الجفت في قرى جرش: مصدر دفء يرتفع سعره

بدأ العديد من الأسر الجرشية، مبكرا هذا العام، بشراء الجفت من معاصر الزيتون والعمل على تخزينه لفصل الشتاء، نظرا لزيادة الطلب عليه وقلة الكميات المتوفرة، لا سيما أنه يعد من مواد التدفئة الأساسية التي يعتمد عليها الكثير من المواطنين في المحافظة لأغراض التدفئة، إلى جانب استخدام مادة الحطب التي يصعب توفيرها وترتفع أسعارها إلى أرقام تفوق قدراتهم المالية.
في الوقت الحالي، تقوم المعاصر بتجهيز الجفت وبيعه مباشرة من المعصرة من خلال التجار أو المتعهدين بأسعار مرتفعة عن المعتاد، نظرا لزيادة الطلب، حيث وصل سعر الطن الواحد إلى 80 دينارا وأكثر في بعض الأحيان، إلا أن المواطنين يقبلون على شرائه كونه مضطرين إلى تخزين أكبر كميات ممكنة منه لفصل الشتاء، خصوصا أن سعر طن الحطب يتجاوز 150 دينارا، “إن توفر أصلا في الأسواق أو من خلال مافيات الحطب”، على حد تعبير المواطن أبو أمجد العياصرة.
وأوضح العياصرة، أنه “اعتاد سنويا على تخزين الجفت في مثل هذا الوقت من كل عام، لا سيما أن مادة الجفت تنتهي من المعاصر ولا تتوفر نهائيا في فصل الشتاء”، مشيرا إلى أن ارتفاع قيمة فاتورة الكهرباء باستخدام المكيفات في التدفئة، وعدم توفر مادة الحطب، وارتفاع أثمان المحروقات، يجعله مضطرا للجوء إلى الجفت مع عجزه عن تحمل التكاليف الباهظة للتدفئة في فصل الشتاء.
وقال “إن تجربة استخدام المكيفات في التدفئة أثبتت فشلها بعدما توجه الكثير من المواطنين في جرش إليها سابقا في مختلف قرى وبلدات المحافظة، نظرا لشدة انخفاض درجات الحرارة والانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي ورفع أثمان الكهرباء، ليبقى استخدام الجفت، هو الخيار الأفضل والأوفر ماليا، لا سيما في ظل عدم توفر الأحطاب في زراعة جرش وتشديد الرقابة على الأحراش ارتفاع أسعاره في السوق السوداء”.
ذلك الأمر، يؤكده أيضا المواطن مؤمن حمدان، الذي قال “إنه قام قبل نحو 5 سنوات باستبدال كامل وسائل التدفئة بالمكيفات، إلا أن استخدامها أثبت ضعفه وعدم قدرته على تدفئة المنزل في حال انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير، بينما واجهته كذلك العديد من التحديات، أهمها الانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي، والارتفاع الكبير في قيمة فواتير الكهرباء”.
وبين حمدان، أنه “وبسبب ذلك، اضطر بالإضافة لاستخدام المكيفات إلى استخدام مدافئ الكاز في أوقات ذروة البرد، لا سيما مع دخول المساء، مما رفع تكاليف التدفئة لتتجاوز 200 دينار شهريا، ليعود مجددا إلى مدافئ الحطب التي يمكن أن تستبدل بالجفت والأثاث المستعمل والملابس القديمة، ويمكن جمع الحطب من الأراضي والمزارع الخاصة التي تحتاج إلى تنظيف”.
