بقلم: د. حازم قشوع
من الطف القيادات الفلسطينية دماثة في الخلق والتخلق والأخلاق، وأحد مؤسسي حركة التحرر الوطني الفلسطيني فتح، وهو رجل المهام الصعبة القادر على فتح الأبواب الدبلوماسية المغلقة، وكما هو القائد السياسي الحكيم فلقد كان رحمه الله رجل المبادىء الصلبة فهو فتح التأسيس وفتح الثورة وفتح العرب لقربه من كل القيادات العربية وعظيم إيمانه بعروبة القضية وحرصه الراسخ على منطلقاتها العربية بروافعها وحواضنها الاصيله.
فاروق القدومي هو بوصلة السياسة الفلسطينية منذ انطلاقة الثورة، واحد عنواينها كيف لا وهو رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية، وإن كان قد عارض أوسلو لعدم إيمانه بالمرحيلة لكنه أكد تمسكه دائما بمنطلقات الثورة ورجالاتها ومن كان معهم منذ بداية التأسيس فى حمل لواءها حيث شارك مؤسس الثورة وزعيمها وأول رئيس للدولة الفلسطينية المرحوم ياسر عرفات وصلاح خلف ابو إياد وخليل الوزير أبو جهاد والرئيس الفلسطيني محمود عباس في حمل شعلة الثورة التى مازال وقودها لم ينطفىء وسيبقى وهاج حتى التحرير والاستقلال.
ولد فاروق القدومي في نابلس ودرس الابتدائية والثانوية في يافا وخرج ليلتحق بالجامعه الامريكيه بالقاهره التى تخرج منها فى العلوم السياسيه ليعمل فى ما بعد فى ليبيا فى هيئة الاعمار في وزارة النفط السعودية وفى وزاره الصحه الكويتيه وعاش فى دمشق والعراق كما لبنان وكانت وفاته فى عمان التى احبها واحبته، وهو ما جعل من سيرته كما منهجيته مسيرة عنوانها الوحدة العربية.
ابو اللطف هو عضو اللجنة التنفيذية منذ 1969 وعضو في المجلس الوطني الفلسطيني ورئيس الدائرة السياسية منذ 1973 وهو مسؤول دائرة الشؤون الخارجية في منظمة التحرير حيث ساهم بتعزيز علاقات منظمة التحرير مع الدول العربية كما كان له الدور الأبرز فى تطوير هذه العلاقة مع الاتحاد الروسي، وهذا ما جعل من أبو اللطف يوصف بصاحب الحكمة السياسية والوزن الدبلوماسي الثقيل في منظمة التحرير كما في حركة فتح ومن رجال فلسطين المخلصين الذين وقفوا على المبادئ والقيم التي انطلقت منها الثورة الفلسطينية من أجل التحرر والاستقلال ومن أجل الحفاظ على الكيان الفلسطيني المستقل.
وإذ تنعى الثورة الفلسطينية ممثلة بزعيمها محمود عباس رجل الحكمة وصاحب الخلق الرفيع فاروق القدومي، فان حركة فتح ستبقى كما عاهدت الأمة ولادة تقدم الرجالات لفلسطين كما تقدم للثورة الفلسطينية طرق ومسارات للمقاومه منها ما هو ميداني وآخر ما هو سياسي ودبلوماسي وقانوني واقتصادي ومعيشي لكن جميعها تصب من اجل ادامة الثورة الفلسطينية لتبقى كما القضيه الفلسطينيه شعلة وضاءة فى سماء التحرير وقبس منير لمنهجية عمل تقوم على الثبات والصلابة من أجل الاستقلال.
وهو الطريق الذي حملته حركة فتح ومازالت، وهو المسار الذي شيدوه رجالاتها الذين آمنوا بعروبة فلسطين وعملوا من أجل العودة إليها بكل قناه ممكنه حتى لو كانت قناة أوسلو لتعود المقاومة الفلسطينية تقاوم على الأرض الفلسطينية وتقدم حاله ثبات بينتها جنين كما غزه كما كانت حاضرة بالانتفاضة الأولى والثانية وبوقود الثالثة حتى غدت الثورة الفلسطينية نموذج ماثل لارادة شعب أراد الحياة يناضل على ارضه للوصول الى حقه فى تقرير المصير وبناء الكيان الفلسطيني المستقل.
وهو النموذج الذي آمن به الراحل فاروق القدومي وعمل على بيانه طيلة مسيرته مقدما ما بوسعه من اجل انجازه ومن أجل وضع فلسطين على الخارطة الدولية كما دأب ليقول دائما، وإذ نترحم على ابو اللطف ونعزي أهله وذويه والقيادة الفلسطينية بفقدان رجل العطاء والحكمة فإن عزاؤنا موصول لأن فلسطين ستبقى ولاده كما حركة فتح ستبقى غلابه وستبقى تدير المعركة بحكمه ومنهجية عمل متزنة من أجل أيقونة الحرية فلسطين ومن أجل تجسيد الحلم الفلسطيني بقيام الدولة وعاصمتها القدس، فالسياسه تبدأ بفلسطين ولن تنتهي بترجل قائد سياسي مكرم وكريم.
ان الضفة الشرقية لنهر الأردن عنوان القدسيه والخلود، وهي تواري جثمان الفقيد وتشاطر الضفة الغربية مصابها الجلل، فإنها تؤكد دائما على ثابت محتوى مفاده يقوم على عروبة الضفتين حتى لا يفصل بينهما فاصل مهما حاول الاحتلال الزج بفرق عسكرية لبيان ذلك، فالاردن لن يكون إلا مع بيت المقدس فهو حاضنة الملتقى وعنوان المبتغى لحضارة أمة أصلها حاضر منذ قيامه نوح وسيبقى حاضرا إلى قيامة المسيح بهاشميه الظل وقدسية الظلال.