بقلم: د. محمود أبو فروة الرجبي
ليس لدينا في الأردن مجال للفشل في التجربة الحزبية البرلمانية الجديدة، لأننا نعيش في ظروف صعبة، ومحيط ملتهب، وبعض القوى، والأفراد في المجتمع ينتظرون فشل التجربة، لأسباب عديدة، فهناك من يخاف من التجربة لأنها قد تضعه على الرف، وتدفع بقوى جديدة أكثر شعبية، وآخرون لا يريدون للتجربة الحزبية أن تتعمق لأنها قد تؤثر على امتيازاتهم، وأطراف تخشى من صعود قوى قد يصبح لها تمثيل حقيقي في البرلمان، وهذا يتناقض مع مصالحهم.
عشنا في بلدنا العديد من التجارب الانتخابية، والحزبية، بعضها تعثر بسرعة، والآخر استمر لفترة أطول، وفي هذه المرة تختلف التجربة بسبب تخصيص 41 مقعدا للقائمة على مستوى الوطن، ومن المؤمل أن تؤدي مثل هذه القائمة إلى تجويد المخرجات، والدفع بالأفضل.
الجميع ينتظر النتائج، ولن تكون هذه بمجرد إعلان الفائزين، بل أيضا بأدائهم داخل البرلمان ليكون مختلفا، وقائما على أسس جديدة، فالمعروف أن تكرار التجربة بالطريقة نفسها، يؤدي إلى التعثر نفسه، وهذا ما لا نتمناه في الأردن.
من مصلحة الجميع في بلدنا أن تنجح التجربة، فماذا يعني وجود برلمان قوي وأحزاب فاعلة في الأردن؟ الأولى هو أن يمارس البرلمان دوره الحقيقي في الرقابة والتشريع، وأن ينعكس ذلك بوجود حكومة ذات برامج واقعية، تعتمد على اختيار النخب الحقيقية في كل المجالات بعيدا عن المجاملات القاتلة التي لن توصلنا إلا إلى الأسوأ.
نحتاج في بلدنا إلى حل مبدع لكل مشكلاتنا، حتى نتمكن من تصليب الجبهة الداخلية، والوقوف في وجه المخططات الصهيونية التي لا تخفى على أحد، ولا تستثني أي دولة في منطقتنا، وأن نوجد بيئة خصبة للاستثمار الداخلي والخارجي، وأن تصبح بلدنا وجهة لأي مستثمر يريد أن يجد مكانا آمنا، مستقرا تشريعيا، خاليا من الفساد، يتمكن من التحرك من خلاله من دون وجود أي معوقات.
يحلم الشباب الأردني ببرلمان يئد الواسطة، ويقصم ظهرها، ويجعل الفرص المتاحة للجميع بغض النظر عن أصله، ولونه، وواسطته، وقوة نفوذه، كي يتمكن الجميع من العيش في الوطن ضمن المساواة الحقيقية الكاملة.
يريد المتقاعدون من البرلمان الجديد أن يعمل على تحسين أوضاعهم، وربط زيادات رواتبهم بغلاء المعيشة، وألا نتركهم فريسة الفقر، والحاجة، وفي الوقت ذاته، ينتظر مليون ونصف المليون مقترض من البرلمان أن يجد معادلة جديدة لتعامل الجهات المالية مع المقترضين، ضمن أسس قانونية واضحة، وألا يتم استغلالهم من أي جهة كانت، وأن يتم تخفيض الفوائد البنكية التي رفعت عليهم، فامتصت السيولة في السوق، وأدت إلى زيادة صعوبات المعيشة عليهم.
الفساد والمحسوبية من أكثر المصطلحات التي يكررها المواطن الأردني، ومن المهم مواصلة محاربتها، وإخبار الناس بما يحصل من جهود حولها، حتى يشعر المواطن أن هناك جهودا حقيقية تبذل في هذا المجال وليكون جزءا من المعركة ضد هذا الوحش الذي لا يدخل بلدا إلا ويعيث فيه فسادا.
يحتاج المواطن الأردني من البرلمان والحكومة معا تسهيل الإجراءات الحكومية، حتى يشعر المواطن الأردني أنه يستطيع أن يحصل على حقه من دون اللجوء إلى «سين» أو «صاد» من الناس، وأنه لا فرق بين زيد ولا عمرو إلا في الإنجاز الحقيقي، والحب المثمر للوطن.
يجب أن تنجح التجربة الحزبية والبرلمانية الجديدة، وتنعكس على حياة المواطن البسيط، وكلما تمكنا من محاربة القوى التي لا تريد للتجربة أن تنجح، وحققنا أحلام وطموحات الشعب الأردني في العيش في بحبوبة، وشعور بالمساواة، الحرية، الديمقراطية الحقيقية والأمل بالمستقبل، نكون قد نجحنا.
الأردن وشعبه الطيب يستحقان كل خير، ونتمنى أن يتحقق ما خرجت به لجنة تحديث المنظومة السياسية وغيرها على أرض الواقع، وقتها نكون قد وضعنا قطارنا على سكة النجاح الذي لن نقبل إلا به.