الاشتباك المحددة مركزيا، هذا ما ستجيب عنه لقاءات نيويورك التى تعقد وسط ظروف تاريخية مصيرية فإما أن تحترم الولايات المتحدة رغبة شعوب المنطقة بوقف الحرب والعودة لبيان مضمون التعايش السلمي على قواعد معروفة العناوين مبنيه بقرارات أممية والا فإن شعوب المنطقة سيكون لها كلمه تستجيب بها لصرخات الأطفال في غزة ليسمعها قادة نيويورك كما تهدر الأصوات الانتخابية في الولايات المتأرجحة بصورة “تقلب عاليها واطيها” وليكن ما يكن في حينها وهو الصوت الشعبي الذي أصبح يشكل أداة ضاغطة على المنظومة الإقليمية والأممية معا الامر الذي اصبح بحاجة لبيان مضمون عند إرساء كلمة الفصل.
ووسط هذه الأجواء المفعمة بالتجاذبات و الغارقة في وحل المعارك والحروب متباينة الزوايا والاتجاهات تأتي مشاركة الملك عبدالله في اجتماع الجمعيه العامه للامم المتحده وقد بدأ مشاركته فى لقاء الأمين العام غوتيريس من اجل الوقوف عند بيان الموقف بالعمل على تشكيل تيار عامل على وقف اطلاق النار بالمنطقة ووقف مناخات التصعيد وهذا ما ستبينه كلمه الاردن المنتظره مع استهلال اجتماع الجمعية العمومية في نيويورك يوم الغد.