بقلم: د. حازم قشوع
تقوم الحكومة الاسرائيلية بمعركة عسكرية وميدانية تهدف لأسرلة القطاع من واقع فرض وجودها العسكري على الحدود المتاخمة لغزة فى رفح وفيلادلفيا، كما تقوم بتقطيع أوصال القطاع إلى كانتونات منفصلة تبدأ فرض واقع جديد في محور نتساريم، وتريد عبر المفاوضات الجارية فى مصر شرعنة ما تصبوا إليه من استحقاقات لغايات لبيان “نصر نتنياهو” عبر الجانب المصري تفاوضيا الذى مازال يرفض كل هذه المقترحات بكل ما فيها من تفصيلات.
اذن اسرائيل تريد الوصول الى ما تريد الوصول إليه سياسيا بعدما أخفقت بالوصول إليه ميدانيا وعسكريا عبر عملياتها الممتدة على مدار سنة والتى حملت فيها عناوين التدمير والتجريف، وهى تستند للغطاء الأمريكي باستفحالها الميداني وتنمرها الدبلوماسي عندما قامت بالاستخفاف بكل القوانين والأعراف وحتى المحاكم الدولية كونها تقوم على استخدام سياسة قانون القوة ولا تخضع لسيادة قوة القانون.
لذا فهى تريد عبر المفاوضات الجارية لفرض سياسة الأمر الواقع لإعادة احتلال قطاع غزة، ومن ثم القيام بعملية التهجير الطوعي والقسري للسكان بعدما جعلت من حالة القطاع منطقة طاردة لأهلها نتيجة تدميرها لكل البنية التحتية والخدماتية وتفشي الأمراض والأوبئة في اجواءه مكونة بذلك بيئة مساعدة للتهجير الطوعي والقسري، اضافة الى تلبد غيومها الطاردة بسياسة التجويع والترويع التى تنتهجها آلة الحرب الاسرائيلية عبر حرب الابادة الجماعية.
وفى المقابل تقوم المقاومة الفلسطينية في غزة بحرب استنزاف طويلة الأمد تستهدف من ورائها لأضعاف الهيكلية الاسرائيلية عبر انهاك قواها العسكرية والأمنية وتجميد أصولها وإضعاف قدراتها الاقتصادية وتشكيل بيئة نزوح شبيه بتلك التي تكونها إسرائيل بالقطاع وتستهدفها في الضفة و تتكىء على المحيط المقاوم المؤيد لها روسيا من مركز إيران والمناصر لها تركيا كما من محيطها الشعبي وهو ما جعل الجميع يقف عند نظام ضوابط وموازين محدد لا تستطيع إسرائيل تجاوزه لعدم قدرتها الذاتية لتجاوزة وهي تريد من امريكا ان تخوض الحرب نيابة عنها لكن أمريكا تعتبر المنطقة جميعها جزء من نفوذها وترغب بالذهاب الى حيث الصين موقعه اقتتالها الاستراتيجية.
الأمرالذي يجعل من الحالة التفاوضية السائده تدور حول القشور ولا تدور بالجوهر، فهي تتحدث عن سيادة اسرائيلية معلنة على الحدود المصرية مع انها كانت موجودة بشكل أوسع لكن مخفية في السابق وكان محور نتساريم مراقب بالكاميرات المداريه، وهذا ما يجعلنا نطرح سؤال استنكارى إذا على ما ماذا كل هذه الخلاف الذى يبدوا مستعصى على طاولة المفاوضات مع أنه لا يبدو كذلك بالواقع كما تشير المعطيات .
فإذا كانت الأمور اصلا مقضية بالجوهر وحتى تلك المتعلقة منها بمسألة تبادل الاسرى بكل تفاصيلها، اذا لما هذه المماطلة والى متى ستستمر عملية التسويف، فهل اتفق الطرفان على تسليم هذا الملف للرئيس ترامب عند وصوله للبيت الأبيض ؟ والذى لن ياتى حسب “استطلاعات الرأي”، لكنه إن لم يحدث ذلك فإنه سيعيق تشكيل ما يعرف ب (تحالف كريبتو) الذى يشارك فيه (ترامب وبوتين) بالإضافة إيلون ماسك ونتنياهو وبعض الرموز العربية فإذا كانت هذه الرموز جميعها مشاركه بتحالف كريبتو (العملة الرقمية) فان وسائلها وأدواتها ايضا ستكون داخله بطريقة عضوية وكذلك بالجوهر الاستراتيجي للعمل كما فى بيان ادواته وسياساته … أليس كذلك !
والى حين بيان الأمر ستبقى المنطقة تدور فى حالة شراء للوقت بين لاعبين متضادين بالعلن و شريكين بالخفاء، وقد قررا الوصول بالملف الى دونالد ترامب على اعتبار ما سيكون، وهذا ما يجعل من موضوع حرب الاستنزاف معركة بحاجة الى جملة بيان وعلامة توضيح بعد التصريحات التي أدلى بها سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي في هذا الخصوص تجاه عدم رغبة الأطراف في وقف الحرب على غزة أو في حالة التصعيد على الضفة التي بدأت بعد ضربة الجزاء التى سددها حزب الله في العمق الإسرائيلي على مرئى من الدفاعات الأمريكية، وهو ما يظهر حجم التوافق ويجعل الجملة برمتها تكون محط استفهام تجاه فرض سياسة الأمر الواقع، كما هي محط شك وعنوان ريبة باعتبارها تستهدف تغيير الواقع الجغرافي عبر مناخات تصعيد وتهجير.
فكلما اقترب موعد الانتخابات الأمريكية سنشاهد حالات تنمر كتلك التي بينتها ولاية جورجيا المتأرجحة بعدما استكانت ميتشيغان ديموقراطيا كما نيفادا، بسبب تدخلات تحالف الكريبتو، وعلى صعيد متصل يقوم نتنياهو باجتياح الضفة الغربية بعدما سدت كل المنافذ أمامه في غزة وأصبح لا خيار أمامه غير سماع صوت مؤسسته الأمنية والعسكرية التي نصحته بالكف عن منهجية التسويف المتبعة.
وهذا ما يجعل المنطقة تعيش جزء من كل الحاله الانتخابية السائدة في الولايات المتحدة التي تمثل القطبين بعنوان الأحادية والاستمرار الذي تتزعمه هاريس والطيف الأزرق وترامب باللون الأحمر بعنوان التعددية ببيان تحالف الكريبتو الذي أعلن عن شكله العام من دون تفاصيل وبيان مضمون جملة القول التى ذكرت، وأما الموضوعية في الطرح فإنها ترى “كامالا هاريس رئيسا” وهى ترجوا من تحالف كريبتو المعذره.