وأضاف، “أن تكاليف وسائل التدفئة مرتفعة جدا مقارنة مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنون وعجزهم عن شراء مواد الوقود ذات التكلفة المرتفعة، مما يدفعهم إلى استبدال كافة أشكال وسائل التدفئة إلى استخدام مادة الحطب والجفت المتوفرة في المعاصر”، مشيرا إلى “أن سعر الطن الواحد لا يتجاوز 80 دينارا وسعر طن الحطب الواحد يتراوح بين 100 – 150 دينارا، حسب نوع الحطب المستخدم، فيما يحتاج كل منزل ما يقارب 3 طن من الحطب والجفت خلال فصل الشتاء، خصوصا أن درجات الحرارة منخفضة جدا في محافظة جرش، ولا يمكن الاستغناء عن وسائل التدفئة على مدار الساعة”.
في السياق، يشار إلى أن رقابة مشددة تفرضها الجهات المعنية لمواجهة الاعتداءات على الأحراش لغايات جمع الحطب، خصوصا من قبل من يعرفون بـ”مافيا الحطب”، وسط تغليظ العقوبات بحقهم، ولذلك يلجأ مواطنون إلى جمع الحطب الجاف من الطرقات والمزارع الخاصة ومخلفات تقليم الأشجار، ومنهم من يقوم بشراء الحطب من مصادر مختلفة منها المحال المرخصة، وفي حال كان الشراء من “مافيات الحطب”، فإن العملية تتم بسرية تامة بعيدا عن أعين الرقابة.
وبحسب رئيس قسم الحراج في زراعة جرش المهندس فايز الحراحشة، فإن “مديرية زراعة جرش شددت من إجراءاتها للحد من الاعتداء على الثروة الحرجية التي تتزايد بداية كل فصل شتاء لغاية تحطيبها والاستفادة من حطبها في التدفئة، خصوصا بعد ارتفاع تكاليف التدفئة الأخرى وسوء أوضاع المواطنين الاقتصادية”.
وأوضح، أن “مديرية الزراعة تقوم بجمع الأحطاب الجافة والمتكسرة ومخلفات الحرائق من الغابات، لكن هذا العام كانت الكميات التي جمعت متواضعة لقلة عدد العمال العاملين في فرق السيطرة على عدد الحرائق وتشديد الرقابة على الحراج”.
وأضاف الحراحشة، أن “بداية فصل الشتاء تشهد عادة اعتداء على الثروة الحرجية يتمثل بتقطيع الأشجار، وتقوم المديرية بمتابعة المواقع التي تتعرض للتقطيع على مدار الساعة لحماية الثروة الحرجية، لا سيما أن الاعتداءات ارتفعت في السنوات الماضية، ومن المتوقع أن ترتفع هذا العام، نظرا للظروف الاقتصادية للمواطنين وعدم مقدرتهم على توفير وسائل تدفئة أخرى في فصل الشتاء”.
وأكد، “أن المديرية كثفت دورياتها وكثفت العمل على أبراج المراقبة، وشددت العقوبات على كل معتد، فضلا عن وجود تعاون كبير بينها وبين الجهات الأمنية وتفتيش المركبات ومصادرة أي كمية من الحطب داخلها، لا سيما على مداخل ومخارج الغابات، إذ لغاية الآن لم تسجل اعتداءات على الثروة الحرجية من خلال تقطيعها”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن أشكال الاعتداء تتمثل في القطع والرعي الجائر وافتعال الحرائق”.
وبين الحراحشة، “أن مادة الجفت متوفرة حاليا بالمعاصر وأسعارها مناسبة، والجفت يعد بديلا آمنا وصحيا وفعالا في التدفئة، وهو متوفر في 14 معصرة بمحافظة جرش وفي متناول الجميع ويمكن الاستفادة منه في التدفئة”.
ورفعت مديرية الحراج عدد دوريات المراقبة إلى 10 دوريات، و4 دوريات إضافية هي سيارات مديرية الزراعة والكوادر التي تعمل فيها، وهدفها تغطية مساحة أكبر في المراقبة والتفتيش الدوري للحد من التعدي على الثروة الحرجية، وفق الحراحشة.

إقرأ الخبر السابق

الائتمان العسكري يوزع الأرباح على الودائع

اقرأ الخبر التالي

افتتاح المقرات الانتخابية ينعش الحركة التجارية في مادبا

الأكثر شهرة