أخبار ع النار- بقلم: د. حازم قشوع
قتل المدنيين يقابله استشهادين واحتواء التهجير ستتصدى له انتفاضة، هذه هي قواعد الاشتباك في معركة الضفة التى تخوضها جنين في الشمال كما الخليل فى الجنوب وتتوحد فيها كتائب الاقصى والقسام كما الجهاد و ألوية صلاح الدين، ويشتبك فيها أحرار جنين وشباب الخليل وينتفض عبرها رجال نابلس بين عيبال وجرزيم، ليقولوا جميعا لن تمروا من هنا … ولن تنالوا من ارادة شعب أراد الحرية ويريد حق تقرير المصير، وهي جملة البيان التى راح يرسمها الشعب الفلسطيني بالضفة كما عمل على بيانها الشعب الفلسطيني في غزة، وهى تأتى وفق مشهد توحد فيه الشعب الفلسطيني ميدانيا تجاه مقاومة المحتل من أجل تغيير معادلة الظلم والجور والطغيان على الرغم من درجة التباين السياسي القائمة بين هذه التيارات بتنوع مشارب توجهاتها إلا أنها جميعها راحت تتوحد حول فلسطين العقيدة.
اتفق موضوعا ان الظرف السياسي قد لا يكون مواتى مع سفينة النضال الفلسطيني، بل أنه أخذ ما يكون بالاتجاه الاسرائيلي اكثر منه تجاه القضية الفلسطينية بعد انشغال الحاضنة العربية وسط تكهنات حسابية و معادلات إقليمية ورهان البعض منها على معادلات استشرافية قطبيه، وهذا ما جعل من الإيقاع الميداني مغاير للإيقاع السياسي في جملة الأمر والذي أصبح بحاجة لشراء مزيد من الوقت عله الظرف السياسي يتغير بتغير المعطيات وتبدل الظروف الراهنة عندها تستطيع فلسطين بيان بوصلة التوجه وأخذ زمام المبادرة.
لكن مسألة شراء الوقت بحاجة إلى برنامج عمل خاص يقوم على المناحي الإنسانية والمسارات الدبلوماسية من دون الخروج عن الإطار الناظم الذي تقف عليه منظمة التحرير الفلسطينية عنوان إطار جيوسياسي فإن التنقل بين المنازل بهذه الاثناء سيفهم فى غير موضوعه سيما وان الانتخابات الأمريكية البريدية لا يفصلنا عنها سوى أيام، وأن حدود التحرك الدبلوماسي من المفترض أن تكون موزونة لأبعد درجه بين أقطاب باتت متناحرة وليست تتنافس فحسب، وهو ما يستدعي الحيطة عند اتخاذ خطوات وأعلى درجات الحذر حسب وصف متابعين.
وفي المحصلة فإن الشعب الفلسطيني الذي مازال يرزح تحت احتلال منذ قرن من الزمان لن يضيره من إعادة احتلاله من جديد، فالمحتل لا يحتل نفسه كما يحدث الان الا اذا كان يريد تصدير أزمته فقام فتح جبهة اخرى عبر خاصرة الضفة وهي الجبهة المحتلة اصلا بعدما فشل في فتح جبهة الشمال حيث الجنوب اللبناني التي دخلت في طور التحصين بعد التفاهمات الايرانية الامريكية التى تمت فى أصفهان، وهذا ما يعني أن المشهد بات بين ثنائية المواجهة بين فلسطين وإسرائيل التى تتفوق على فلسطين عسكريا لكنها لا تتفوق عليها شعبيا وانسانيا، وهي المعادلة التي ترجح مسألة الانتفاضة السلمية دون عسكرتها لتكون درع مقاوم في مواجهة شبح التهجير.
فان الانتفاضة المدنية وحدها قادرة على مواجهة التهجير كونها لن تكون معركة اشتباك عسكرى ستكون نتيجته مزيد من عناوين من التدمير والتقتيل وهذا ما يجعل من السلطة تحافظ على المنجزات البنيوية التى تحققت كما انها ستكون سلمية تطالب بحرية تقرير المصير و تدعم مشروع اقامة الدولة، وهذا ما يتفق حوله الجميع كما أنها ستسد بذلك الأبواب أمام نتنياهو المأزوم من استخدام السلاح الثقيل لتدمير البنية التحتية في الضفة كما فعل في غزة، بعدما راح يطلب شراء 20 ألف من طائرة درون لملاحقة المقاومين.
كما أن هذا القرار المركزى سيوحد النسق بين التحرك الميداني والتوجه السياسي الفلسطيني، كما أن الانتفاضة السلمية ستكون لها الكثير من المؤيدين والمناصرين فى العالم أجمع، فلقد قدمت ثورة الحجر نتائج لم تقدمها ثورة السلاح في الانتفاضة الثانية، ولا حتى فى حرب غزة … فهل تتوحد كل القوى من أجل ذلك ولتكن هذه الانتفاضة بقيادة فلسطينية وبرعاية عربية داعمة ودولية سانده كونها لا تمانع جميعها على حق تقرير المصير الذي بحاجة لأدوات سلمية وسياسية وليست عسكرية، وبهذا تكون الانتفاضة شكلت خير رد مع برنامج متجانس سياسي وميداني يجابه سياسية التهجير !